تعكف بعض المُؤسّسات في الدولة على دراسة تستهدف بها الإجابة على سؤال (كيف تُسكت الأصوات الناقدة للحكومة) وهي الآن تدرس آراء وأوراق خُبراء لتحجيم السُّلوك الانتقادي لدى المُواطنين.
الخبر الذي ورد في (آخر لحظة) ونقلت عنها عددٌ من المواقع، على غرابته وترفه يعكس أيضاً أين تصوّب الحكومة.. الذي لا شك فيه أنّ الوضع الخانق الآن والذي وصل مرحلة الصّمت يجعل أدنى سقفٍ للتوقعات أن يكون مثلاً (الحكومة تدرس حَلٍّ إسعافي لأزمة الوقود) وتصبح الأزمة الاقتصادية التي ولّدت هذا السلوك الانتقادي لدى المُواطنين الهَمّ الأكبر، لكن يبدو فعلاً أنّ الحكومة مَهمومة بإسكات أو كبت الأصوات الناقدة، لكنها هذه المَرّة بطريقة أذكى قليلاً.
بعيداً عن واقعية الخبر أو الخطوة التي اتّخذتها الحكومة، هناك سُؤالٌ مُهمٌ، لماذا تجتهد الحكومة وتُبدِّد وقتها ومالها في أمرٍ غير ذي جدوى، لماذا لا تُحوِّل اهتمام هؤلاء ?الخُبراء? في إسكات الأصوات الناقدة إلى خُبراء وطنيين يتحلّون بالشّجاعة في طرح الحُلول التي يَعلمها كل خبير.
إسكات الأصوات الناقدة لا يحتاج لـ ?خُبراء? ولجان وأوراق عمل، سياسات الحكومة هي التي تُسكت أو ترفع الصوت الناقد.
لكن قبل أن تدخل الحكومة في دوامة ?الخُبراء? لماذا لم تطرح السؤال المُهم والذي إن أجابت عليه سوف يكفيه شر ?الخُبراء?.. السؤال الذي لا ترغب في طرحه حتى بينها وبين نفسها، لماذا عَلَت الأصوات الناقدة، على طريقة السؤال الأمريكي ?لماذا يكرهوننا?..؟
لا أدرى من أين وكيف تتنزّل مثل هذه الأفكار على الحكومة والتي تتحمّس فيها، من قبل كان هناك مشروعٌ يرمي في محصلته النهائية حسب مشرعيه إلى ?تحسين? صُورة السُّودان التي شوّهها الصوت الناقد، المشروع الذي يَبدو أنّه تَمّ إسكاته، تقوم فكرته على إحضار نجم إقليمي أو عالمي وتتكفّل الحكومة بزيارته وإقامته، هذا النجم مطلوبٌ منه التجوال في السُّودان ومن ثَمّ يعود إلى بلاده ويحدث العالم عن السُّودان الجميل، ويُؤكِّد للعالم أن ما ترونه في الإعلام ليس إلا كذبا.
ذات الأفكار الجهنمية تتنزّل بعيداً عن مُخاطبة الأزمة.. حسناً، فلنقل أنّ ?خُبراء? إسكات الصوت الناقد نجحوا في مُهمّتهم، هل يعني ذلك أنّ الأزمة حُلّت..؟
نحتاج أولاً مَن يَحترم عُقُول الناس ويُخاطبهم باعتبارهم بشراً، قبل أن يبحث للحكومة عن حلٍّ تُريح به آذانها من الأصوات الناقدة..!
التيار
