أخبار السودان

ماذا بعد سلسلة الاعتقالات و إطلاق سراح القائد الشيوعي المهندس صديق يوسف؟! ؟

د.محمد مراد

التي تعرض لها يعتبر يوم الحادي عشر من شهر يناير الجاري يوماً فريداً من أيام أسرة المناضل صديق يوسف الصغيرة المكونة من زوجته الصابرة الصامدة السيدة درية و أبنائه ثنية و أسامه و مهلب و هشام .
عندما أطلق سراح صديق و عاد إلى منزله شامخاً مرفوع الرأس ،عمت الفرحة جميع أفراد ألأسرة الممتدة ذات التاريخ الاجتماعي و السياسي و المهني العريق المشرف ،التي أنجبت رجالاً عظام يعتد و يتشرف بهم الشعب السوداني.أذكر على سبيل المثال مولانا عبد الرحمن النور و مولانا الشيخ محمد إبراهيم النور و الدكتور العالم فاروق محمد إبراهيم و الأستاذ سليمان و الشيخ الجليل يوسف النور والد كل من صديق و المحامي عثمان ،عند سماع خبر إطلاق سراح صديق تقاطر على منزل الأسرة عدد مهول من أفراد المجتمع ثم الرفاق و الأصدقاء و القوى السياسية مهنئين و مباركين بالعودة و السلامة من قبضة الحاقدين المجرمين.إن أكثر ما يخيف و يدخل الرعب في قلوب المسئولين في نظام الإنقاذ هو وحدة المشاعر النبيلة و المقاصد التي يتمتع بها أفراد المجتمع السوداني الذين رفضوا الانصياع و الامتثال و الانقياد لسياسات و مخططات و مشاريع الجبهة القومية الإسلامية التي لم تجلب خيراً سوئ الفقر و الإملاق و الدمار و الخراب و سفك الدماء على مدى أكثر من سبعة و عشرون عاماً عجافاً عند سماعنا خبر إطلاق صديق اتصلنا به مباشرة هاتفياً و عبرت له عن سرورنا و فرحتنا بإطلاق سراحه و تمنيت له أن تكون هذه المرة هي الأخيرة في مسلسل الاعتقالات و التحديات التي لم نستطيع حتى اليوم أن نضع لها حداً.
كعادته ردا علي بصوته الهادئ و كلماته الرصينة المرتبة التي تعبر عن السكينة و نوع من الاستقرار تيقنت أن الرجل ما زال رابط الجأش و أن الاعتقال لم يزعزع ثباته و صموده. قبل أن يتم ألاتصال بيني و بين صديق كان يجول في خاطري سؤال يؤرقني و يؤرق كل أبناء و بنات الشعب السوداني شيباً و شباباً ألا هو: إلى متى يستمر هذا الحال المتردي الذي نحن فيه في ظل نظام الإنقاذ الذي سلب الشعب حريته و كرامته وجعل من بلادنا ساحة للحرب بدلاً من أن تكون ساحة للسلام و الأمن و الاستقرار.
طرحت على صديق السؤال الذي يؤرقني كما ذكرت سابقاً و هو العنوان الذي اخترته عنواناً لهذا المقال و هو :ماذا بعد سلسلة الاعتقالات و إطلاق السراح الذي تعرض لها ؟ أجابني مباشرة دون أن يفكر طويلاً قائلاً :نحن نعيش اليوم في ظل نظام أغتصب السلطة بالقوة و بني مؤسسة دورها الأساسي المنوط بها هو قهر الشعب و الدفاع عن السلطة و حمايتها. المؤسسة هي جهاز أمن النظام الذي يختلف تماماً عن كل الأنظمة الأمنية التي كانت سائدة في العهود الماضية.أشار إلى تجربة الاعتقال أثناء الدكتاتورية العسكرية الأولى عام 1958 تحت رئاسة الفريق إبراهيم عبود حيث تم اعتقال خمسة عشر من رؤساء و قادة الأحزاب السياسية كان من بينهم عبد الخالق محجوب و السيد الصديق المهدي و رحلوا إلى جنوب السودان في ناقشوط . لم يدم اعتقالهم طويلا و أطلق سراحهم و عادوا من جديد يمارسون العمل السياسي المعارض. استمر الوضع هكذا اعتقال – إطلاق سراح و العكس صحيح دون تغيير جزري يذكر في الحياة السياسية إلى أن جاء نظام الديكتاتور نميري و أعقابه نظام الإنقاذ الذي أسس لبناء دولة ظلامية شعارها الإسلام هو الحل بقيادة وسيطرة جماعة الأخوان المسلمين تحت يافطة الجبهة القومية الإسلامية.
الانقلاب العسكري في يونيو 1989 أسس لبناء أجهزة الدولة الجديدة و في مقدمتها جهاز أمن النظام الذي أصبح مؤسسة تملك كل الإمكانيات و الوسائل لقهر الناس و مطاردة و معاقبة و تصفية المعارضين للنظام.هكذا أصبح للنظام مؤسسة راسخة تحميه ظلت باقية و لن تزول إلا بزواله .بناءً عليه سيظل سيف الاعتقال مسلطاً على رقاب كل من يسعى و يحاول مقاومة النظام حتى و إن كان ذلك بالطرق السلمية تلك هي قناعة راسخة توصل إليها القائد الشيوعي المناضل صديق بعد تجربة طويلة في العمل السياسي امتدت منذ شبابه و تواصلت حتى اليوم و قد بلغ الخامسة الثمانون من عمره . حسب تقديري أن بلادنا تمر بمنعطف خطير و أن السلطة تخشى الانهيار بعد تجربة العصيان المدني الناجحة و التي تشير بوضوح غلى أن قوة المعارضة إذا ما وحدت صفوفها و قوي عودها ستنزل بالنظام هزائم ماحقة تؤدي في النهاية إلى زواله لا محالة في ذلك .
جهاز امن النظام يمارس سياسة الموت البطئ ضد المعتقلين خاصة كبار السن الذين يمتلكون التجربة و الخبرة و المعرفة القادرين على فضح و كشف عيوبه و تحديد جرائمه ضد المعتقلين .إن النظام يهدف للحيلولة بينهم و بين الإشراف الطبي بواسطة الأطباء المتخصصين و منع وصول الأدوية المنقذة للحياة و الذين يعانون من أمراض خطيرة كمرض الكلى و ضغط الدم و السكري.الأستاذ فاروق أبو عيسى و الدكتور أمين مكي مدني منذ فترة اعتقالهم و تقديمهم للمحاكمة و بعد أن برئت ساحتهم و أطلق سراحهم ظلا يترددان على العلاج و السفر إلى الخارج المكلف . الأستاذ فاروق مكث عدة شهور بالمستشفى في بريطانية و الدكتور أمين مكي مدني خضع للفحص الطبي بباريس ثم برلين و عند رجوعه إلى الخرطوم تعطلت كليتيه و عندما هم بالسفر إلى القاهرة للعلاج لإجراء عملية نقل الكلية منع من السفر و صودر جواز سفره.إن سياسة النظام و جهاز أمنه التي تستهدف رموز قادت حركة المعارضة و التي تهدف إلى تصفيتهم ما زالت تواصل الاعتقال بشراسة دون توقف . إن الاعتقالات التي تمارس ضد القادة النقابيين ما زالت مستمرة و تتوالى .بألامس القريب تم اعتقال المهندس عباس السباعي و القائد النقابي الصادق زكريا .أما شباب من الجنسين نساءً و رجالاً ما زالوا يتعرضون للملاحقة و الاعتقال و التعذيب و التشريد. منذ انتفاضة سبتمبر 2013 و حتى اليوم. السلطة تعلم أنهم وقود الثورة و أمل المستقبل. لذلك تمعن في استهدافهم و اعتقالهم و ممارسة العنف و التعذيب ضدهم خاصة بعد العصيان المدني الناجح .إن قضية توحيد صفوف قوى المعارضة على المستوى القيادي و القاعدي أصبحت مسألة عاجلة لا تقبل التأجيل. و لكي تصبح الوحدة راسخة و ثابتة لا بد أن تعتمد على برنامج عمل يلبي احتياجات و متطلبات حركة المعارضة الجماهيرية في الوقت الحاضر .
في مقدمة البرنامج حسب اعتقادي العمل على إيقاف نزيف الدم نتيجة الحرب المشتعلة في دارفور ،جبال النوبة،كردفان، والنيل الأزرق الأمر الذي من شأنه أن يقود إلى إنهاء الأزمة الوطنية المستمرة المستفحلة في البلاد .
د/محمد مراد
براغ
17-01-2017

تعليق واحد

  1. التحيه للمناضل صديق يوسف و لكل جسور صامد و مهما تطاول الليل فلا بد فجر الحريه قادم و قول لي ملامحك يا حراز ريح العوارض غربت و فرتق ضفايرك في الرزاز جية العصافير قربت

  2. التحيه للمناضل صديق يوسف و لكل جسور صامد و مهما تطاول الليل فلا بد فجر الحريه قادم و قول لي ملامحك يا حراز ريح العوارض غربت و فرتق ضفايرك في الرزاز جية العصافير قربت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..