هل يفلح الإتفاق الإطاريء فيما فشلت فيه صيغ الحكم السابقة

مصطفى عبدالرحيم
وبعد ؛
هل يسير السودان نحو فرض نظام سياسي بزعامة قحت المركزي ورعاية المجتمع الدولي؟ .
أم يسير نحو تعددية حزبية قائمة على المنافسة الحرة وإبعاد العسكر عن الحياة السياسية؟ .
أم نسير نحو فوضى لا تبغي ولا تذر ؟ .
مهما يكن الترجيح فان إهمال او تجاهل الإتفاق الإطاريء لفاعلين سياسيين أساسيين وتجاهل المكونات السياسية غير المتفقة او المتوافقة مع الإتفاق الإطاريء(صغرت أم كبرت) والمضيء به قدما إعتمادا على تأييد دولي واتفاق بين بعض المكونات السياسية والعسكرية في المشهد السوداني ، قد يؤدي إلى حالة أشبه بحالة التوهان والسيولة التي سبقت قرارات 25 أكتوبر .
استصحابا للتجارب القريبة والبعيدة فإن وجود فاعلين سياسيين خارج أي صيغة سياسية بلا شك منقصة لتلك الصيغة على المدى القريب أو البعيد غض النظر عن التأييد الدولي أو الإقليمي الذي يساندها ، فقد يكون المبعدين هم الأفعل في لخبطة التوازن السياسي المنشأ والمسند دوليآ وعسكريآ ومقاومته وعرقلة مساره والدعوة لإسقاطه بما يضطر الأطراف القائمة عليه للجنوح نحو القمع والإفراط في العنف تجاه معارضيها وإلصاق التهم بهم لتؤسس دكتاتورية سيساوية عسكرية أو قيسية مدنية باسم الثورية والمدنية .
لذا فإن استصحاب مخاطر الإبعاد والإقصاء لازمة من لوازم العمل السياسي . فالوضع السياسي الناتج عن 11 ابريل أدى إلى دخول أطراف مسلحة للعمل السياسي بزي مدني (حركات الكفاح المسلح) مما قد يعيد الناس إلى تصور الانتفاضات المحمية بقوة السلاح كما دعا لها الإمام الصادق في تسعينات القرن الماضي أيام معارضتة للانقاذ وكررها عبدالرحيم دقلو في فبراير 2023م .
لم تكن المعضلة في يوم ما هي توقيع إتفاقيات أو وضع دستور بمسمى إنتقالي أو دائم لكن ظلت المشكلة الأساسية في الهيمنة والسيطرة .
والاستعلاء ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع بقوة عسكرية أو مدنية على بقية المكونات السياسية الأخرى واستصغارها وعدم استصحابها لتكون جزءا من مرحلة سياسية جديدة رغم أن الإجماع حول صيغة سياسة واحدة بنسبة 100% محال التحقق . فإذا قبلنا ببرامج الحد الأدنى لبناء نظام سياسي فإن برامج الحد الأدنى تنتج صيغا سياسية ضعيفة وبالمقابل فإن برامج الحد الأعلى تنتج صيغآ فوقية معزولة ، الحل في معادلة وسطى توافقية تشارك فيها كافة القوى السياسية _ بلا إقصاء ولا إبعاد ولا شروط مسبقة _ تخاطب أقصى اليمين وأقصى اليسار وجماعة الوسط ، فتفصيل جلباب السياسة على قوى سياسية محددة وتجاهل آخرين أو إلحاقهم كمردوفين فيما ترتب عليه إتفاق القوى الكبرى سيعيد إنتاج الأزمة السياسة ويولد الصراع السياسي ويحوله إلى صراع مسلح وتمرد وخروج على الدولة وحرب أهلية إذا قابله قمع مفرط .
لذا ينبغي الخروج من حالة التيه والتوهان السياسي والغرور اللحظي بالانتصار ، مع استصحاب الجميع في مشروع البناء الوطني بلا عزل ولا اقصاء لأن التجاهل او التهوين من مخاطر استبعاد مكونات سياسية فاعلة والاستنصار بقوة ما داخلية أو خارجية والإعتماد على سند دولي او عسكري لفرض رؤية معينة لا يعكس حقيقة الامر والواقع ، ولا يحقق الحرية والسلام والعدالة بمجرد الاعلان عنها كشعار ، فالتكتيكات السياسية لا تصنع استقرارا ولا تبني دولة فالمخاطر الناشئة عنها التي يستهونها البعض متحققة وواقعة طال الزمان أو قصر .
فهل يصلح الإطاريء ما افسد الدهر ؟ .