
من الطرائف البغدادية و التى تحكى عنها اساطير الاولين ، وصارت مثل متوارث جيلا عن جيل بين الناس ، ذلك المثل القائل (كثرة التكرار تعلم الحمار !!!) ، قصة هذا المثل تحكى بأن ملك من الملوك أٌهديى حمارا فريدا من نوعه فأعلن الملك لأهل القرية من يستطيع أن يعلم هذا الحمار القراءة و الكتابة سوف ينال جائزة قيمة ، فذهب إعرابى الى الملك و قال انا مستعد على أن أعلمه القراءة و الكتابة ولكن أمهلنى شهرين ، فوافق الملك على المهلة وبعد شهرين رجع الإعرابى الى الملك وقال :علمته القراءة و لكن لم أستطع تعليمه الكتابة ، ففرح الملك و قال يكفى ذلك ، ولكن أثبت لنا !!!!فوضع الاعرابى كتابا أمامه وكتابا آخر أمام الحمار !!فصار الاعرابى يقلب الصفحة التى أمامه ويرى الناس الحمار أيضا يقلب الصفحة التى أمامه – الى أن إنتهى تصفح الكتاب .!! فقال الاعرابى للملك أرأيت الحمار يستطيع أن يقرأ فى سره !! ففرح الملك و سر سرورا عظيما ونال الاعرابى الجائزة وخرج من المدينة ـ و أثناء الخروج قابله أحد الاشخاص وقال: له باللـه عليك أخبرنى كيف علمت الحمار القراءة ؟؟!! قال :الاعرابى للشخص – السر فى ذلك إننى كنت اضع شعيرا بين الصفحة و الاخرى على مدى شهرين حتى تعلم الحمار كيف يقلب الصفحة ليأكل الشعير فى الصفحة التى تليها وفى ذلك اليوم لم يكن هناك شعيرا فينظر الحمار إلى وانا أقلب الصفحة فيفعل كما أفعل بحثا عن الشعير .!! إندهش الرجل من إجابة الإعرابى و أردف إليه سؤالا آخر : وهل يستطيع الحمار أن يقرأ ؟!!! قال الاعرابى : نعم يقرأ سرا – و الصلاة فيها قراءة السر و الجهر ولم يفرض الملك القراءة جهرا !!! فضحك الرجل من دهاء وذكاء الاعرابى فقال القولة الشهيره ( كثرة التكرار تعلم الحمار!!!) وصارت هذه القصة مثلا لأهل بغداد (التكرار يعلم الحمار) !!! بعض الناس هم أهل فكر تراكمى يحفظون الكتاب من الغلاف الى الغلاف بكثرة التكرار دون إعطاء العقل الانسانى فرصة للتفكر و التدبر وإستخراج النتائج الايجابية والعبر التى تخدم الانسان و الانسانية – أما علماء وخبراء تطوير الذات و المختصون فى التنمية البشرية يقولون :( إذا أردت أن تحقق شيئا فكرره بينك و بين نفسك حتى تجلب ما يسمى بالكثافة الحسية الايجابية داخل عقلك الباطن وبالتالى تحقق ما تصبو إليه من باب (تفائلوا بالخير تجدوه) !!! تمحمور وتحور – المثل البغدادى لدى بعض الناس ولم يعجبهم تعلم الحمار وقاموا بنسخ مثل جديد موازي يقول ( كثرة التكرار تعلم الشطار !! ) و اصبح المثل موازيا للمثل الام صاحب الجلد و الراس و الاذنين الطويلة و ما أكثر المتوازيات التى نسمع عنها فى زماننا الحاضر مثل الاقتصاد الموازى (Parallel Economy) ويسمى أيضا (الاقتصاد الخفى ) و إفتصاد(الظل ) ويقصد به الانشطة الاقتصادية التى لا تسجل فى حساب الناتج المحلى وغير مدرجة أو مرئية فى الدخل القومى وإنما هى منظومة تدور و تلف و تعمل خارج فلك النظام الرسمى للدولة وأكثر المتوازيات شهرة على الاطلاق هو سوق العملات الموازى والذى يمثل اكبر التحديات و الكوارث الاقتصادية التى تواجه الدولة السودانية وبعض دول العالم الثالث التى تعانى من نفس المشكلة !!!.والسوق الموازى للعملات هو السبب الرئيسى فى عدم إستقرار سعر العملات وهو المرض و السرطان الذى يمسك بخناق ورقبة الدولة وهو موطن الداء الذى يقذف حمم البركان ويصب على رؤوس الناس عصفا بأسعار السلع وتُردى القوم صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية لا تري لهم من باقية!!! وهذه هى الجزئية التى تحتاج الى العلاج ولقد ذكرنا الوصفات العلاجية فى كثير من المقالات ولكن إنطبق علينا المثل الذى يقول :(أضان الحامل طرشة )!! لا يمكن ومن سابع المستحيلات أن يستقر إقتصاد دولة وينمو ويزدهر ويتقدم للامام وهو يعانى من هذه الظاهرة وهذه المشكلة !!!حتى ولو تم رفع الدعم عن جميع السلع بنسب فلكية سوف يصب كل المجهود فى حسابات التضخم!!! الطاقم الاقتصادى الذى يقود دولة السودان الفتية الغنية ذات الثروات المتنوعة وهو يجرى لا هثا وراء القروض وإصرار غريب لتوريث الاجيال عبئا وذنبا وعيبا لم يرتكبوه !!وهذا الطاقم هم ذو شهادات علمية رفيعة يبدو و كأنهم تحصلوا عليها عن طريق الحفظ المتواتر للكتب و النظريات الاقتصادية الغربية دون إعطاء العقل البشرى الجبار فرصة التفكير و المراجعة و إستنباط ماهو أنفع للدولة و إشباع حاجيات الناس وشجعهم على ذلك المثل الذى ذكرناه آنفا ( كثرة التكرار تعلم الشطار !!!) هؤلاء الشطار أصبحوا مساءا و صباحا يكررون لنا نفس الوصفة العلاجية البارزة المشهورة ذائعة الصيت وصفة صندوق النقد الدولى العالمية ومعروفة ومعلومة للقاصى و الدانى (رفع الدعم) حتى أصبحت وكأنها قرآنا يمشى بين الناس ولا مجال لعلاج الاقتصاد السودانى إلا بالعبور عبر هذه الوصفة الفاشلة !!!!ظنا منهم وفى بروغماطيقية بئيسة و قبيحة و تعصب فكرى وكأنهم يقولون للشعب السودانى أنتم لا تعلمون !!!و نحن الشطار الذين نعلم!!! وما عليكم أنتم إلا أن تصبروا وتعلموا وتعملوا بالمثل القائل : (كثرة التكرار تعلم الحمار !!!!)
|