دلالات الاستفتاء الصامت

تعيش بلادنا حالة تداعي وانهيار وصل مرحلة الأزمة والكارثة نتاج تراكمات تاريخية واخطاء الانظمة المتعاقبة منذ مرحلة مابعد الاستقلال الوطني عام ١٩٥٦، ولكن أخطاء حقبة مرحلة مابعد انقلاب الجبهة الاسلامية عام١٩٨٩كانت استراتيجية ،ادخلت البلاد في نفق مظلم وهددت وحدته وهويتة ومستقبلة وخلخلت نسيجة الاجتماعي ورهنت البلاد للأجنبي والوطن يمضي بلا خطة لذلك يتصدى شعبنا الان بوعي لمخاطر الطغمة الحاكمة ومشروعها الخطير على السودان والمنطقة، وقد قاطع كل دعاويها ومشروعها في حالة شبيهة بالاستفتاء الشعبي الصامت، كما قاطع شعبنا وقواه السياسية والنخبوية آخر إنتخابات عامة في صمت واستنكار حيث كانت نتائجها مصنوعة، مثلما دخلت الحركة الجماهرية من اتحادات ونقابات في سلسلة اضرابات واعتصامات تتقدمها نقابة ولجنة الأطباء والمعلمين والعمال، كما اصطف مئات المحامون امام الجهاز القضائي رافعين شعار العدالة والحقوق والحريات في صمت مثلما رفعت القوى السياسية مذكرة احتجاج ممثلة في تحالف قوى الإجماع المعارض رافضة رفع النظام الحاكم يده عن دعم الدواء والمواد الغذائية والبترول مطالبة بألغاء كل القرارات الجائرة والظالمة بحق شعبنا وتسليم السلطة للشعب عبر سلطة انتقالية، تم كل ذلك في رسالة احتجاجية صامتة وبأسلوب حضاري اعتمد آليات النضال السلمي الديمقراطي ووفق الحقوق المضمنة في الدستور ،مثلما قاطعت جماهير شعبنا وقواه السياسة ماسمي بوثبة الحوار الجزئي المزعوم في قاعة الصداقة والذي كان اجتماع موسع لقوى الاسلام السياسي وواجهاته الكرتونية المكشوفة من حركات ومنظمات وشخصيات وبيوتات اقتصادية تمثل الرأسمالية الطفيلية، تماهت وتوالت مع النظام في اطروحاتة وسياساتة الاقتصادية والسياسية والحربية المشبوهة والكسيحة، حيث تمخض ذلك الحوار الجزئي بإبقاء ركائز نظام الإنقاذ من نظام حكم اتحادي وفيدرالي ومزيد من الصلاحيات والسلطات لرئاسة الجمهورية واعتماد نظرية السوق الحر كمنهج اقتصادي واستمرار سياسات الحزب الواحد حتى اكمال دورتة الانتخابية المزعومة حتى عام ٢٠٢٠م.
للأسف لازال البعض بين الترقب والانتظار لتنفيذ مخرجات الحوار الجزئي حتى تفاجأ الجميع بحل لجنة ٧+٧ حيث تأكد الكثيرون ان ما يسمى بالحوار محض مسرحية وخداع تكتيكي رخيص لمزيد من إطالة عمر النظام ومحافظة منسوبية وهتيفتة على ثرواتهم المنهوبة من قوت الشعب .
صبر شعبنا لدعاة الإسلام السياسي ومشروعهم الفوضوي الأحادى حوالى ٢٧عاما وهي حقبة كفيلة بمعرفة حقيقة هذا المشروع الذي تكشفت كل اهدافة السياسية والانتهازية والبراجماتية حيث ادخل البلاد في ازمة وطنية شاملة تمظهرت في أزمة اقتصادية طاحنة أفقرت البلاد وجعلتها رهينة لروشتات صندوق النقد والبنك الدوليين، كما تخلت الدولة عن ابسط واجباتها في دعم الدواء والعلاج والغذاء والمواد البترولية وعن مجانية التعليم وصحة البيئة وكل الخدمات الأساسية، بل توقفت تماما كل المؤسسات الإنتاجية الزراعية والصناعية أهمها مشروع الجزيرة ومصانع الأسمنت والنسيج والزيوت والألبان والسكك الحديد وغيرها، كما انهارت كل مؤسسات التعليم العالي والعام وأصبح التعليم العام طاردا وتحولت العملية التعليمية للخصخصة وحكرا للقطاع الخاص وأبناء الأغنياء، اما نظام الحكم فقد فشل التجريب الذي طبقة فلاسفة اليمين الرجعي في الحكم الاتحادي الفيدرالي والمحلي وتحولت الولايات والمحليات الي دويلات القبائل مما ساهم في اعادة انتاج القبلية والجهوية حيث اصبحت النزاعات القبلية مهددا حقيقيا للوحدة الوطنية في العاصمة، فقد تصاعدت النزاعات القبلية الدموية في امدرمان بين الجموعية والهواوير وفي شرق النيل اما في الولايات فقد حصدت النزاعات القبلية الالاف من ابناء شعبنا في دارفور وكردفان وشرق السودان والنيل الازرق وغيرها، كل هذة النزاعات مصنوعة بعناية من جهات على علاقة بالنظام بل فشلت اغلب مؤتمرات الصلح بسبب تسييس المؤتمرات وفشل النظام الأهلي بسبب فرض الزعامات القبلية الذين اتوا بالتعيين السياسي فمارسوا دور المخبر الامني.
ومرت ٢٧عاما ولازال النظام السياسي للبلاد محكوما ببرنامج نظام الحزب الواحد الذي فشل برنامجة ومشروعة تماما بعد ان طفح كيل الفساد المالي والإداري ودمر الخدمة المدنية ووصلت البلاد لطريق مسدود، لذلك يحاول حزب المؤتمر الوطنى الحاكم البحث عن طوق نجاة لمركبة المتهالك والغارق تحت دعاوي وثبة الحوار وخارطة الطريق والانبطاح للتدخلات الخارجية الامريكية والاوربية والافريقية والاستقواء بالقوات الاجنبية التي تحاصر الخرطوم والجبال وابيي ودارفور، اضافة للمليشيات التي تمارس أبشع أنواع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان وتكسير كل المواد الدستورية والقانونية التي اقرت في دستور ٢٠٠٥م الذي أصبح حبرا على ورق وهنالك كثير من الشهداء لانعرف مصيرهم بدءا بشهداء حركة رمضان المجيدة ١٩٩٠م وشهداء انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣م وغيرهما ولازالت المعتقلات والسجون مليئة بالمناضلين والشرفاء الذين طالبوا بحقوقهم المشروعة في الحياة والتعليم والحرية والعدالة والكرامة الانسانية.
لذلك حاصرت جماهير شعبنا وحركتة الجماهرية والسياسية نظام الخرطوم من خلال استفتاء الشعب الصامت والمفتوح، تم عزل النظام عن كل فئات شعبنا الذي استلهم دروس وعبر التاريخ التي قدمها شعبنا للأمةو الانسانية في الثورة المهدية وفي ثورة اكتوبر ١٩٦٤م وانتفاضة مارس ابريل ١٩٨٥م ومستلهما ابعاد ومعاني الثورة العربية التي تعارف عليها بالربيع العربي، كل تلك الدروس اعتمدت النضال السلمي الشعبي من أجل اسقاط الانظمة الديكتاتورية الرجعية عبر الإضراب السياسي والعصيان المدني كأسلحة مجربة وحاسمة وملهمة ،لذلك نلاحظ محاولات قوى الردة ممارسة حالة التخذيل والتقتيل والتشريد والاعتقال من أجل اجهاض مشروع الثورة، تحت دعاوي حل الهبوط الناعم واختراق قوى التسوية من الزعامات التقليدية او الحركات او الاستجابة لسيناريو بدائل خارجية غربية وافريقية والتي تعمل دوما من اجل وأد واختطاف الإنتفاضة والثورة والمحافظة على الأنظمة الاستبدادية اوصناعة مايعرف بالفوضى الخلاقة كما تم في العراق ومصر وليبيا وسوريا واليمن وغيرها مثلما وجد الغرب الامبريالي الصهيوني ضالتة في ترويض نظام الخرطوم الهش من خلال اعتماد سياسة الجزرة والعصا وشد الأطراف فمرروا مخطط التفتيت عبر اتفاق نيفاشا المفخخ عام ٢٠٠٥م حتى تم شطر السودان الي دولتين عام ٢٠١١م ليعيش السودان الشمالي والجنوبي جريمة العصر ويدخل في حروب أهلية طاحنة قتلت مئات الآلاف وشردت الملايين، هكذا فقد السودان استقلاليتة واستقلالة وأصبح دولة متخلفة في كل اوجة الحياة وبعيدا عن روح العصر والقرن ٢١ في زمان حكم دعاة المشروع الحضاري الكذوب والمتأسلم، الذي جمد جدلية الأصالة والمعاصرة والايصال والتواصل الثقافي والفكري والاقتصادي والاجتماعي، فبعد ما تجاوز شعبنا الغني برجالة ونساءه وثرواتة اسئلة وجدلية الهوية التي طرحت في ستينات القرن الماضي اعيد انتاج جدلية الغابة والصحراء في الالفية الثالثة حقا انها اخطر ردة.
علينا قطع الطريق أمام اي بديل زائف اصلاحي فقد حشد شعبنا وقواة الحية كل قدراتة من اجل التوحد حول هدف مركزي وهو البديل الجزري التاريخي التقدمي عبر النضال السلمي الديمقراطي ومن أهم ادواتة هو العصيان المدني الإضراب السياسي الشامل، في هذا يجب ان تتكامل أدوار القوى السياسية الحية مع مبادرات الحركة الجماهيرية والجامعات والشباب والشابات لندعوا للعصيان المفتوح المحسوب نتائجة، فالعلاقة بين هذة الفئات عضوية وتكاملية حتى يتحقق البديل الوطني الجزري الذي يتفاعل مع محيطة الإقليمي والدولي ومع قضايا شعبنا الملحة، المتمثلة في وقف إطلاق
النار واللجؤ للسلام الدائم وإقامة دولة المواطنة والحرية والعدالة واقامة التنمية المتوازنة والتدوال السلمي للسلطة ومحاسبة ومساءلة الذين ارتكبوا أخطاء استراتيجية فى حق شعبنا خاصة مايتعلق بحقوق الانسان والفساد المالي والاداري.
فقد صبر شعبنا للزمرة الحاكمة لأكثر من ربع قرن من الزمان لكن اعمتها كعكة السلطة والمال السحت وشوهت ديننا الاسلامي الحنيف لتحولة لمشروع سياسي سلطوي وغطاءا لممارستها المستبدة،. ولذلك أرى في الافق ان دلالات وآفاق الإنتفاضة الحاسمة قد تبلورت من خلال تراكم المظالم والانهيار الشامل والعصيان المفتوح والذي يعتبر استفتاء ومطلب عميق الدلالات والابعاد، حشر النظام في عزلة داخلية وخارجية ليطلب منة الرحيل الابدي.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..