جذور قضية المرأة (3)

٭ بعد الاستعراض السريع والمبتور لجذور قضية المرأة أحاول أن أصل إلى نقطة انطلاق قد تشكل بداية سليمة لمعالجة الأمر من جديد في ظل المتغيرات التي تنتظم عالم اليوم.
٭ يجب أن نقول بالصوت المرتفع إننا لسنا ضد الرجل الذي يحمل هم الشرط النسوي وأن قضيتنا نحن النساء ليست ضد الرجال بأي حال من الأحوال وإنما هي قضية ضد الوضع الذي يظلمنا معاً ويحرمنا من حريتنا معاً.
٭ فالمجتمع الذي نسعى له هو مجتمع معافى صحي أو بعبارة أخرى هو عالم الانسان المتحرر نهائياً من العذاب.. انسان جديد سواء كان رجلاً أو امرأة.. والانسان المعذب ظل موجوداً في السودان وداخل عالم العذاب هذا تنفرد المرأة بنصيب الأسد وذلك بفعل الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنظرة العامة لها ومن هنا وباختصار شديد نستطيع أن نقول ان الاضطهاد الذي تعاني منه المرأة في السودان اضطهاد مزدوج ومن خلال هذا الواقع المليء بالمشاكل والمسائل المعقدة تكون المسؤولية كبيرة وعظيمة أمام الذين يبشرون بالعوالم المتحررة المسكونة بالانسان المنعتق من ذل الاستغلال والحاجة والعوز والمرض.
٭ ومن هنا فإن قضية المرأة تطرح نفسها بإلحاح لا مثيل له وتتطلب الجهد الكبير والعظيم مع المكاسب والحقوق التي نالتها وحققتها.
٭ ولكن واقع المرأة الشائك يحتاج للكثير في مجال تثبيت المفاهيم الايجابية لمعنى التمرد في جبهة العمل الاجتماعي والمتغيرات الحادة التي تكتنف عالم اليوم من مؤثرات داخلية وأخرى خارجية أوشكت أن تدفعنا إلى دائرة الاستلاب الثقافي الذي يطمس شخصيتنا ويعرضنا لضروب من خلخلة الشخصية.. تبدأ بتغيير معايير فهمنا للتحرر وأوشكنا أن نجد أنفسنا علي طرفي نقيض.. اما تأثرات حمقاوات.. ثورة على كل شيء في الشكل والمضمون انفلات كامل من القيم والمثل واما معقدات متفلتات متحجرات وبين طرفي النقيض تضيع شخصية السودانية الأصيلة التي نبحث عنها.
٭ والملاحظ ان لدى الكثيرين فهماً مغلوطاً لما تنادي به المرأة من مساواة وتحرر البعض يعتقد ان نشر هذا الفهم متمثل في رفضهم لتقدم المرأة والبعض الآخر هو الذي وقع تحت تأثير مفاهيم الغرب الرأسمالي وراحوا يتعاملون مع كل فتاة تخرج للعمل العام أو تتصدي للقيام بواجباتها حيال مجتمعها أو حيال جنسها باعتبار انها امرأة منفلتة وسهلة.
٭ الفئة الأخري هم المتزمتون الذين يرون ان المرأة لا تصلح لأداء أي عمل نافع وستظل جالبة للعار ومكانها الطبيعي في البيت.
٭ والمزعج في هذا ان كلا الطرفين تساعدهم فئة من الشابات لا تفهم قضية المرأة وتخلط بين التحرر الذي نريده لها والذي تتوهمه هي ويخدعها به الآخرون.
٭ المطلوب هو توضيح المفهوم السليم لمعني المساواة والتحرر اللذين تعنيهما ويكون ذلك بالفعل لا بالقول وبالطبع هذا يحتم علينا النظرة المتجردة لواقع المجتمع اليوم بكل ما يتعرض له من مؤثرات اقتصادية واجتماعية تؤدي بدورها إلى نوع من الظاهرات التي تعرقل عملية تنظيم الحوار المثمر المفيد.. الحوار بين الأجيال ومحاولة وضع المعادلة في اطارها السليم.
٭ والتحرر الذي نريده بالقطع ليس هو التمرد من كوننا أنثيات وإنما هو تحرر من الجهل والفقر والمرض والخرافة والشعوذة والدجل.. بل يجب أن يكون ولاؤنا لكل ما هو سمح وقويم من سلوكيات وقيم المجتمع السوداني.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..