في منهجية السلام الذي يؤدي إلى الحرب

سلمى التجاني
بعد إجتماع برلين في 16-17 من أبريل الجاري ، والذي مُنِيَ بالفشل ، بدا واضحاً أن السقف الذي تتوافق عليه الحكومة والمجتمع الدولي هو وثيقة الدوحة للسلام في دارفور الموقع في الرابع عشر من يوليو 2011، الحكومة أعلنت ذلك عدة مرات وسفير المانيا بالسودان، الدولة المنظمة للقاء، تحدث عن إلحاق الحركات المسلحة بالسلام. لذلك كان جلياً قبل بداية إنعقاد اللقاء أن الهدف منه هو دفع المجموعتين المشاركتين فيه لتغيير موقفهما من الوثيقة، الموقف الذي ظل ثابتاً كل في جولات التفاوض مع الحكومة.
أخطر ما حدث لقضية دارفور هو الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي على أحد فصائل حركة تحرير السودان والتي أسفرت عن توقيعه على إتفاق أبوجا في مايو من العام 2006م. كان الإتفاق مدخلاً للتعامل مع القضية بالتقسيط المخل توطئةً لتصفيتها، فأبوجا منحت الحكومة فرصة ذهبية لتفكيك وإضعاف جيوش الحركات المسلحة، وذلك بوضعها في مواجهاتٍ مسلحة مع بعضها البعض، إضافة لتمكنها من دراسة الأوضاع الداخلية للفصائل بتركيبتها الإثنية ومنطلقاتها السياسية، ورؤيتها للحل.
منذ هذه الإتفاقية بدأ المجتمع الدولي التعامل مع قضية دارفور كأزمةٍ آيلة للحل عبر الصفقات السياسية المجتزأة، عبر سياسة الإلحاق بإتفاقياتٍ هشة لا تكلف ثمن الحبر الذي أهريق فيها. وبدأ تراجع الإهتمام بها دولياً رغم ما خلفته من مأساةٍ إنسانية، عنوانها مئتي ألف روح راحت ضحية الإبادة التي وقعت في أول فترة الحرب، ومليوني ونصف نازح وأربعمائة الف لاجئ، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة. انشغل المجتمع الدولي بقضايا أخرى وأصبحت قضية دارفور وما أسفر عنها من عقوبات دولية وملاحقات جنائية مجرد عصا يبتز بها النظام لتحقيق مصالح الدول الكبرى. لذلك تتجه المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة الآن لتجفيف معسكرات اللاجئين بتشاد، ولذلك أيضاً يضيِّق برنامج الغذاء العالمي على النازحين فيخفض حصتهم من المعونات الغذائية للنصف، ثم يأتي خبراء الأمم المتحدة بالسودان ليؤكدوا أن الحرب بدارفور لا وجود لها إلا بجبل مرة، ما يعني أن ( كلو تمام التمام ) ولم يتبق إلا إلحاق الحركات المسلحة بوثيقة الدوحة.
الصراعات التي خاضتها الفصائل مع بعضها في بداية سنوات الحرب، ثم جولات التفاوض الماكوكية التي وجدت نفسها جزء منها ابتداءً من انجمينا الأولى والتانية في أواخر 2003 م ، كلها أسهمت في الوضع الذي تعيشه الآن، إذ كان مشروعها الفكري وطرحها السياسي في مرحلة التبلور، وجيوشها في مرحلة البحث عن عقيدة قتالية تقيها شر الإنقسام والدخول في إتفاقات سلام بعضها شفاهي يتم عقده على الحدود مع شاد، أو مع ولاة الولايات ومحافظي المحليات، ما أدى لتناقص ثقة قواعد الحركات فيما تقوم به.
ما يحدث الآن لقضية دارفور قد يوقف الحرب مؤقتاً، لكن لن يحقق السلام، قد يعود النازحون واللاجئون لقراهم، لكن ستظل الحرب داخل نفوسهم، سيعيشون بمأساتهم في دولةٍ أبادت أهلهم، وقتَّلتهم، وحرقت قراهم، فدفعتهم للحياة في جحيم المعسكرات لعقدٍ ونصف من الزمان. أن تعيش في دولةٍ تسببت في تغيير حياتك للأسوأ وللأبد يعني أن فرص استمرار السلام الظاهري ضئيلةً جداً، وأن حرباً بأشكالٍ مختلفة ستظل قائمة .
يمكن أيضاً أن تستمر الحرب بشكلها المعروف من قتالٍ ودمار، تقودها أجيال جديدة علِمت ماذا تعني الحياة مع جلادك، أن تراه يتوعد ويرغي ويزبد في أجهزة الإعلام، أن يُحشد له النازحون ليتحدث لهم عن السلام وهو من أطلق أوامر القصف والحرق القتل التي طالتهم هم وأهلهم وممتلكاتهم، ما يعني أنه يقتلك بكلماته كلما تحدث.
طريقة ( كلفتة السلام ) كما يجري الآن لن تحققه، يحققه جبر ضرر الضحايا، بالسماع لمعاناتهم والإعتذار لهم، والمحاسبة القانونية لكل من أجرم في حقهم، ثم تعويضهم عن كل ما مروا به، تعويضاً مادياً ومعنوياً، وإجراء إصلاحات جذرية في هيكل الدولة تؤسس لنظامٍ ديموقراطي يقوم على المواطنة المتساوية وحكم القانون، حتى لا يفلت أحد من العقاب، في دولةٍ ظلت تعيش في حالة حرب منذ استقلالها، واصبح الإفلات من العقاب هو ديدنها.
لن يتحقق السلام بدارفور بهذه الكيفية التي يجري الترتيب لها، ما سيحدث أنه ستنفتح أبوابٌ جديدة لأشكالٍ مختلفة من الحرب، فالسلام العادل يتحقق أولاً في نفوس الضحايا.
إختلف مع الأستاذة سلمي , فإن السلام الناقص خيرا من الحرب والدمار و ضياع مستقبل الأجيال الشابة من بنات و أبناء دارفور الحبيبة .
نعم تغيرت أهمية وأولوية حرب دارفور في الأجندة الغربية وهذه طبيعة السياسة العالمية التي لم يفطن لها قادة الفصائل المسلحة الذين ظنوا أن الامور تكون ثابتة static بينما هي متغيرة dynamic والسياسي الحاذق من يقتنص الفرصة المناسبة لخدمة مواطنيه .
ماذا يضير لو قبل المفاوضون وثيقة الدوحة و من ثم عملوا مع السودانيين الآخرين للضغط من أجل تحول ديمقراطي سلمي ينتج سودانا ديمقراطيا سيكون لأهل دارفور فيه القدح المعلي نسبة لكثافتهم السكانية.
اعملوا أختي العزيزة لإيقاف هذه الحرب اللعينة ولو بسلام ناقص !
إختلف مع الأستاذة سلمي , فإن السلام الناقص خيرا من الحرب والدمار و ضياع مستقبل الأجيال الشابة من بنات و أبناء دارفور الحبيبة .
نعم تغيرت أهمية وأولوية حرب دارفور في الأجندة الغربية وهذه طبيعة السياسة العالمية التي لم يفطن لها قادة الفصائل المسلحة الذين ظنوا أن الامور تكون ثابتة static بينما هي متغيرة dynamic والسياسي الحاذق من يقتنص الفرصة المناسبة لخدمة مواطنيه .
ماذا يضير لو قبل المفاوضون وثيقة الدوحة و من ثم عملوا مع السودانيين الآخرين للضغط من أجل تحول ديمقراطي سلمي ينتج سودانا ديمقراطيا سيكون لأهل دارفور فيه القدح المعلي نسبة لكثافتهم السكانية.
اعملوا أختي العزيزة لإيقاف هذه الحرب اللعينة ولو بسلام ناقص !