كل نفس بما كسبت رهينة

كل نفس بما كسبت رهينة

رشيد خالد إدريس موسي
[email protected]

تأملت في التعليقات التي صدرت من بعض الكتاب, عن المستوي الذي وصلت إليه لغة الخطاب, في مجتمعنا السوداني في الفترة الأخيرة. و من ذلك , أن نائباً في المجلس الوطني , إستخدم هذا الإسلوب غير اللائق أثناء التداول حول مسألة ما , داخل المجلس الوطني. هذا مما يؤسف له. إذا وجدنا العذر للشارع العام, الذي يعاني من عدم الإنضباط في بعض الأحيان, لكن لن نجد العذر, للجهات السيادية التي تقوم علي أمر الناس و يجعلونها قدوة لهم, مثل المجلس الوطني, الذي يختص بالضبط و التشريع. هذه مأساة , أن يقول أحدهم للآخر : أرعي بي قيدك ! هذا تعبير مجازي, يعني قائله للآخر, عليك أن تلتزم حدود الأدب. و إذا أخذنا حالة المجلس الوطني كنموذج, نتساءل : لماذا يخاطب العضو البرلماني, زميله بهذا الإسلوب غير اللائق ؟ هل يعني هذا, أنه تم تقديم أعضاء غير مؤدبين للبرلمان , ليمثلوا الشعب ؟
يقول الإنجليز في هذا المعني , أي حين يشيرون للآخر, بإلتزام حدود الأدب , Mind your P’s & Q’s , و يقولون Mind your own business أي عليك أن تضبط ألفاظك, و عليك ألا تتدخل فيما لا يعنيك , حتي لا يسبب لك هذا حرج وحتي لا تقع في المحظور. لكن ما بالنا نعمد إلي إستخدام لغة البداوة, هذه الخشنة, و نحن نعيش في عاصمة البلاد ؟ لماذا يلجأ الناس, إلي إستخدام هذه التعبيرات الخرقاء و التي تخدش الحياء العام ؟ هل يعد هذا فلاح أو إدعاء للفلاح ؟ هل يفيدنا إختصاصيو الإجتماع , عن هذه الظاهرة و هذا السلوك الذي ساد في مجتمع العاصمة في السنين الأخيرة ؟.
و لدي أن تراجع مستوي التعليم, و سيادة النزعة المادية بين كثير من أفراد المجتمع, تسبب في تراجع مستوي الذوق العام. و هذا هو الذي دفع الشباب , ليقتدوا بأصحاب المال . و بعض هؤلاء , فقير في ذوقه و في روحه, فكان أن فرضوا نموذجهم القمئ هذا علي غيرهم, أي صاروا قدوة لهذا الشباب الحائر البائر. لذا تراه لا يجد مانعاً في مخاطبة الآخرين, و رميهم بهذا ( الدراب ) و اللغة المبتذلة , من عينة ( كُل نارك ) و ( أدينا شمارك ) , ( لبنت… ) , (الزارعنا … ). بل حتي من يسوسون أمر الناس في بلادنا,عمدوا إلي إستخدام ما هو خشن من تعبير, مثل ( ألحسوا كوعكم ). و يبدو أن هذا الكلام, قيل من قبيل التحدي, في إشارة إلي إستحالة أو صعوبة الإتيان بفعل ما. الإنجليز يتلطفون قليلاً و يقولون Elbow grease , أي تشحيم الكوع , في إشارة إلي هذه المشقة. لكن مهما كان الحال, ما كان ينبغي اللجوء إلي إستخدام هذه اللغة الخشنة, اللهم إلا, إذا كان القائل يرمي إلي إستخدام سلاح الدعاية Propaganda من إجل إستعراض العضلات و إرهاب الآخر. قيل أن الرئيس الروسي خروتشوف, كان ضخم الجسم و ذو منظر مخيف. و قيل أنه إنفعل أثناء حديثه في الأمم المتحدة, فخلع حذاءه و ضرب به الطاولة, في محاولة لتعويض النقص الذي يعاني منه و لإرهاب خصومه. علق البعض حينها و قالوا , كادت الحرب الباردة , أن تنقلب إلي حرب ساخنة !.
لقد إستخدم العقيد معمر القذافي, الرئيس الليبي, مخزونه من ساقط القول ووصف شعبه بأوصاف يعف القلم عن كتابتها, و هو يهدد شعبه إن ثار عليه. لكن دعت القدرة الإلهية, هذا الشعب المغلوب, ليثور علي الطاغية و أسرته , حتي هربوا و تواروا بحثاً عن الأمان. لكن من أين سيأتيك الأمن ؟! يقول تعالي في محكم تنزيله ( كل نفس بما كسبت رهينة ) و كفي.

الرياض / السعودية

تعليق واحد

  1. العاصمه اكتظت بالمتريفين السياديين ناس حوش بانقا وصراصر وام ضريوه ولهذا تريفت الخرطوم . ننادى بحملة ارجاع نازحى حوش بانقا الاختياري للحوش ونطالب بعمل سور حوله ومابطال لو كردنوه :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: :cool: ;) ;) ;) ;) ;) ;)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..