
في ذكرى رحيل والدتي؛ الحبيبة العظيمة، ذات الخلق النبيل والنفس العفيفة الزكية، التي ما ورد اسمها الا وانهالت المحبة والدعوات الصادقة وتدافعت السيرة الطيبة على كل لسان. يذكرنها طالباتها بالفضل والأمومة الطاغية ويصفها كل من عرفها أو التقاها؛ قريبة، صديقة أو زميلة، بالوداعة، والحسن والأدب الرفيع الجميل.
أمي سليلة النور وفخر النساء.
رحمها الله رحمة واسعة وغفر لها وادخلها فردوسه الأعلى بغير حساب او عقاب
في وقتٍ مضى وفي لحظة ضيقٍ واحتياج، كتبت هذه القصيدة مخاطبة روح أمي، فرأيتها في المنام تهش عني الأذى وتمنحني عافية الحياة. ادركت حينها كم عظيمة هي الأم، حاضرة وغائبة، فروحها النبيلة ترفرف في الفضاء تحمل القلب سامياً على جناح جبريل!
وقتئذ فاجأني بعضهم بالسواد ففاجأتني الحياة بالبياض.
تساقطت وجوه فتجلت مئات الوجوه
انغمس البعض في الظلام فتصاعد الكلُّ في نور وجمال ..والهام
هكذا هي الحياة إن خذلنا في القليل، ظنناها في الكثير ولكن أن اخرجنا أنفسنا من الدائرة الضيقة اكتشفنا اتساع الارض ومساحات الحب والخير من حولنا،
ورأينا ما حجب عنا من قلوبٍ نقية ومن عافية.
واكتشفنا أن لنا أحباء أضعاف أوجاعنا الصغيرة،
وأيقنا أن المواقف تنبئ عن الأصالة وعن من يستحق أن يشاركنا بهاء هذا الكون!
وجودنا بين قلة قد يحرمنا اكتشاف الأكثرية رغم أنهم الأفضل!
فلا تكترثوا لأي خذلان أو صدمات ممن حسبتموهم في غفلة زمانٍ زملاء او أصدقاء او ربما أقارب فبعد كل عاصفة سرعان ما يعم الأرض هدأة نبيلة وصفاء كوني وسلام.
الريح تأخذ الضعيف والمتهالك وتنجلي عن قوي صامد و
الأهم عن عالم مغسول بالمطر.
تجربتي والخذلان كانت اختباراً صادقاً لوِرْثةِ الخير ولما علق في دواخلي من تركة ضوء وهبتني إياه!
الشمس لا تحتجب!
هل غرق الكون في سكونه
لأغرق انا في ذكراك
هل صمتوا عن أشعارهم
لاتلو أناشيد فقدي
وأغنيات تفجرت يوماً بين ثناياك
أماه
تأخذني فيك انتباهة
فأجد الحياة صامتة
الا من صرير الروح
بكاء الريح
وحكاية يتيمة وشجون
ويحها تلك الليالي البائسة
ويحه هذا السكون
تتسلق العبرات حلقي
وعلى جدار الليل
تنحت الأنات شوقي
قصة أليمة
ودمعة حنينة حميمة
عبء هذا الاحتشاد
في اعتلالِ الوقتِ
تصبح الحياة موحشة
وعلى شواهد الرحيل تستكين
احتاجك في كل وجعٍ ،
كل وقتٍ، كل حين
أو تذكرين؟
“ناصيتي بيدك
ماضٍ في حكمك
عدل فيّ قضاؤك”
هذا دعاؤك في الصباح
تمسحين الهم عن قلب الجراح
وذات الدعاء ترددين
وتكثرين
وبعطفك المألوف لطفاً
تمنحين الحب نوراً
تزرعين الفرح ورداً
في دروب المتعبين
مضيتِ حكماً قاسياً
يغتال صبري
ينجلي حزناً مقيماً
يعتلي صدري على وعدٍ يقين
أماه
بك اكتسى قلبي
معاني الانتماء
و استظل الكون
في وجع احتراقي
تحت ألوية الرجاء
أن التقيك
وعلى صحائف قصتي
صدر توشح بالضياء
أماه
مهما يعتريني من هموم
سيظل صوتك
رُقيتي
من كل رهقٍ
من تفاصيل الحياة
ومن تهاويم الشقاء
أماه روحك وجهتي
من غثاءٍ، من عناءٍ أو بلاء
الله من ليل يبث مواجدي
فقداً ونزفاً في تراتيل الولاء
من ظلام يحتفي بالدمع نهراً
للبكاءِ و للرثاء
الله من صمتٍ ينازل وحدتي
يفتح على صدري مشارف وحشتي
مسلكاً للبوح والوعد القديم
يسعى بفعلِ الحب
يأتيني بطوق الياسمين
فألفُّ عنق مواجعي
بوردتين من خواص مشاعري
و قطعتين من الحنين
و على الحوائط
ارسم الكلمات تروي قصتي
ورؤاي في زمنٍ حزين
أماه اغضمت الجفون
وجفني انا
قد جفَّ من فرط النداء
أن تعالي و انصتي
وانشليني من براثن حاجتي
فدعوتي
أن تُحلَّ على مقامك عقدتي
وعلى الفضاء الحر ابداً ألتقيك
واحتويك
لحظةً
من عمر هذا الاشتعال
و ادفن في زوايا الليلِ
أطياف الوجوه الشائهة
أبثُّ قلبك وجعتى وهذا المقال
اشكو لصدرك من حكايا مكرهم
سراً دفيناً لا يقال
هم اشبعوا صدري نكالاً
بل وغدراً واغتيال
هم ارهقوني بالأكاذيبِ الطوال
الله يعلم بؤسهم
و انحدارات النوايا واختراعات الخيال
سأظلُّ أبداً في العلا من فوقهمً
أرنو الى سقطِ الحديثِ
واستقي قواي نوراً من تداعي ضعفهم
اسمى وأنبل من خفايا الإفتعال
أماه وعدي
أن أظلَّ منيعة بتواتر العهد الرفيع
عز هذا العنفوان
سأظل اعلو فوق هامة كيدهم
ارتقى سحب السماحةِ والسلام
سأكون ابداً مثلما انبتني
بيضاء
في وجهِ القتامةِ والظلام
بلا فواحش أو جدال
أو خصام
فالصمتُ نور
و التغاضي عن جهالةِ وصفهم
فعلٌ وقور
هو رفعةٌ في كل آن
الصمتُ درب العارفين
وارتقاءُ الروحِ في هذا الزمان
تميمةُ الخيرِ الموشحِ بالأمان
أماه وعدي أن اكون
كالسنديانِ قوية
في وجه ريح الابتلاء
صدري بهاء
قلبي صفاء
روحي تسافر في زوايا الحزن
تشتل سحرها ورداً ندياً وارتقاء
لكنني أماه رغم الوعد
عذراً أنني
أبقى أنا
محارة في عمق بحر مواجعي
ارتاد أزمنةَ الكثافة
اعتلي موج التحدي
والتجاذبِ والعناء
أماه أني لم ازل
وبرغم عهدي والوفاء
طيناً يمازج ماءه
حزن ووجع
واحتراق
واستياء
لكنني سأظل اقهر وجعتي
استقى من فيض نورك قوتي
من ورثة الخير العظيم
من السماحة والأصالة والنقاء
كل السلام- الاحترام
الحب حد الارتواء
وأظل كمثل ما علمتني
ملوكية في وجهتي
صوفية في رفعتي
نوريةً
قلبي مضاء!
أميرة عمر بخيت




رحم الله والدتك سيدتي.
الصورة الضاحكة لا تتناسب مع الحدث،، من المسئول عن هذا الخطأ؟؟؟