سياسة تدميرية

قبل العام 1989 كانت أغلب المهن الهامشية الموجودة الآن إن لم تكن كلها غير موجودة، مثل بيع الشاي في الطرقات والعمل في الدرداقات والكثير من المهن التي تعج بها الشوارع وكل يوم يظهر الجديد منها، حتى أصبحت قطاعاً أكبر عشرات المرات من كل القطاعات الأساسية مجتمعة ويتمدد، ورغم ذلك الحكومة تغض الطرف عنها بل وتدعم توسعها حتى تحول الأمر إلى فوضى عارمة ثم أصبحت تعالجها بالكشات ومصادرة الممتلكات والغرامات والتصاريح المؤقتة، كل هذا من أجل الحصول على المال الذي فقدته بسبب انهيار القطاعات الحيوية الثلاثة الزراعي والرعوي والصناعي.
وبدلاً من أن تعالج المشكلة بطريقة علمية لتصرف على نفسها وعلى الدولة إن كانت تصرف عليها فعلاً، لجأت إلى سرقة المواطنين بالقوة والقانون من خلال جبايات ابتدعتها لوحدها، جبايات لا يمكن لأحد مهما كان خياله خصباً أن يتخيل أن هناك حكومة في الدنيا يمكن أن تفكر فيها وفي طريقة جمعها الغريبة إن لم تكن تقصد تدمير هذه الأمة. منذ أكثر من عقدين من الزمان انتشرت بائعات الشاي في الشوارع بحثاً عن لقمة عيش كريمة بعد أن فقدن العائل أو ضاق بأسرهن الحال، ولم تفكر الحكومة في معالجة اقتصادية قومية تضمن للأسر حياة كريمة حتى لا تضطر النساء إلى العمل في الشوارع وحتى لا يزداد عددهن، ولكن أول ما بدأ العدد يتزايد انفتحت شهية الحكومة ممثلة في المحليات للاستفادة منهن ففرضت عليهن رسوماً، ثم أصبحت تؤجر لهن حتى المقاعد ثم حولتهن إلى استثمار أكبر، حيث يتم عرض أماكن تواجدهن في عطاءات، من يرسو عليه العطاء يدفع مبلغاً محدداً من المال للحكومة، ثم يتولى جباية المال منهن وما زاد عن مبلغ العطاء تعتبر أرباحه التي قد تكون أضعافاً مضاعفة. نفس السيناريو حدث مع عمال الدرداقات التي بدأت قليلة ثم تزايدت بزيادة ضنك المعيشة الذي أدى إلى تسرب الأطفال من المدارس والشباب من الجامعات وعطالة الخريجين، إلى أن أصبحت مهنة تضم عشرات المئات من الأطفال والشباب بمختلف فئاتهم، وأيضاً لم تفعل الحكومة شيئاً لتعيد هؤلاء الأطفال والشباب إلى المدارس والجامعات وتوظف الخريجين في مهن أفضل بل تركت الأمر يكبرُ، وحيثما كثر عددهم زادت الجبايات حتى جعلت لها إدارات في الأسواق، ووضعت عليها لافتات دون خجل كتب عليها (إدارة الدرداقات) ثم طرحتها في عطاءات بنفس الأسلوب الذي اتبعته مع (بائعات الشاي)، ودخل المجال رجال أعمال بامتلاكهم لعدد من الدرداقات أطلق عليهم متعهدو الدرداقات. بالأمس كشف عدد منهم من المتعاقدين مع محلية أم درمان الكثير من التجاوزات في عطاء التشغيل للعام2017، وأقروا بمشاركتهم في تلك التجاوزات، ولسنا بمجال أن نشرح تلك التجاوزات، ولكن هذا النوع من العطاءات يوضح مدى (العوج) الذي مضت فيه الحكومة، بعد أن حطمت سياساتها القطاعات العظيمة في الدولة وشجعت الأعمال الهامشية، بكل ما لها من ضرر اقتصادي واجتماعي وبيئي. انتشار الأعمال الهامشية وزيادة عدد مزاوليها خاصة من النساء والأطفال وشباب الجامعات، لا شك أنه يشكل مأساة اجتماعية كبيرة، تؤكد مدى الدمار الذي يصيب المورد البشري في السودان بسبب سياسات الحكومة التي تفقده أعز ما يملك، ومع أن العلاج سهل وممكن إلا أنها لا تريد تنفيذه حتى وضعت الشعب السوداني على هامش شعوب العالم.
وأعتقد أنه آن الأوان ليتغير الوضع شاءت الحكومة أم أبت، فما تقوم به هو تدمير للأمة السودانية.
التيار
أود أن ألفت انتباهك، أستاذة أسماء، لمهنة أخرى أخذة في الانتشار، ألا وهي نبش النفايات و”الكوش” أعزكم الله. فلقد لا حظت أن كووووووووووووووول كوش الحي تعج بالمرتادين في أمسية الأمس، حيث أنزوت القطط والكلاب بعيداً وتركت لبني آدم مهمة نبش القمامة.
والبشير قال ماعايزين حد يجي يشتكيهم يوم القيامة.
بالله دا كلام يا ناس؟
أود أن ألفت انتباهك، أستاذة أسماء، لمهنة أخرى أخذة في الانتشار، ألا وهي نبش النفايات و”الكوش” أعزكم الله. فلقد لا حظت أن كووووووووووووووول كوش الحي تعج بالمرتادين في أمسية الأمس، حيث أنزوت القطط والكلاب بعيداً وتركت لبني آدم مهمة نبش القمامة.
والبشير قال ماعايزين حد يجي يشتكيهم يوم القيامة.
بالله دا كلام يا ناس؟