اذا اسند الامر الى غير اهله!!!

إذا ما أُسْنِد الأمر إلى مَن لا يحسنه وليس كُفْئًا له، فاعلم أنَّ قيامة هذه الأُمَّة قد آن أوانُها، وحان زمانُها، ولن تقوم لها قائمةٌ بعد ذلك ، ففي كثير من الولايات في السودان نلحظ أن بعض الوزراء الذين تم تعينهم ليسوا من ذوى الاختصاص ، اللهم الا انهم ينتمون الى حزب او قبيلة او جهة ، وايضا ادارات المؤسسات الخدمية والتعليمية والتربوية تجدهم من ذوي الدرجات الدنيا وليس لهم أدنى خبرة او دراية بأسس الادارة او المحاسبة أو انهم ليس لهم صلة بالمجال الذي هم فيه ، مما دربك دولاب الخدمة وجعل عاليه سافله ، واصبح المواطن يحس ويشعر بما اعترى أقوي نظام للخدمة المدنية كان سائدا بالبلاد .
ومن اوجب الواجبات اسناد الوظائف والأعمال لمن هو أكثر خبرة بها، وهو الموصوف في القرآن الكريم بالقوي الأمين مستشهدين على ذلك بقوله تعالى: “إن خير من استأجرت القوي الأمين”، وقوله تعالى ” أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامكم هلأهلها، وإن لم يوجد الكفء المطلق فيجب أن يسند الأمثل فالأمثل، وإلاَّ كان المسؤولون آثمين حينما يضعون الرّجل في المكان غير المناسب لأهليته، لأنَّ جهله بالتكاليف وضعف خبرته ستنعكس سلباً وفساداً في الواجبات المكلّف بها.
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها*** فكيف إذا الرعاة لها هم الذئاب
كما يجب على الحكومات طالما وصلت إلى سدة الحكم أن تعامل الناس سواسية بغض النظر عن رؤيتهم الحزبية والتنظيمية فالإسلام يعامل الناس معاملة واحدة ولم يفرق بين عربي وأعجمي إلاَّ بالتقوى والعمل الصالح.. وهذا ما يجب أن تتبعه جميع الانظمة عندما تتبوأ المناصب العليا في البلاد ويضعوا حكم الله بين أعينهم .
ففي بلادنا يختل النظام ويبنى على أسس حزبية او قبلية او اخوانية دون مراعاة للدور المنوط للمكلف القيام به فمثلا نجد على رأس وزارة معينة من ليس له علاقة بشئون المهنة والوظيفة فيعين لها زراعي او عسكري او معماري وهكذا، ومؤسسات الخدمة المدنية تجد على رأسها من هم اقل درجة واقل خبرة واقل تجربة مما يعود بالخراب بدل النماء.
فلا احد يشك في ولاء هؤلاء أو اولئك وفي حبهم للعمل ولا في وطنيتهم الغيورة ولكن نشك في كفائتهم وقلة معرفتهم في المجال الذي لم يتخصصوا فيه .
فالاهتمام والاستعانة بالكفاءات كل في مجاله من اهم مقومات تنمية البلاد والحفاظ على مكتسباتها فالمستعمر حين دخل السودان,دخله بجيش قوامه المهندسين والاطباء والزراعيين وغيرهم من التخصصات, ليضع في كل مجال تخصصه المطلوب ليكون على دراية ومعرفة وصولا لمرحلة الاتقان ، فرأيتم كيف كانت دفة العمل تسير وكيف اسس المستعمر كلية غردون التذكارية ليتخرج فيها عمال وموظفين مهرة ليضعوا كل واحد في مجاله .
إن مناسبة الشخص لوظيفته تنطبق على كل مستويات العمل وعلى مختلف أنواع الأشخاص، فتبدأ من أعلى المناصب في الدولة ولغاية أقل الأعمال شأناً فيها، كما ان الموقع أو المركز‏ مسؤولية وليس امتيازاً, بل يجب ان تكون هناك أسس معينة تطبق وتعتمد فيها معايير الكفاءة والمقدرة والنزاهة وتحمل المسؤولية بعيداً عن أية‏ اعتبارات شخصية أو عشائرية أو أية محسوبية كخطوة أولية ومقدمة ضرورية ولازمة في مسيرة الإصلاح والتطوير ، وإن تقدم المجتمعات وتطورها رهينة بالاختيار السليم لقياداتها وخاصة في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية القادرين على الابتكار والإبداع وتطوير العمل بشكل مستمر مستفيدين من التطورات العلمية والتقنيات الحديثة التي تقدم الجديد والتي أصبحت في متناول الجميع بفضل التقدم التكنولوجي, وعلينا نحن ان نطبق هذه المبدأ في اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب لان هذا هو الطريق الصحيح والوسيلة الناجعة لنا نحن كي نتقدم ونطور اقتصادنا ومجتمعاتنا .
وبكل أسف، ما يحدث في مجتمعنا الآن هو انتشار للمحسوبية وتغييب لاصجاب الحق المستحقين ، فعندما يتم وضع الشخصى غير المناسب في مكان لا يتناسب وقدراته وامكاناته إضافة إلى مؤهلاته تكون النتيجة أن موقع العمل الذي وضع فيه لا يمكن أن ينجز مهامه ولا يمكن أن يتم فيه أي شكل من أشكال التطور والتحسين، لكون المفاهيم الخاطئة لا تزال تسيطر على عملية الاختيار للمناصب القيادية ومعايير التعيين وكثير منها تخضع لاجراءات مخالفة حيث يتم تعيين شخص لشغل وظيفة قيادية اعتمادا لمكانته من فلان أو انه ابن فلان او قبيلته او انتماءه وهكذا
فمن البديعي الا تسند الوظيفة إلاَّ لمن هو أهل لها، لغرض أن تبرز كفاءته وصفاته فانظر الى قول المصطفى (ص) في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم وأحمد عن أبي ذرٍ رضي الله عنه، قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَىَ مَنْكِبِي. ثُمّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرَ إنّكَ ضَعِيفٌ وَإنّهَا أَمَانَةٌ، وَإنّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إلاّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقّهَا وَأَدّى الّذِي عَلَيْهِ فِيهَا

ومعنى الضعف الوارد في الحديث هو العجز عن القيام بوظائف الولاية . وفي حديث اخر يرويه الحاكم بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ استعمل رجلاً من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين)) وفي هذا يقول الإمام الزمخشريُّ: إذا اجتمَعَت القوة والأمانة في القائم بأمرك، فَرَغ بالك، فإذا تولَّى القويُّ الأمين مصالح الناس، استراحَتْ قلوبهم، وقَوِيت علاقاتهم، وتحسَّنت أحوالهم، وانمحت الخيانة من حياتهم .
جاء في الحديث الشريف أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موعد قيام الساعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها يا رسول الله قال إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)
فإن تطبيق قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب لا تشمل فقط المناصب العليا القيادية في الولاية بل أنها تتوافق مع كل مستويات الوظائف الموجودة ، فإن تنظيم هيكل الوظائف يعتمد على وجود مواصفات فنية أومهارية أوعلمية لكل مستوى من هذه الوظائف تعتمد بالأساس على نوع المورد البشري المؤهل لشغل المسؤولية في كل واحدة من هذه الوظائف ..

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..