مقالات وآراء

التفلتات الأمنية في الخرطوم : فوضى ممنهجة وغياب للعدالة

حسن عبد الرضي الشيخ

 

تشهد ولاية الخرطوم، وبالأخص مدينة أمدرمان، حالة من السيولة الأمنية والانفلات الذي يهدد سلامة المواطنين وممتلكاتهم. يأتي هذا الوضع كنتيجة مباشرة للحرب العبثية التي أشعلها فلول النظام البائد، في محاولة يائسة لاستعادة سلطتهم المفقودة عبر نشر الفوضى وخلق بيئة غير مستقرة تدفع المواطنين إلى القبول بأي حلول حتى لو كانت على حساب حريتهم وأمنهم.

 

جذور الأزمة ودور النظام البائد

لم يكن غريبًا على بقايا النظام السابق (الكيزان) أن يلجؤوا إلى تشجيع العنف والفوضى، فقد استخدموا هذا التكتيك سابقًا أثناء الثورة، من خلال تمويل عصابات ٩ طويلة، وتدريبها لترويع المواطنين ودفعهم إلى الحنين لحكمهم القمعي. واليوم، تتكرر نفس الاستراتيجية، حيث نشهد انتشارًا منظمًا لعصابات السلب والنهب، وظهور تشكيلات مسلحة مثل كتائب البراء، العمل الخاص، ودرع السودان بقيادة كيكل، التي ارتكبت انتهاكات جسيمة في ولاية الجزيرة، ولا شك أن مرتكبيها سيواجهون عاجلًا أم آجلًا العدالة، سواء المحلية أو الدولية.

 

الواقع الأمني في أمدرمان

بحسب إفادات تنسيقية لجان مقاومة كرري، لا تزال حالة الانفلات الأمني مستمرة في أمدرمان، حيث يتعرض المواطنون لعمليات نهب مسلح وسرقة المنازل دون تدخل فعّال من الجهات المختصة. وقد ساهم هذا الوضع في ارتفاع معدلات الجريمة، مما خلق حالة من الخوف الدائم لدى السكان.

 

ورغم محاولات استعادة القوات المسلحة للسيطرة على أجزاء واسعة من أمدرمان، خصوصًا في المناطق الجنوبية والغربية، فإن غياب الأمن لا يزال مشكلة حقيقية. وتشير تقارير ميدانية إلى أن العصابات أصبحت أكثر جرأة، حيث تنفذ عمليات نهب منظمة، وتستخدم الأسلحة في تهديد المواطنين، في ظل ضعف أو انعدام الاستجابة الأمنية من الشرطة والجهات المختصة.

 

غياب الشرطة وتصاعد الفوضى

أوضحت تقارير تنسيقية لجان المقاومة أن أقسام الشرطة باتت تكتفي بتسجيل البلاغات دون أي متابعة جدية، مما يعكس خللًا كبيرًا في منظومة الأمن. وقد روى أحد المواطنين حادثة اقتحام عصابة مسلحة لمنزل جاره، الذي لا يبعد سوى مئات الأمتار عن رئاسة شرطة محلية كرري، حيث نهبوا كل ما يملكه المنزل من أموال ومقتنيات ثمينة، بعد تقييد أفراد الأسرة تحت تهديد السلاح، دون أي تدخل من السلطات الأمنية القريبة.

 

ويشير سكان أمدرمان إلى تكرار جرائم النهب المسلح في الشوارع، لكن الأخطر من ذلك هو انتقال هذه الجرائم إلى اقتحام المنازل، مما يدل على انعدام شبه كامل للأمن.

 

مطالبات بإجراءات عاجلة

دعت تنسيقية لجان مقاومة كرري الجهات الأمنية إلى توضيح موقفها من هذه الفوضى المستمرة، واصفة غيابها بغير المبرر، كما طالبت المؤسسات الشرطية والعسكرية بإعادة تفعيل دورها لحماية المواطنين وممتلكاتهم. وحذرت من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى انهيار النسيج الاجتماعي، ويفتح الباب أمام حلول فردية لحماية النفس والممتلكات، مما سيزيد من تعقيد المشهد الأمني ويؤدي إلى مزيد من الفوضى والعنف.

 

وأكدت التنسيقية أنه على الشرطة تحمل مسؤولياتها، مضيفة: “إما أن تتدخل الجهات المعنية وتقوم بدورها، أو تعلن بشكل صريح عدم قدرتها، ليعرف المواطن موقفها”.

 

الخلاصة

إن الوضع الأمني في الخرطوم وأمدرمان يمثل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار، وهو انعكاس مباشر لممارسات النظام البائد الذي يسعى لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء عبر نشر الفوضى. لكن محاولاتهم لن تنجح، فوعي الشعب السوداني وإرادته في بناء دولة عادلة ومستقرة سيقفان سدًّا منيعًا أمام أي محاولات لجر البلاد إلى مزيد من الانهيار. ولكن كيف السبيل للحل وخاصة ان دور الأجهزة الأمنية ما زال دوراً سلبياً فهم لا يجرؤون على محاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات، لان كثيراً من عناصر النظام السابق وفلوله من عسكريين وامنيين ومستنفرين وكتائب ومتفلتين وغيرهم هم من يقفون وراء هذه الفوضى العارمة ويتغاضون عن من يقومون بعمليات النهب والسرقات و”الشفشفة”، وغيرها، فأصبحت سيادة الأمن مجرد حلم بعيد المنال.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..