9 يوليو 2005: وذكري دخول جون قرنق للخرطوم.

9 يوليو 2005: وذكري دخول جون قرنق للخرطوم.
بكري الصايغ
[email protected]
***- 9 يوليو 2005 يومآ خالدآ لاينسي، وستبقي دقائق احداثه الرائعة دومآ في ذاكرة الملايين. ففي هذا اليوم ومن قبل ستة اعوام مضت، دخل الزعيم الراحل جون قرنق الخرطوم لاول مرة بعد طول انقطاع دام 22 عامآ (1983-2005) ومعه رفقاء سلاحه قضوها في مجاهل غابات واحراش الجنوب يقاتلون من اجل سودان جديد مبني علي اسس قوية من الوحدة الوطنية بلا تمييز او تفريق بين ابناءه، سودان جديد خال من التفرقة العنصرية وسيادة وسيطرة فئة علي الاخرين وتحقير وتهميش الاقليات الاخري، ناضلوا من داخل الغابات 22 عامآ لاحقاق الحق وسيادة القانون
وتحقيق العدالة وترسيخ مبدأ التعايش السلمي بين كل الاطراف في الوطن الواحد،
سودان جديد بعيد عن الفساد السياسي والاقتصادي والاداري والمحسوبيات وحكم العسكر والدستور والقوانين الجائرة،
2-
***- كان يوم دخول قرنق للخرطوم حدثآ هز العالم باسره هزآ شديدآ، ويعادل تمامآ في قوته نفس حدث دخول الرئيس الكوبي فيدل كاسترو لاول مرة للعاصمة هافانا عام 1956… ودخول الرئيس الصيني ماوتسي تونج بكين واعلان الشيوعية فيها…
3-
***- في هذا اليوم الخالد، خرجت الجماهير بالعاصمة المثلثة عن بكرة ابيها لاستقبال البطل جون قرنق ورفقاءه، خلت شوارع العاصمة من المارة فكل الناس كانوا بساحة المطار في انتظار وصول طائرة قرنق. في هذا اليوم خرجت الجماهير تحمل الاغصان الخضراء واللافتات التي ترحب بقرنق والاطفال يحملون صوره الملونة…
4-
***- وبعد وصوله التقي بمستقبليه وجماهيرة الوفية ب”الميدان الاخضر” وخطب فيهم واكد لهم انه قد القي السلاح نهائيآ وجاء برضاءه الكامل ليبني مع الاخرين السودان الجديد ويتفاهم مع من هم بالسلطة الأن (2005) تطبيق اتفاقية السلام، اكد قرنق للجماهير انه سيسعي جاهدآ لاستبدال القوانين الحالية باخري انسانية والغاء حالة الطوارئ والقوانين الاستثنائية، واحترام حقوق المواطنيين وعدم المساس بها…
5 –
***- كتبت الصحف العالمية في اليوم التالي علي وصول قرنق للخرطوم، انه قد استقبل استقبالآ لم تعرفه الخرطوم من قبل، وان نحو مليون مستقبل كانوا في انتظاره…
6 –
***- ومن مهازل القدر وسخرياته،انه وفي نفس يوم الذكري السادسة علي دخول قرنق الخرطوم يدخل عمر البشير يوم 9 يوليو الحالي مدينة جوبا ليستلم علم سودانه الشمالي بعد انزاله من علي سارية الاحتفال بجوبا، وهو انزال علم يشبه تمامآ انزال العلم البريطاني والمصري من علي سارية القصر الجمهوري عام 1955.
***- دخول قرنق للخرطوم قوبل بالترحاب الشديد من قبل المواطنيين، والعكس تمامآ سيـكون استقبال البشير في جوبا وخاصة بعد يتم تطبيق علم سودانه اشمالي وتسليمه له بشماتة شديدة وسط تهليل ابناء الجنوب، الذين قالوا من قبل للبشير
في زيارته الاخيرة لجوبا( باي باي البشير)…(باي باي الخرتوم)…(باي باي الشمال)!!
7 –
***- ومن مهازل القدر وسخرياته، انه قد جمع افراحنا واحزاننا في هذا اليوم العجيب!!
تم التخلص من جون قرنق بعد أن حقق المطلوب وبالتالى أستنفدت أغراض دعمه من قبل القوى الخارجية ذات المصالح فى هذا البلد, والان جاء الدور على اخرين, فيا ترى هل يعيد التاريخ دوران اطاراته ليتكرر ذات السيناريو بكامل فصوله وفى تاريخ يماثل تاريخ السيناريو السابق, ام يا ترى سيختلف السيناريو والغاية تظل هى نفسها الغاية.
وربنا يلطف
1-
***- "الحزب الحاكم" كان يمني نفسه يوم 9 يوليو 2005 ان تفشل المحاولات الجادة التي كانت تقوم بها بعض المنظمات الطلابية والشبابية الديمقراطية في الخرطوم والتي تبنت فكرة الاستعدادات والتجهيزات لاستقبال البطل جون قرنق، ولكنه مني بخيبة شديدة وفشلت كل مساعيه لافشال خطط الشباب، ومع الاسف الشديد ان بعض الصحفيين راحوا وفي صحفهم المحلية ويقللون من بهجة الملايين بوصول قرنق للخرطوم!!
2-
***- صدم اعضاء "الحزب الحاكم" بشدة وهم يرون مئات الألوف من المواطنيين قد هرعوا زرفانآ ووحدانآ للمطار لاستقبال قرنق ورفقاءه، وكيف ان هذه الجماهير الغفيرة قد انتظرت بساحة مطار الخرطوم بالساعات الطويلة في انتظار وصول الطائرة، وايضآ وهم يرون ان غالبية المستقبليين كانوا يودون الدخول حتي الممر الرئيسي لهبوط الطائرة، صدموا وهم يستمعون لهتافات الجماهير بحياة قرنق وللسلام ويرفعون فروع الاشجار ويلوحون بالاعلام ولا احدآ اهتم برفع صوته تحية للبشير او رفع صورته او رفع لافتة تحمل كلمات تشييد بالمؤتمر الوطني!!
3-
***- صدموا اعضاء حزب البشير وهم يرون الاطفال وطلاب المدارس قد حملوا الاعلام السودانية ذو الثلاثة الوان (القديم) وماحمل احدهم العلم العربي المبرقع بالالوان الكثيرة واشبه بجلباب الدراويش، وغاظهم اكثر ان اعلام الجنوب قد اخذت مـكانها بساحة المطار.
1-
جون قرنق في الخرطوم.. اليوم
***************************
الخرطوم – مكتب «الرياض» – جعفر الريابي:
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة اليمامة الصحفية
—————————————
***- يصل في الرابعة من عصر اليوم الجمعة إلى مطار الخرطوم الدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، واختيرت (100) شخصية من الرسميين والشعبيين لاستقباله بالمطار في مقدمتهم النائب الأول علي عثمان محمد طه، وبعد إجراءات الاستقبال يتوجه قرنق إلى مقر حزب المؤتمر الوطني حيث يلتقي بالرئيس عمر البشير بحضور (200) شخصية من الحركة، و(200) أخرى من حزب المؤتمر الوطني يتوجه بعد ذلك مباشرة إلى الساحة الخضراء جنوب مطار الخرطوم لمخاطبة الجماهير، ومنها إلى مقر إقامته بالخرطوم، وقال المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية ياسر عرمان في مؤتمر صحفي إن ترتيبات استقبال قرنق راعت اعتبارات الجانب الأمني ومصلحة الاتفاق، ووجه عرمان نداءً حاراً للسودانيين بأن يجعلوا من المناسبة احتفالاً بالسلام والديمقراطية والتراضي والتصالح وفتح صفحة جديدة بين السودانيين لنعبر فيها على الحواجز الدينية والاثنية. وترتب الحركة الشعبية بالخرطوم لحشد ما لا يقل عن (4) ملايين مواطن لاستقبال زعيمها بالخرطوم اليوم بالساحة الخضراء فيما نسجت لجان رسمية وأخرى شعبية برنامجاً متكاملاً يمتد لعدة أيام احتفالاً بوصول قرنق للخرطوم.. وهيأت الحكومة بعد مشاورات مع الفريق المكلف من قبل قيادة الحركة مقر إقامة قرنق حيث تم تخصيص المنزل الذي كان يقيم فيه الشهيد الزبير محمد صالح النائب الأول الأسبق بحي المطار بالخرطوم كمقر لإقامة قرنق الذي كان قد رفض معاونوه إقامته بمنزل علي عثمان محمد طه بحي كوبر ببحري بعد إصرار الأخير على إخلائه له.
***********************************************
2-
جون قرنق.. العودة من الغابة
******************************
المصدر:
جريدة "لشرق الأوسط"اللندنية،
الجمعـة 25 جمـادى الاولـى 1426 هـ 1 يوليو 2005 العدد 9712-
الخرطوم: محمد سعيد محمد الحسن.
———————————
يعود زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق الى الخرطوم خلال أيام تنفيذا لبنود اتفاق السلام بين حركاته والحكومة السودانية، وهنا نستعرض طريق قرنق من أدغال الجنوب الى الخرطوم.
تعد شخصية قرنق مثيرة للجدل فقد اربكت المعادلات والمسلمات سواء في الشمال او الجنوب، ربما على المستوى الاقليمي والدولي حيث استطاع بمهارة وبراعة استثمار واستخدام كل ما يفيد برنامجه وأجندته.
وكانت اول محطات قرنق المهمة في مسيرته العسكرية والسياسية لقائه مع الرئيس الاثيوبي الجنرال هيلا مريام منغستو من مطلع 1984 والذي فتح له الاراضي الاثيوبية ومستودعاته العسكرية وأجهزة الاعلام والبث المباشر من اديس ابابا، أما المحطة الثانية الاكثر اهمية فجاءت عبر اتصالات مباشرة بين الحزب الاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية في لندن اولا ثم اديس ابابا في نوفمبر 1988 عندما بدأت مفاوضات الطرفين وقطعت شوطا وصل الى حد وقف اطلاق النار، وعقد المؤتمر القومي الجامع في الخرطوم او خارجها. وجاء محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي والوفد المرافق له واستقبله في مطار اديس ابابا وزير خارجية اثيوبيا، وذلك لقيادة المرحلة الاخيرة للمفاوضات مع قرنق. وفي اليوم التالي للوصول رؤى ترتيب لقاء تعارف بين القيادتين الميرغني ـ قرنق، وفي قاعة فندق قيون الفسيحة الواسعة التي غطت جدرانها رسومات افريقية، ووقف الميرغني ومعه اعضاء وفده في جانب من القاعة كان الاقرب الى المدخل الرئيسي حين كان ينتظر دخول قرنق وأركان قيادته وتأخر الحضور الى بعض الوقت، ولكن الفريق يوسف احمد يوسف عضو الوفد اكد وصوله، وفجأة سمعنا خطوات عسكرية قوية قادمة من الخلف، أي من ابعد المداخل حيث وقف الميرغني، وهمس الدكتور حسين ابو صالح وزير الخارجية آنذاك في اذنه بعدم الالتفات حتى وصول وفد الحركة، لقد جاء قرنق بزيه العسكري الميداني الكامل وقد حمل عصا صغيرة في احدى طرفيها كف يد وتبادل التحية باحترام مع الميرغني وقدم اركان قيادته الذين جاءوا ايضا بزيهم العسكري الميداني د. رياك مشار، ود. لام اكول، ود. جسفن وسلفاكير، ثم قدم الميرغني اعضاء وفده لهم وحرص قرنق على مصافحتهم على الطريقة السودانية الودودة، ثم جلس الميرغني مع قرنق على مقعدين متجاورين بينما توزع اعضاء الوفدين على اركان في احاديث مشتركة، ومضى الحديث لنحو ساعتين كان خلالهما قرنق يصغي باهتمام ويحرك رأسه كدلالة على المتابعة او الموافقة، وقد نقل لي وقتها الميرغني، انه استعرض معه خلفية تاريخية عن الحزب الاتحادي الديمقراطي برعاية السيد علي الميرغني. وانه عندما نال الحزب الاغلبية البرلمانية عام 1954 حرص على اشراك ثلاثة وزراء يمثلون الجنوب، وحرص على عضوية الجنوب في مجلس السيادة عام 1956. وعندما أثيرت مسألة وضع دستور اسلامي وقتها فإن السيد علي الميرغني اخذ في الاعتبار اوضاع اهل السودان، في الجنوب والشرق والغرب واختلاف الاديان والاعراق والعادات والاعراف ووجد ان الحكمة تقتضي المحافظة على الموروث السوداني، وتماسك الامة السودانية ولم يأخذ بنصيحة من طلبوا وضع الدستور الاسلامي باعتباره صاحب الاغلبية البرلمانية.
وعندما انتهى اللقاء في قاعة فندق قيون بأديس ابابا، وخرج اعضاء الوفدين، فان مندوب الاذاعة السودانية تقدم نحو قرنق وسأله بماذا يحس بعد اللقاء؟ رد قرنق باللغة الانجليزية بأنه يشعر بأنه الرجل الأهم في العالم. قالها بلهجة استعراضية مازحة، ولكنه انتقل بعدها ليقول انه تعرف الى زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الميرغني. واستمع منه، وانه احس باطمئنان نحوه ومعه. وعندما بدأ التحضير لعقد الجولة التفاوضية بين زعيمي الاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية لمفاوضات مبادرة السلام السودانية ونوقشت جوانب اجرائية في كيفية التعامل، وحسبما نقل لي الفريق يوسف احمد يوسف، فإن قرنق طلب منهم جعل الامور تسير بشكلها الطبيعي. وقال: فليكن (أي الميرغني) دائما الاول.
والذين حضروا او شاركوا في تلك المفاوضات رأوا كيف ان قرنق كان يدخل مع الميرغني القاعة ويسير بجانبه حتى للوصول الى مقعده ليجلس الميرغني اولا ثم يدور حول مائدة المفاوضات المستطيلة ليجلس قبالته. كان تعامله معه رفيعا ومحترما ولافتا في وقت واحد.
وعندما وقعت مبادرة السلام السودانية في 16 نوفمبر 1988 وعرفت من وقت لاحق باتفاقية (الميرغني ـ قرنق) ظهر أول تباين بين الطرفين. فلدى التوقيع، قال الميرغني، «بسم الله الرحمن الرحيم»، «اللهم منك السلام واليك السلام»، بينما قال قرنق باسم الحركة الشعبية اوقع على اتفاقية السلام، وبعدها مباشرة انعقد المؤتمر الصحافي ووجه مندوب لوكالة انباء عالمية سؤالا للعقيد قرنق عن المقصود من وراء طرح السودان الجديد في برنامجه السياسي وجاءت اجابته: بما مدلوله: ان السودان تتنوع فيه العناصر والتكوينات البشرية بثقافاتها ومعتقداتها وعاداتها وأعرافها، وان الحركة الشعبية ترى توحيد هذه التكوينات البشرية في بوتقة واحدة مثلما حدث في الولايات المتحدة حيث جاءت جموع بشرية من اقطار عديدة من افريقيا وآسيا واوروبا وغيرها وقد توحدت في كيان واحد هو الولايات المتحدة الأميركية.
ووجه مندوب الوكالة ذات السؤال للميرغني، فجاءت الاجابة: انه مثلما للحركة الشعبية برنامجها فان للاتحادي الديمقراطي برنامجه، وكذلك توجد احزاب وقوى سياسية أخرى لها برامجها وتوجهاتها. ولكن عبر الديمقراطية وصندوق الاقتراع فان الشعب السوداني وبارادته الحرة يملك الخيار والاختيار ويقول كلمته حول أي البرامج اقرب اليه فيمنحها صوته وثقته، أي ان صندوق الاقتراع وحده هو الفيصل، فلا املاء ولا شروط ولا سياسة فوقية وإنما انتخاب واختيار بارادة حرة.
يتذكر الدكتور قرنق اثناء التحضير لرسالة الدكتوراه في الولايات المتحدة في حديث اعلامي، «ان هناك موقفا ما زال عالقا في ذهنه لدى وجوده في اميركا، ففي كل سنة كان يسمح للضباط الأجانب في المدارس الأميركية بزيارة واشنطن لمدة اسبوع. وقبل الذهاب تجمعنا في قاعة كبيرة وتم تقسيمنا الى مجموعات، وكل مجموعة تتبع لقارة معينة وكنا أكثر من 5 آلاف ضابط وكان التحرك بالحافلات يتم بنظام القارات، فجاء دور اميركا اللاتينية ثم الشرق الاوسط ثم أفريقيا، وبقيت أنا وزميل سوداني آخر لم نذهب مع أي مجموعة حتى جاء المسؤول الذي قال لنا «إنتو ليه ما مشيتو مع الأفارقة؟» فقلنا له «نحن سودانيون»، ثم لحقنا بالمجموعات. وبعد ذلك صار الافارقة مجموعة، والسودانيون مجموعة اخرى».
ان توقيع اتفاق مبادرة السلام السودانية بين الاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية في 16 نوفمبر 1988 شكل اهمية خاصة للجانبين حيث حظي بترحاب داخلي واقليمي ودولي واسع. ونصت الاتفاقية وقتها على عقد مؤتمر قومي جامع وعلى ترتيبات خاصة تسبق وقف اطلاق النار في الجنوب، ولكن عندما أعلن رئيس الوزراء السابق ورئيس حزب الأمة الصادق المهدي في نهاية نوفمبر 1988 تحفظاته الشهيرة على مبادرة السلام السودانية، (الميرغني ـ قرنق)، قرر الحزب الاتحادي الديمقراطي الانسحاب من الحكومة الائتلافية التي شغل فيها مناصب وزارية مهمة، بما فيها حقيبتا نائب رئيس الوزراء والخارجية، وجاء تعليق زعيم الحزب الميرغني، «ان الحزب سعى في تحركه لوقف الحرب لإحلال السلام من منطلق وطني وقومي وشدد على انعقاد مؤتمر قومي جامع، لأن استمرار الحرب لا يعني سوى استنزاف الوطن بشرا وموارد وتفاقما للمأساة الانسانية، وان الانسحاب من الحكومة الائتلافية أملته المصداقية في التعامل مع الحركة الشعبية تجاه ما تم التوصل اليه لعقد المؤتمر الدستوري القومي ووقف اطلاق النار وإحلال السلام.
وبدا آنذاك للكثيرين ان الحزب الاتحادي الديمقراطي اتخذ موقفا سياسيا غير مسبوق في السودان باتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة الائتلافية حرصا على اتفاق مع طرف جنوبي. وجاء رد فعل زعيم الحركة قرنق معبرا عن الأسف على تحفظات الصادق المهدي على المبادرة، مع ترحيبه وتقديره لقرار الاتحادي الديمقراطي بالانسحاب من الحكم تأكيدا لمصداقيته تجاه اتفاق وقعه معه، والتزامه بعملية تحقيق السلام، وبدأ منذ تلك الفترة، أي عام 1988 تأسيس تحالف ثنائي بين الميرغني وقرنق من جهة، وبين الحركة الشعبية والاتحادي الديمقراطي من جهة ثانية. وكتأكيد على استمرارية ومتانة هذا التحالف، صدر بيان مشترك للميرغني وقرنق في 22 ابريل (نيسان) 2005 بأسمرة أكد على علاقات استراتيجية وتاريخية، امتحنت وصمدت، واتفاق على خطوات ملموسة لتقدير العلاقات وترسيخها. بينما في الجانب الآخر، تراجعت تماما علاقة قرنق بالمهدي الى حد قطع الحوار المشترك والتحفظ على اللقاء الثنائي، سواء في أسمرة او القاهرة او غيرها.