العلماء والفقراء

العلماء والفقراء

– د.عبد اللطيف البوني

كثيرة هي معايير الدولة الفاشلة ومعايير الدولة الناجحة وكثيرة هي المؤشرات التي نعرف بها الحكم الناجح من الحكم الفاشل ولكن كلها تتفق على أن المعيار الأساسي هو أمن وسلامة ورفاهية المواطن أما تجليات هذا الأمر فتختلف من مذهب لمذهب ومن بيئة الى أخرى ومن شخص الى آخر لذلك استملحت قول أحد الأساتذة في إحدى الفضائيات المصرية أنه يحكم على نجاح الدولة أو فشلها بوضع العلماء والفقراء فيها فإن استطاعت الدولة تقليل عدد الفقراء وعملت على إخراجهم من ربقة الفقر فإن هذا يعني أنها دولة رعاية ناجحة بالإضافة الى أنها متطورة اقتصاديا. أما اهتمام الدولة بالعلماء فيعني أنها تهتم بالعلم والبحث العملي فهذا يعني أنها دولة مهتمة بمستقبلها.
معايير الفقر العالمية كثيرة جدا تبدأ من الذي لا يجد قوت يومه وتنتهي بالذي لا يملك وسيلة إنتاجه (يجدع الكلب بارك من الفاقة) وبينهما عدم الأمان في المأكل والملبس والمأوى والصحة. أما من هو العالم فالمعايير هنا أيضا على قفا من يشيل ولكننا ولأغراض هذا العمود سوف نحصر العلماء في أساتذة الجامعات لأنهم هم الذين يعلمون ويدربون أي يجيزون شهادات مافوق التعليم العام , فالتعليم العالي هو العتبة النهائية التي تؤهل المواطن لتحمل المسؤولية العامة وهذا لا ينفي صفة العلماء من آخرين بما فيهم التكنوقراط والخبراء والمعلمين في كافة مجالات الحياة.
طيب بعد هذه الرمية الطويلة دعونا نرى حالة الفقراء والعلماء في دولتنا السنية ثم بعد ذلك نحكم لها أوعليها فالفقراء في بلادنا من حيث العدد تقول الإحصاءات الحكومية أن عددهم قرابة الخمسين في المائة بينما تقول بعض الدراسات المستقلة إنهم يفوقون التسعين في المائة وعلى كل لاخلاف في كبر حجمهم والأسوأ أن عددهم في تزايد فالنسبة كل عام مرتفعة هذا من ناحية أفقية ويكفي أن الطبقة الوسطى (حتلت) كلها وأصبحت في عداد الفقراء أما من ناحية رأسية فحدة الفقر تجاوزت بيع الثلاجات والتلفزيونات الى بيع الكلى ومن أجل العلاج محاولات الدولة لتخفيف حدة الفقر أثرها محدود جدا هذا إن كان لها أثر فكل (صناديقها) مشلولة هذا إذا لم نقل منهوبة والأمثلة على قفا من يشيل (غايتو الخير والبركة في روح التضامن( الباقية) في المجتمعات السودانية) حيث يقتسم الناس اللقمة والنبقة ونبقة ذاتها.
أما العلماء والذين حصرناهم في أساتذة الجامعات ففي بعض الكليات أصبح عدد الأساتذة الذين تعاقدوا للعمل بالخارج أكثر من الذين يعملون بها الآن لماذا ؟ لأنه طالما أن مرتب مدير بنك يساوي كل مرتبات أساتذة الكلية مع أن فيهم من درسه في أولى جامعة (هسي في زول جاب سيرة مرتب محافظ بنك السودان وقارنه بمرتب مدير أكبر جامعة ؟ ولا في زول جاب سيرة حقوقهم في نهاية الخدمة او معاشهم الشهري ) نحن هنا لم نتاول البحث العلمي وما خصصته له الحكومة من مال لأنه أصلا هذا الأمر لاوجود له وليس في أدبياتنا ما يعرف بالبحث العلمي وهذا الغياب لهذا الأمر حول الجامعات الى ثانوي عالي جدا ولاعزاء للباحثين الأكاديميين.
إذن ياجماعة الخير عبقرية دولتنا السنية أنها استطاعت أن تجعل من العلماء والفقراء طبقة واحدة وهي طبقة الفقراء إذن معيار الحكم من خلال فئتي العلماء والفقراء لايعمل هنا فابحثوا عن معيار آخر.

السوداني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..