أخبار السودان

بعد المبادلة لابد من التوأمة

بعد المبادلة لابد من التوأمة

بشرى الفاضل
[email protected]

كأنما تمت مبادلة بحيث أصبح هناك دولة ثلاثة أرباع مساحتها تحظى بريع البترول ودولة جديدة ربع مساحتها تحظى بثلاثة أرباع البترول. أو بعبارة أخرى تمت مبادلة ربع المساحة بربع البترول وليس في الأمر ظلم فكل جزء من الوطن بالبترول الذي يخصه.
في زمن نميري عندما اكتشف البترول بحقول الجنوب لأول مرة صرح الرئيس الراحل بأن البترول اكتشف جنوب الخرطوم.وهذا التصريح كان قد اغضب الراحل جون قرنق .
أعتقد أن البترول هو القشة التي قصمت ظهر الوطن ومع العلم بأنه ليس من الأسباب المباشرة للانفصال لكنه المحفز الرئيسي لكل تلك لعوامل التاريخية ، الاجتماعية ، السياسية التي أدت للانفصال. صحيح أن نتيجة الاستفتاء في الجنوب أثبتت أن الغالبية التي تكاد تصل إلى الإجماع كانت مع الانفصال ويمكننا أن نتصور ما يفكر فيه هؤلاء المواطنون بعد البترول : ولماذا نعطيهم نصف بترولنا؟ وهكذا عجل هذا السؤال بالانفصال علماً بأنه ليس السبب فيه.
سيمضي زمن طويل من التأمل لدى المواطنين في الشمال والجنوب في عقود العشرة الطويلة بين مواطني البلدين.وهي عشرة ليس لها بداية فإذا تأملنا أكثر فأكثر سنكتشف أن اسم الخرطوم نفسه (كارتوم أو كارتون أو كارتو) كان من ابتداع السكان الأوائل الذين أقصتهم الهجرات الوافدة من الشمال جنوباً والذين ليس لدى أي منهم دماء أو ثقافة عربية . الحديث عن خرطوم الفيل كما يعلم اللغويون هراء.
لكن بالمقابل فالمجموعات السكانية لن تتخلى عن اللغة العربية .وهي قبل الانفصال بعقود طويلة تتحدث (عربي جوبا) اللغة الهجين ،التي يسخر منها بعض الجهلة في الشمال. وستظل. وهكذا فالذي يربط بين البلدين ليس الجغرافيا وحدها بل التاريخ الطويل المتصل بخيره وشره، واللغة والوجدان؛ ثمة مبادلة متواصلة لا في الموارد والبضائع والمراعي وحدها ويمتد الأمر إلى المصير ولا سبيل سوى التوأمة بين البلدين كما جاء في طرح السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي.
______________
نشر الثلاثاء، بصحيفة الخرطوم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..