
تواصل قناة العربية السعودية بث تسجيلاتها الحصرية لاجتماعات شورى الحركة الإسلامية. بالتأكيد هناك الكثير من الاستفهامات حول تسريب هذه الاجتماعات وعلى نحو خاص تدور الاتهامات حول شخصيات محدودة. وهي اتهامات منطقية من حيث المواقع الحساسة التي كانت تشغلها هذه الشخصيات وهي الآن تقيم خارج البلاد وهو وضع لا تقبله أية دولة.
الشخصيات الأمنية التي شغلت مواقع شديدة الحساسية مرتبطة بالمعلومات التي تخص الدولة أو رموزها لا ينبغي السماح لها بالإقامة خارج البلاد وفي حماية مخابرات الدول أو يشغلون مواقع رفيعة في حكومات دول، هذا وضع مختل تماماً وخطير.
تسجيلات العربية وإن كانت كشفت عن وضاعة من هم في موقع المسؤولية والأمانة بأن خانوا عهدهم وباعوا إخوانهم ونشروا أسرارهم على الملأ هي أيضاً تكشف من ذات الباب كيف كانت تحكمنا عصابة، العقلية التي تفكر وتخطط وتقرر عقلية عصابات لا تعرف غير كنز المال الحرام والتآمر وصولاً إلى التصفية التي يتحدث عنها قادة الحركة بتباهٍ وزهو حينما قتلوا 28 ضابطاً في يوم واحد.
هذه التسجيلات التي حازت عليها قناة العربية بالشراء أو تم تمليكها لها بالاختراق لا تكمن أهميتها في الاعترافات التي نزلت مثل المطر، بل أهميتها في كيف أن هذا التنظيم العصابي لا ينفع معه إصلاح بل طبيعته لا تتقبل الإصلاح، فهو لا يجيد غير الخراب.
اللافت أن المجتمعين لا ترتفع أصواتهم بالتهليل والتكبير إلا حينما يتحدث المتحدث عن تآمر أو فرض سيطرة أو قمع، ثم يصمتون حينما يتحدث المتحدث عن فسادهم، والتهليل والتكبير الذي يملأ القاعة بعد كل مؤامرة هو في الواقع يمنح التنظيم شرعية أن يسفك ويقتل وينهب ويصفي لأن قواعده تقول له شكراً.
ولا تزال التسجيلات تكشف زيف بعض الشخصيات التي صورها إعلام الإنقاذ على أنها منبع الحكمة والرشد وفعلاً ظلت حافظة لسانها أمام الرأي العام لم تجرح أو تسيء أو تنتقد، لكن أمرها انفضح ليتضح أن المؤامرات الكبرى تخرج من بين هؤلاء “الحكماء” وأن سفك الدم أهون عندهم من أي شيء، وهذا سلوك إجرامي محترف.
صحيح أن التسجيلات كشفت عن شجاعة البعض في مواجهة أنفسهم بفسادهم وتحريضهم على الإصلاح ومواجهة الأزمات، لكنها تبدو أصواتاً نشازاً، تصمت القاعة حينما يتحدث مثل هؤلاء. ثم ترتفع الروح المعنوية مع حديث الدم والقتل، هذا لا يمكن أن يكون تنظيماً سياسياً مهما كانت درجة سوئه، هذه عصابة.
شمائل النور
التيار