طرحا أسئلة حول المسيحية.. الإبلاغ عن طالبيْن مسلميْن يزوران كنيسة في نيويورك

أثار طالبان مسلمان شكوك أحد رواد كنيسة إنجيلية وهما يطرحان بعض الأسئلة حول المسيحية، في كنيسة “تجمع براونكروفت” بضاحية روشيستر في مدينة نيويورك، مما دفعه للاتصال بالسلطات الأمنية في الولايات المتحدة الأميركية.
لم يكن هذان الشابان المسلمان يخططان لتنفيذ عملية إرهابية؛ حسب موقع “ديلي بييست” بل كانا مجرد طالبيْن يجريان بحثاً حول المسيحية في إطار دراستهما الجامعية، بعد أن طلب منهما أستاذ علم الاجتماع في جامعة “نازاريث” أن ينجزا بحثاً عن أحد الأديان التي لا ينتمون إليها.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يزور فيها الشابان هذه الكنيسة، فقد سبق لهما أن زاراها قبل ذلك في مناسبة أولى، لكنهما تواصلا في المرة الثانية مع عدد من الأشخاص الذين كانوا يرتادون الكنيسة، ويبدو أن أحد أولئك الأشخاص اتصل لاحقاً بالسلطات الفيدرالية.
وتلقت سوزان نواك، المسؤولة عن قسم الدراسات الدينية في جامعة “نازاريث”، بعد يوم واحد، إشعاراً من مسؤولين بالجامعة حول “تواصل الشرطة المحلية مع إدارة الجامعة، والتعبير عن قلقها إزاء المهام التي تم تكليف الطلبة إياها”.
وكان التكليف الجامعي يهدف إلى دعم التواصل بين الطلبة المسلمين وجيرانهم المسيحيين، على الرغم من أن جامعة “نازاريث” الأميركية لم تعد جامعة دينية منذ أن تخلت عن انتمائها إلى الكنيسة الكاثوليكية بروما في سبعينات القرن الماضي. لكن، أخذت هذه الجامعة على عاتقها مهمة تعزيز مفهوم التعددية الدينية في المجتمع الأميركي من خلال تشجيع طلبة المرحلة الجامعية الأولى على دراسة المواد الدينية، والتواصل مع الأديان الأخرى التي تختلف عن الدين الذي يعتنقونه.
وتشجع الجامعة الأميركية على أشكال أخرى من التعددية الدينية، على غرار المشاركة في المراسم الدينية لبعض الديانات الأخرى، بهدف التعرف على المساجد الإسلامية والمعابد اليهودية، ضمن مفهوم شامل أطلقت عليه نواك اسم “الكنيسة الشاملة”.
وتتمثل مهمة الطلبة في طرح أسئلة نمطية على الأشخاص الذين يرتادون دور العبادة، من بينها: ما قِيمك الأساسية؟ ما نقاط الاختلاف والتشابه بينها وبين القيم التي تدعو إليها الديانات الأخرى؟
وفي هذا السياق، أضافت المسؤولة عن قسم الدراسات الدينية أن “ما نقوله عن جامعتنا هو أن رئيسها يهودي، والمدير التنفيذي لمركز الحوار بين الأديان مسلم، أما أنا؛ مديرة برنامج الحوار بين الأديان، فراهبة كاثوليكية. إن ما نقوم به هنا يجيب عن التساؤلات حول التزامنا بدعم التعددية”.
وأشارت نواك إلى أن النشاطات الدينية التي تقوم على التواصل مع أصحاب الديانات الأخرى تثير قلق الطلبة في البداية، لكنها تصبح مع الوقت جزءاً مهماً من دراستهم.
وذكرت المتحدثة أن الكلية ترسل عدداً كبيراً من الطلبة في مهمات لاكتشاف الديانات الأخرى، حتى إن بعض رجال الدين كانوا يتساءلون عن “أي أستاذ من بين الأساتذة الثلاثة يرسل هؤلاء الطلبة إليهم”.
لم يواجه الطالبان المسلمان أية إشكالية عند زيارتهما الأولى للكنيسة في بداية السداسي الأول، فقد كانا ينجزان مهامها بصفة عادية مثل بقية الطلبة.
وأضافت نواك أن أبرز ما علق في ذاكرة الشابيْن المسلميْن، الحفاوة والاستقبال الجيد الذي حظيا به خلال زيارتهما الأولى للكنيسة، ولذلك كانا يعتقدان أن هذا اللقاء “كان تجربة تعليمية ثرية”.
وقال رئيس جامعة “نازاريث”، دان برايفمن، إن “بعض أعضاء الكنيسة عانقوهما قبل مغادرتهما للكنيسة”. وأضاف برايفمن الذي التقى القس الأكبر في كنيسة براونكروفت، روب كتالاني، أن “الكنيسة مهتمة جداً بمواصلة الحوار، ولذلك فإن أعضاء الكلية الذين يشرفون على تدريس المواد الدينية، سيقومون بزيارة الكنيسة للحوار مع أحد القساوسة”.
وقالت سوزان نواك: “هناك بعض التطورات الجيدة التي يمكن أن تحدث بعد هذا اللقاء”، خاصة أن كنيسة براونكروفت لم تكن دائماً من بين الأطراف التي تساهم بطريقة واضحة في جهود الحوار بين الأديان التي يقوم بها مركز الحوار بين الأديان في الجامعة، لكنها أعربت عن أملها أن تكون هذه الحادثة نقطة تحول إيجابية في التعاون بينهما.
وأضافت المسؤولة في الجامعة أن رابطة الطلاب المسلمين التي تأثرت بهذه الحادثة، دعت إلى الحوار عوض الدعوة إلى التظاهر أمام الكنيسة.
وأكد الطالبان المسلمان أنهما يدعمان أسلوب الحوار عوضاً عن المظاهرات، قائليْن: “نريد أن نلتزم بالحوار من أجل أن يتعرف بعضنا على بعض. إن ذلك يتطلب أعمالاً شاقة، لكنها قد تكون من بين أهم الأعمال التي نقوم بها خلال هذه المرحلة من تاريخنا”.
هافينغتون بوست عربي