أنا وعزيزي شول ـ الوطن والمجهول

أنا وعزيزي شول ـ الوطن والمجهول
د.زاهد زيد
[email protected]
أنا وعزيزي شول ـ الوطن والمجهول د.زاهد زيد
كانت تلح علي أبيات أبي عبادة البحتري وقد حاصرته الهموم كما حاصرتني فأنشد أبياته الشهيرة :
حَضَرَت رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّهـ تُ إِلى أَبيَضَ المَدائِنِ عَنسي
أَتَسَلّى عَنِ الحُظوظِ و َآسى لِمَحَلٍّ مِن آلِ ساسانَ دَرسِ
ذكَرتِنيهُمُ الخُطوبُ التَوالي وَلَقَد تُذكِرُ الخُطوبُ و َتُنسي
وليت همي مثل همه وقد ارتحل لأرض أجداده ليجد العزاء في آثارهم , وهمي في أرض أجدادي , ووطني في داخلي أحمله معي أينما ذهبت ! وكيف النسيان ؟ فأينما تذهب تأتيك أخباره ، فقلت لعل وعسى أجد في السفر عزاءه فأتسلى عَنِ حُظوظِ وطن عبثت به أيادي بعض أبنائه وأضاعوه برعونتهم وجهلهم وفسادهم .
لم أجد في نفسي الرغبة في الجلوس في بيتي ومتابعة أخبار البلد والاستفتاء وتقاريرهم باتت تسبب لي السأم والضجر وتصريحات المسئولين هنا وهناك تقتلني بلا رحمة ، وقد كنت أجد في ليالي الشتاء الطويلة متعة في الجلوس والقراءة والكتابة التي استصعت على القلم ، فماذا نقول وماذا نكتب وقد فشلنا جميعا في الحفاظ على وطن الجمال والعزة فشلنا عندما سمحنا لتلك الفئة الغافلة أن تتحكم فينا ، وفشلنا في أن نستبقي إخوتنا في الجنوب الحبيب معنا نحارب معا لمستقبل مشترك ومصير واحد حتى أصابهم اليأس والاحباط فاختاروا أسهل الحلول وأقساها .
تكاثفت الهموم وأنا استمع لأصدقائي الجنوبيين خاصة وهم يحدثونني عبر الهاتف عن آمالهم وأحلامهم في الوطن الجديد . ولا أدري لِمَ لم تفارقني صورة صديقي الطيب “عزيزي شول” وهذا اسمه الذي إلتصق به من يوم أن عرفته مصادفة في مطار أنقرة قبل سنوات عديدة وكنا مجموعة من السوانيين جمعتنا الصدفة في ذلك المطار قدم كل منا من بلد مختلف في انتظار السفر للسودان لقضاء عيد الأضحي أو الأجازة وتأخرت الطائرة بسبب سوء الأحوال الجوية وبالرغم من قلقنا من عدم تمكننا من السفر قبل حلول يوم العيد إلا أن شول الذي كان قادما من الولايات المتحدة جعل للجلسة طعما آخر أنسانا قلق الانتظار فقد كان بروحه المرحة وحبه لمساعدتنا في الحصول على الطعام على حساب شركة الطيران ومناكفته لموظفي المطار قد جعلنا موضع اهتمام الكل . سميناه عزيزي شول لأنه كان ينادي كل منا بعزيزي فسماه أحدنا تفكها بها ومن يومها لم تنقطع الاتصالات بينا كانت وظيفته تتطلب السفر وكان محبا له فكانت تأتيني اتصالاته من بلدان مختلفة ولم يكن يأبه لفرق الوقت فأحيانا يتصل وأنا نائم في آخر الليل فيأتيني صوته الحبيب “ألو … أنا شول عزيزي الدكتور” والغريب أننا لم نلتق أبدا في السودان ولن نلتقي فيه في المستقبل بكل تأكيد .
كان آخر اتصال له قد جاءني قبل شهرين ، كلمته عن هموم الوطن عن الاستفتاء وعن الانفصال المؤكد ، صمت طويلا حتى خلت ان الاتصال انقطع ، وفجأة ضحك ضحكته الصاخبة وقال لي اسمع عزيزي المصلح لم لا تترك همومك ونتقابل في أي مكان في العالم لنستمتع باجازة تحتاجها بعيدا عن السياسة وهموم البلد ،وعدته أن أفكر في الأمر . ولم اسمع صوته بعد هذا ، لم اتعود منه هذا الغياب واتصلت بالأرقام التي كانت تأتيني منه ولم أفلح في الوصول إليه وكانت أسرته تقيم بنيروبي أكثر الأوقات أما في الاجازات فقد كانت معه أينما حلَّ ، كنت احيانا أداعبه قائلا إنك سوداني وستبقى كذلك أينما سافرت ومهما حملت من جنسيات كان يضحك ويقول لي لو أردت لحملت جنسيات نصف بلدان العالم ولتزوجت أروبية شقراء ولكني خلقت سودانيا وسأموت سودانيا. ولكنه تزوج من أهله امرأة في روعة النيل وجماله.
لم أكن أدرى أن ذلك سيكون آخر اتصالاته فقد فاجأتني ابنته برسالة على بريدي الإلكتروني تخبرني بموت أبيها المفاجئ بعيدا عنهم ، ولم تعرف اسرته بخبر الوفاة الا بعد أسبوع قالت ابنته في رسالتها أن الصدمة لم تترك لهم مجالا للتفكير ولم تفتح حقيبته التي أرسلت لهم الا بعد وقت طويل وفيها وجدت مجموعة من خطاباتي له ولم تعرف كيف تتصل بي لتخبرني إلى أن تذكرت عنواني المنشور على صفحات بعض الصحف التي أكتب فيها.
أخيرا ألقى عزيزي شول عصا الترحال ومات بعيدا عن السودان جنوبه وشماله فكل هذا البلد لم يتسع له ، ولا لأحلامه . فقد كانت أبيّ النفس لم يتاجر في السياسة ولم ينتم إلا للسودان ، صان نفسه كما البحتري فاختار السفر والترحال على أن يتلوث :
صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ
أو كما قال ابن العديم :
إذا عدمت كفاي مالاً وثروةً وقد صنت نفسي أن أذل وأحرما
مات سودانيا كما عاش سودانيا , لم يشهد بني وطنه وهم يتدافعون للانفصال , وبالتأكيد لن يشهد مولد وطنهم الجديد .
لهفي علي عزيزي شول وحزني عليه امتد وتطاول يمنة ويسرة حتى سد آفاق حياتي وجددته أحزان وطني وهو يمر بأحلك الأيام ، فهل كنت ستظل كما أنت لو شهدت انفصال بلدك؟ وهل كنت ستقابلنا وتجلس معنا تضاحكنا وتنادينا بعزيزي لو كنت مواطنا من دولة مجاورة ؟
حزني عليك من حزني الكبير وحبي لك حب الأخ لأخيه الراحل وعزائي أنك مت كما كنت تتمنى سودانيا حتى النخاع وستبقى في ذاكرتي كما أنت أبدا .
أبكيتني أخي الدكتور زايد كأني عرفت عزيزي شول كما لم ابك من قبل نعم لقد حاصرتنا هموم الوطن وعصرتنا أيام المتأسلمين وعزاؤك ان عزيزي شول مات سودانيا كما عاش ودانيا
والله يا دكتور.. بس من إحساسى بصدق سردكومشاعرك عن هذا الرجل شعرت بأننى أعرفه حق المعرفة وهذه هى شيم الأجداد التى تربوا وربونا عليها( إنه الوفاء) رحم الله صديقك وعزيزك شول وأمد فى أيامك لترى سوداناً تتمناه
عزيزك شول والسودان يواجهة هؤلاء الأعزاء :
1- ياسر عرمان من الجزيرة وعمل مع الحركة الشعبية يهدد المؤتمر الوطني حتى لأنتمائة لشمال السودان وهو مطرود .
2- إستيلا فليانو من الجنوب ومتزوجة من الشمال وكما فالت أصبحت اجنبية ومتزوجة من أجنبي .
3- ملوال في النيل الأزرق وهي موطنه وموطن اجداده وقد دخل خريطة الشمال وعليه أن يبحث عن موطن آخر وينزح جنوبا .
4- أبكر من جبال النوبة وكان في الحركة الشعبية ورجع إلى الشمال لتطارده قوات المؤتمر الوطنى .
5- آدم من أبيي ومتنازع في هويتة بين الجنوب وبين الشمال .
6- محمد أحمد جلابي من المتمة كل إستثماراته في الجنوب ومتزوج من الجنوب عليه ان يرحل وعائلته شمالا.
7- واخطر ما في هذا الوضع وضع والي النيل الأزرق والغريب أنه الوالى الوحيد الذي فاز بجداره وبدون تزوير وهو نائب رئيس الحركة الشعبية وقد اصبحت ولايته شمالية وتنتهى ولايته بعد 5 سنوات وعليه أن يقدم إستقالته للمؤتمر الوطنى وإلا تم تصفيتة وسجلت الحادثة ضد مجهول .
لم يتم تقسيم السودان بين الشمال والجنوب ، الحاصل انو مصلحة الأراضي في الخرطوم وكذلك في السودان ملكت أراضي شمال السودان لكل الموالين للحكومة وبقية المساكين عليهم حمل ( لفافاتهم ) والرحيل .
هيثم طالب الصيدلة شمالي وقد ألغى جنسيتة ولم تقبل أي دولة منحة جنسيتها بعد قبول حكومة السودان طلب ألغاء الجنسية .
والأغرب من هذا كله عرب الجنجويد الذين قدمو من شرق أفريقيا وإستوطنوا دارفور بقوة الجنسية الممنوحة لهم من الحكومة السودانية ودعمهم لها .
وكذلك مجموعات الإسلاميين المنبوذون في بلادهم والمنتشرون في كل السودان كوعاظ من قبل الحكومة والمطلوبون ليوم الحاره .
تقول لي عزيزك شوك ، أبك طويلا يا أخي على أعزائك على طول ما كان يعرف بالوطن .
عندما اكتشف مثل هذه الافكار تنتابني حالة اشبه بالبركان يفور في داخلي فاجد نفسي محاصرامابين صمتي وبوحي.. فالصمت في قاموسي جريمة.. والبوح في قاموسهم جريمة..وبينهما يلفظ الوطن انفاسه الاخيرة .. فالى متى سنظل هكذا؟؟.
عزرا ايها الوطن الجريح
أخى سبت لا أنت و لا أنا يستطيع نسيان تلك الدار التى أوتنا على ضفاف النيل الابيض طيلة صبانا مرحآ و سعادة , فهل لنا بها ثانية ؟
حبيبتى مارقريت حزمت حقائبى مفارقآ جامعة الخرطوم التى جمعتنا و توجهت غربآ لأحط رحالى بأمريكا آملا أن أعود ومعى ما أشترى به مهرك الغالى و لكن فاجأنى هاتفك و أنت تقولين … أنا فى جوبا و إلى الأبد .
قصة بالنقيض من قصتك التقيت باحدهم فى احد اسفارى وقص لى قصته هو من الشرق وكان له ==دكان = انتهزت الحكومه ذهابهم للصلاة فى يوم الجمعة فهدمته وجعلته يشعر بالاسى وشعور بالخديعه يلازمه وصار من بعدها =قناص= يلاقيك فى المطارات او فى اى مكان وهو مستعد ==للمساعده = فقد تعلم من ==الحكومه == ويعرض خدماته السؤال هو هل قامت حكومات الشمال باعداد السودانيين ليكونوا واحد من اثنيين حرامى
او ضحيه ام ماذا ولن اذكر كيف خدعنى فتلك ==تدقيسه اخرى == ليس الجميع كشول ابن الجنوب
ذهب الجنوب ومن ضمن ما ذهب اخلاق السودانيين ولن نستعيدهما الا بازالة المفسدين الكبار