مقالات سياسية

ما يكتبه المعلقون ..وونسات وذكريا أخرى

ما يكتبه المعلقون ..وونسات وذكريا أخرى

محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]

ربما يذكرني صدر العنوان أعلاه برنامج الأيام الخوالي ( مايطلبه المستمعون ) حينما كنت صبيا كما قال الشاعر اليمني الراحل لطفي جعفر أمان بصوت الفنان حمد الريح .. كان معنى الحب عندي قبلة من والدّيا ..وكان همي كل همي واجباتي المدرسية..وكانت الاذاعة مدرسة قائمة بذاتها تكبر معها اهتمامتنا الصغيرة.. كنا نحتضن المذياع قريبا عند الصدور االرهيفة ..فهوحبنا الأول قبل أن تنبض القلوب الغضة ارتعاشا لنسائم العشق الأخرى.!
الان كبرنا وضاقت بنا الدنيا على سعتها ، تتساقط علينا صور الفضاء بين الأنامل في جهاز التحكم ، فتشتتنا بعيدا عن عشقنا الأول ..ولم نعد نغشى الاذاعة الا لماما ، غالبا ونحن نحاول تقصير المسافات الطويلة التي تعبرها بنا السيارة.
كنت شغوفا ببرامج اذاعة أمدرمان الى درجة الادمان فاحفظها عن ظهر قلب وأعرف اصوات مذيعها واتبارى مع الكبار في تحديد من سيقرأ الأخبار قبل أن ينطق باسمه، وعندما جئت الى العاصمة من الجزيرة الخضراء متأبطا شنطتي الحديدية ، أتلمس طريقي نحو المرحلة الدراسية الوسطى ، زاد تعلقي بدار الاذاعة فارتادها في الاجازات مداوما حتى عرفني الجميع ، وأجلس في جرأة غريبة مع كل الكبار واتجادل معهمم فادركوا ولعي بكل ما يقدمونه من برامج .
في مرة شدني من يدي النحيلة الأستاذ/ بخيت عيساوي..وكان يقدم برنامج رأي المستمع وأجلسني لأقول رأي فيما أسمع ..وكانت المرة ألأولى التي يلامس صوتي فيها المايكرفون، فسردت عليه برامج الأسبوع وملاحظاتي رغم سذاجتها .وكأني ممتحن فيها .. تجمع العمالقة من الاذاعيين في غرفة المراقبة وحينما رفعت رأسى الذي بلله عرق الرهبة رغم برودة الأستوديو رأيت مدير الآذاعة شخصيا الراحل الأستاذ/ محمد خوجلي صالحين وهو يشير ناحيتي من خلف الزجاج يطالبني بالاستمرار دون التقيد بالوقت المحدد وبعد أن أكملت دخل الى الاستويو وأجلسني اليه بحنو الأب ، وقال لي في تشجيع لن أنساه ، يابني أنت مشروع اذاعي فأكمل دراستك وستجدنا في انتظارك، فعدت بعد سنوات ليتولاني الأستاذ محمد سليمان بالرعاية وكنت اجد المتعة حتي في تقريعه بسخريته التي تنضح بالدروس . ولكّن أمواج الغربة كانت أقوى من موجات الاذاعة القصيرة والمتوسطة والطويلة ، وكان العزاء في الاتكاءة على القلم ..والانتقال من أجواء مايطلبه المستمعون الى مايكتبه المعلقون.. وهي متعة من نوع آخر تقفز بسمة في العيون وحتى لو سقطت دمعة منها ، فما أمتع النقد الذي هو بمثابة الدواء رغم مرارة تذوقه لايدرك فائدته الا من يكتسب عافية اضافة المعارف، فالكاتب حينما يجلس خلف الحاسوب أو قابضا على اليراع تتجاذب تركيزه عدة محاور .. الفكرة في البداية ، ثم كيفية توصيل المعلومة ، و تلمس اللغة الرصينة بالصورة والعبارات وصحة النحو والصرف وتركيب الجُمل ، وهنا قد يتسلل الخطأ في واحدة من تلك الجزئيات ، فيتصيدها القارى وهو حصيف وعارف ..ومنه نتعلم مهما بلغت بنا مشاوير التجارب المدى البعيد.
في الصحف الورقية والتي يكتب فيها كبار الأساتذة يقوم المصححون بمراجعة المقالات ، لتصيد الأخطاء المارقة من ثنايا زحمة الأفكار حتي من بين أصابع علماء اللغة الضالعين فيها. وليس كل الكتاب أو الصحفيين بالضرورة يملكون ناصية امواجها العالية والعوم في بحورها العريضة ? لاسيما صحفيو السليقة مثلنا فلا زلنا نسعى للمعرفة ، فمن قال علمت فقد جهل.
قبل ان أدلف الى النسخة الثانية من هجرتي من الوطن في العام الماضي كنت أحرص وأنا أكتب من خلال صحيفة التيار على دخول غرفة المصححين لأتأكد من سلامة مقالاتي من حيث اللغة .
الآن الأخوة المشرفين على الصحف الآلكترونية ، كان الله في عونهم لايجدون متسعا من الوقت بالطبع لمراجعة كل هذا السيل من الكتابات التي تتساقط عليهم من الفضاء كالمطر ، فهم معذورون ، وربما لا يعلم القارىء العزيز أن قوام بعض تلك الاصدارات منهم لا يتعدى شخصين وربما شخص واحد في بعضها، تطوعا لمواجهة كل هذا الجهد الذي بالطبع لا يكتمل الا برقابة قراءنا الأحباء.
فلكل الذين يلامسون شاشات حواسيبهم بعيونهم الغالية علينا، وهم يقضون اجازة السبت ، أو الذين سينضمون الينا بعد قضاء عملهم ، نبث تحياتنا ، ونقول لهم نحن منكم واليكم وبكم ، لاتكتمل الصورة الا باصطحابكم في سطورنا قراءة وتعليقا ونقدا وتصويبا ، أعاننا الله واياكم فيما نعاني من الالام الوطن التي لن تتداوى الا بتضافر مجهودات الكل حيثما كانوا ، الى أن تحل رحمته على شتاتنا بالتلاقي عند ترابه وهو متماسك ومعافى باذنه تعالى..
انه المستعان ..
وهو من وراء القصد..

تعليق واحد

  1. ربنا يكبرك بعقلك وفكرك النير الاستاذ برقاوى والجميع يكنون لك كل احترام وتقدير لكتاباتك الهادفه ونقدك البناء

  2. شكراً استاذ برقاوي ولكن ما قيمة الآراء و التعليقات اذا لم تقيم أو تهمل ؟ !!

    تعليقات المعلقين احياناً تحمل ما لايحمله مقال صحفي كامل عن موضوع معين رغم انها ما تكون مطروحة بطريقة غير علمية او منهجية ولكن الافكار التي تحتويها تصلح لبناء هجمة اعلامية في موضوع معين يقلب الموازين ولم يسبق ان تكون قد تناولته الصحافة من قبل وخاصة صحافتنا في السودان ومعظم الصحفيين لم يتدربوا في مدارس صحفية ذات احترافية عالية تؤهلهم للخوض في مواضيع خطيرة او ممنوع عليهم الخوض فيها وتظل تلك المواضيع طي الكتمان حتى يعفى عليها الزمن أو ويبرأ جرحها بما فيه من مفاسد .

    وانا شخصياً كنت قد اثرت من قبل موضوع الشباب السودايين الذي سيقوا للحرب العراقية الايرانية في الثمانينات ولمدة كم سنة كانو يرسلون بدون وثائق رسمية يسافرون بطائرات الشحن الكسرية وعادة يكون هناك ما يعرف (بأورنيك موت) من نسختين في صورة الشخص تبقى صورة مع وزارة الدفاع السودانية وصورة تسافر مع المنفيستو لتسلم لوزراة الدفاع العراقية حتى ترسل فيما بعد مع تابوت الشهيد لأهلة في السودان ولكن مئات الآلاف لم يعودوا لا احياء ولا اموات وبقوا دون ان يعرف احد مصيرهم ولم يعودوا من العراق وان اهليهم لا زالوا ينتظرون عودتهم او سماع اخبارهم ويظنونهم على قيد الحياة بينما اكثرهم قضى في الحرب على الجبهة او عاد بعد الحرب وحاول ايجاد عمل في العراق حيث كان النظام يعطيهم شئ من الاهتمام ولكن بسقوط النظام عمت العراق نقمة على السودانيين باعتبارهم (كلاب) صدام الذين اذاقوا العراقيين الويل خلال حكمة فانتقم منهم شر انتقام وفي اثناء الغارات الجوية على بغداد (وهذا الكلام حقيقة وهو مهم للغاية) تم تجميع السودانيين في ما يشبه ملعب كرة القدم بهدف حمايتهم من الانتقام كما يدعون ولكن اعطيت اشارات للطائرات المغيرة فانقضت على الحوش او الملعب الذي يتجمع فيه (فدائيي صدام) تمهيداً لشن هجمات على قوات التحالف فاغارات الطائرات على الملعب (وعفست) لحومهم بأديم الارض ولا احد اثار هذا الموضوع بما في ذلك قناة الجزيرة ربما لأنه استهدف اجانب سود البشرة في وسط بغداد كما يحدث الآن مع السود في ليبيا باعتبارهم من كتائب القذافي….

    هناك الكثير الكثير الذي يؤلمنا كمواطنين نتمنى لو يتضافر معنا الصحفيين في بلدنا و يأخذوا راس الخيط الذي نرمي لهم به ويحاولوا يتوصلوا للحقائق الغائبة او المغيبة

  3. الأخ برقاوى .. لاأدرى لماذا ولكننى فعلاً أحس بأن المقارنة مابين ( مايطلبه المستمعون ) وتعليقات ( القراء ) غير دقيقة – وهذا ليس نقداً – فالمستمع للأذاعة كان يطلب الأستماع لأغنية معينة توقظ فى نفسه ذكريات أو قصة ( ما ) يعيشها وبالطبع لاينسى أن يهديها إلى فلان وفلان وفى الوسط يدس إسم ( فلانة ) ! ولكن المستمع هنا لاتتاح له الفرصة لمناقشة كلمات أو لحن أو أداء ( الفنان ) أو إبداء رأيه حتى فى المذيع ! .. القارئ الآن يستطيع أن يبدى رأيه فى الموضوع – كما أفعل الآن – وقد يكون رأيه إضافة حقيقية للموضوع وتقييماً لمحتواه وتقويماً له ووضعه فى مساره الصحيح ورفده ببعض المعلومات التى قد تكون غابت عن ذهن الكاتب .. ولاننسى أن القارئ الآن يستطيع أن يقول رأيه حتى فى ( الكاتب ) نفسه ويستطيع أن يميز بين الغث والسمين !

  4. والله يا استاذ/برقاوى لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى لن اتنازل عن مطالبتى بإطلاق قناة فضائية تتبع للمعارضة إذا كانت هناك معارضة جادة فعلا وسوف اظل عند موقفى الى ان يشب الصغار ويصبحوا رجالا ويدركوا بهمى الاوحد ألا وهو المطالبة بإطلاق قناة فضائية إسوة بالمعارضات الاخرى ،وان كنت ارجع عدم حماس المعارضة لمثل هذا الاقتراح لان الجميع ما زال يضمر للاخر وفى إنتظار الشباب للانتفاضه وقلع النظام ويستولوا هم على السلطة دون بذل أى مجهود سوى بعض التصريحات (الما جايبا همها) وإذا كانت المعارضة جاده فعلا لوحدت كلمتها بصدق ،واذا استطاعت او وفقة فى توحيد كلمتها لبداء الامر سهلا جدا ، وكثيرون مثلى طالبوا بتكوين مجلس وطنى إنتقالى فى المنفى ليضع دستور يتوافق مع رغبات الاحزاب والتنظيمات المختلفة وخاصة تلك التى تحمل السلاح ضد النظام ووضع خارطة طريق لما بعد إسقاط النظام،ملحوظة بالامس إستمعت فى احدى القنوات الفضاية لشخص يدعى (احمد يوسف) وهو مستشار فى حركة حماس وهو يقول نفس الكلام الذى قال به نافع على نافع عندما سئل عن إذا كانوا يخافون ان تهب عليهم فى حركة حماس رياح الربيع العربى فأجاب بأن الربيع العربى صنعته حركة حماس فى عام 2005!00وهذا قولهم و(المابيشترى يتفرج ايتها المعارضة!!!!)0

  5. الاستاذ القدير محمد عبدالله برقاوي المحترم

    لك التحية والتقدير …

    نحن قراء الراكوبة نعلم تماما ما تعانونه كصحفيين وكتاب ونقدر جهودكم في

    تصديكم لقضايا و هموم المواطنيين والوطن وتبصير الدولة والمسؤوليين بها والمواطنيين ،

    لا نكترث كثيرا للسقطاط اللغوية بقدر اكتراثنا بمصداقية الخبر او القضية المكتوب عنها وتاثيرها على المواطنيين والوطن والابتعاد عن كل ماهو عنصري او يدعو للعنصرية والتى نلاحظها تبدر من بعض كتابنا كتاب الراكوبة .

    لك الشكر مجددا اخي برقاوي ونحن نشهد لك بموضوعيتك ونزاهتك فيما تكتبه

    اخيرا اخي برقاوي اتمنى منك انت شخصيا الاهتمام ومتابعة ما اثاره اخي المعلق ( SESE) فهو موضوع غاية في الاهتمام خاصة انني سمعت هذا الكلام من كثيرا من الناس بما فيهم احد الاخوة العراقيين الذي فقد اعز صديق له من السودانيين في تلك المجزرة ….

  6. شكرا استاذ/ محمد عبدالله برقاوي على هذه الاستراحة الرشيقة والتنقل بين الذكريات في مجال الاذاعة والصحافة ، والحقيقة أنا شخيصيا أجد فيها دعوة للمشاركة بتواضع الكبار في اتجاه الاستئناس باراء القراء وتقبل النقد ..
    وأقول للأخ السوداني طافش ..ان كاتب المقال لم يقارن بين ما يطلبه المستمعون وبين كتابات القراء وانما قال أن التشابه في المسمى يذكره بمرحلة حبه للعمل الاذاعي وقد ربطها بصورة ظريفة..مع مرحلة انتقاله للعمل بالكتابة الصحفية .. وكلنا طافشين زيك وربنا يصلح الحال ونتلما على أهلنا..

  7. لك التحية استاذ برقاوي و الاخوة القراء 00لدى تساؤل قديم عسى ان يفيدنا اهل الاختصاص باجابة شافية وهو لماذا يتم اغلاق المدارس في فترة الصيف و تفتح زمن الخريف و هو وقت الانتاج لاغلبية اهل السودان و تبعد شريحة مهمة من الطلاب من مشاركة اهلهم عمليات الزراعة المختلفة و عندما يكبرون ينصرفون عنها في قطر يسمى زراعي و جوعى مواطنيه 0لقد تغير السلم التعليمي اكثر من مرة بلا اسباب منطقية فلماذا لا يغير مواعيد الاجازة السنوية 00

  8. الاخ برقاوى متعك الله بالصحه والعافيه وانا من محبى ومعجبى مقالاتك لان بها موضعيه وهادفه وبتشتغل فيها الجماعه الطيبين

  9. أستاذنا الفاضل محمد برقاوي :
    دائما كنت أتساءل أين يقبع هذا الرجل ؟؟ (يمكن في مخبأ ويكليكس) والآن فهمت .
    لكن بصراحة هل هاجرت أم هجروك ؟؟ هل سافرت أم سفروك ؟؟ هل اغتربت طائعا مختارا أم غربوك ؟؟
    لو أجبت على أسئلتي بأسلوبك الجميل المعهود تكون قد أشبعت فضولي وفضول كثير من القراء بمقال ممتاز نستفيد منه معلومة ولغة و(نحوي).

  10. شكرا استاذ برقاوي على المقال حقيقة حتى انا كنت من مدمني ازاعة امدرمان ولكن قلن الان ثورة الانترنت وما ادراك اخذ منا الكثير
    استاذ برقاوي بما انك من ابناء الجزيرة لم اراك تكتب يوما عن مشاكل مزارعي الجزير خصصت المزراعين لان كل المهمومين بامر المشروع يتحدثون عن ملاك الاراضي فقط لا احد يتحدث عن اهل الكنابي المقهورين لماذا – الرموز عندي ما شغالة
    اتمنى انا تكتب ول عمود واحد عن حال المزارعين الذين ضاق بهم السبل بعد تدمير المشروع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..