عندما تكون الأقلام والإعلام عند غير أهلها!!

من حق الأقلام أن تتناول شأن الصحة بزوايا متباينة.. ورؤى مختلفة.. وقمة الروعة في هذا التناول تكمن في الحفاظ على أدب الإختلاف.. وعلى صدق التناول.. والبحث عن المعلومة من مظانها.. وقراءة هذه المعلومات وفق ما يطابقها من ممارسة في الواقع.. والزملاء المدافعون عن البروف مأمون حميدة أو عن سياسات الحكومة نقول لهم: لا ضير في ذلك.. وبالمقابل عندما نناهض هذه السياسات على التحقيق الأمر لا يحتاج لكثير عناء.. ومن هذه الزاوية ظللنا نتناول السيد الوزير ونواجهه ليس عشقاً للمواجهات ولا طلباً للبطولات ولكننا طلاب حق لن نستطيع التخلي عنه.. ونود إشراك من يرون غير ما نرى حتى ننهض بحجتنا.. (فالوزير يقول على رؤوس الإشهاد وفي الحوارات أنه صاحب المستشفى الأكاديمي.. والسيد الوالي يقول أن الأكاديمي مملوك لوزارة الصحة.. فمن نصدق؟! فإذا كانا لا يتفقان على مبنى تؤسس فيه مباني قيمتها 9 مليار جنيه من أموال هذا الشعب المنكوب ثم نكتشف من الوزير أن المستشفى خاصته.. فهل هذا يحتاج لشجاعة أو عدم خشية في قول الحق؟! وهل كشفه يحتاج للبطولات أم أنه أمر يكشف عن نفسه ولا يجد ورقة توت تستره.. ولقد ظل الأخ الوزير يرفض لأشهر عُدة الإتهامات بأن مستشفى الخرطوم قد بيعت.. وأخيراً يعترف: (الناس حقو تسأل نحنا بعنا الأرض أم المستشفى؟!) ثم جاء اعتراف السيد الوالي والوزير بأن بيع مستشفى العيون قد تم بقرار سيادي وأعلن السيد الوالي أنهم حتى الآن لم يجدوا مشتري لها.. أما قضية نقل الخدمات الصحية إلى الأطراف فهذا أمر لا يختلف حول أهميته اثنان ولكن بؤس التفكير يكمن في أنك لو أردت تغذية الأطراف هل بالضرورة أن تقتل المركز.. وفي شأننا الراهن مستشفى جعفر بن عوف التخصصي للأطفال يسع 468 سرير.. ويقصده كل أطفال ولايات السودان.. فما هي العبقرية في أن تجفف مستشفى قائم إلى أقسام غير جاهزة في ثلاث مستشفيات وجغرافياً لا تخدم الولاية كلها؟!
أما ما خطه قلم الزميل الأستاذ/ راشد عبد الرحيم حين قال: (وأمس ظهرت لافتات من النوع الذي يجيده المعارضون وخاصة ذوو اللون الأحمر الذين يبرعون في تدبيج اللافتات والمسميات الوهمية ومنها ما سموه [إعلاميون من أجل الأطفال] خرجوا بهذه اللافتات ليعلنوا رفضهم لنقل الحوادث بمستشفى جعفر بن عوف..
الأستاذ راشد واضح أنه لم يتحرى عن جماعة إعلاميون من أجل الأطفال وأدخله في مساحةٍ بعيدة عن الحقيقة فإن المجموعة لا يوجد فيها حزب واحد.. والمعارض الوحيد فيها هو كاتب هذه السطور وهو كما تعلم لا يدعو لإسقاط الإنقاذ إنما لإسقاط نظامنا السياسي كله لأنه يتحمل ما نحن فيه منذ ما يقارب الستون عاماً من الفشل.. أما قضية مناهضة قرار إغلاق حوادث أطفال جعفر بن عوف فالأمر لا يحتاج إلى لون أحمر ولا بنفسجي الأمر أمر قرارات تنكل بالأطفال.. وتحت ذريعة نقل الخدمة إلى الأطراف.. فهذا مبتغانا جميعاً.. واليوم تخرج وقفة إحتجاجية ثانية أنت مدعوٌ لها لنطالب أيضاً بتغذية المركز فهل هذا يحتاج إلى لون أحمر أو معارضة وهذا ما أدركته قوات شرطة مكافحة الشغب وتصرفت مع المحتجين تصرفاً بالغ الرقي وبالغ الإرتفاع بالحس الوطني فلم تخرج ولا كلمة نابية ناهيك عن تصرف عنيف.. الأمر كله عزيزي راشد هو ولادة مفردة جديدة وأدب جديد في الإعتراض.. فإن لم تكن الأقلام والإعلام في مستوى الإرتفاع لهذه القامة.. فإنه يحق لنا أن نقول جميعاً آه يا بلد.. عندما تكون الأقلام والإعلام عند غير أهلها..
وسلام يا وطن
حيدر أحمد خير الله
[email][email protected][/email]

جريدة الجريدة 19/2/2013م

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..