عطاء لتوريد قرّاعين قرود ونمور !!

* استطيع أن اخرج بأكثر من عشرين عمود صحفى (على أقل تقدير)، إن لم يكن ثلاثين أو أربعين، من الخبر الذى نشرته صحيفتنا امس فى صفحتها الثانية بقلم الزميلة القديرة (سارة تاج السر) عن السياحة فى السودان، وهو خبر يستحق أن يُنشر بالخطوط العريضة على الصفحة الأولى لأنه يعكس نوعية تفكير نواب المجلس الوطنى الموقر الشهير بـالبرطمان (من برطم يبرطم برطمةً)، والسطحية الشديدة التى تُعالًج بها بعض المواضيع داخل هذا المجلس الموقر.
* دعونا نضحك مما نقرأ:
* كشف نواب برلمانيون عن فرار حيوانات من محمية الدندر الى إثيوبيا، وطالبوا وزارة السياحة بالعمل على إعادتها، وانتقدوا نظرة المجتمع السوداني للسياح والعوائق التي تضعها الحكومة، وقال عبد الباسط سبدرات: “السياحة فن ولكن وين مع السودانيين الصارين وشوشهم ديل وينظرون للسائح كقنيصة ولو جاءهم برداء قصير يقولوا مبشتن”
* وأضاف: “السياح الدايرين سكر ورقص ما عندنا ليهم، ولكن نشجع سفر السياح لمحمية الدندر وغيرها”، واعتبر أن الإجراءات الحكومية كمنع التصوير تعد عائقاً للسياحة،
ومن جانبه قال رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان أحمد التهامي، إن شرطة السياحة تشهد تسرباً وسط أفرادها، بسبب ضعف أجورهم ومزاياها، وطالب بإجازة لائحة شروط الخدمة لشرطة السياحة المسؤولة عن قطاع يُدر على البلاد حوالي “155” مليون دولار سنوياً، كما طالب بتدريسهم لغات أجنبية للتعامل مع السياح.
* واستنكر النائب علي حسن، تجاهل الحكومة لـ”الحدائق والزهور” التي وصفها بالمهمة، وقال: “في تقديري لا توجد أكثر من حديقة زهور واحدة هنا”.
* من جهته كشف وزير السياحة محمد أبوزيد، عن بلوغ عائدات السياحة ١٠٠ مليون دولار العام الماضي بدخول “25” ألف وافد، وأعلن عن اتخاذ الوزارة قراراً يلزم السياح بقضاء معاملاتهم بالدولار لدعم الاقتصاد.
* وقال الوزير إن محمية الدندر بها مشكلة مهبط، ولفت إلى اتفاق مع شركات طيران، والطيران المدني لتأهيل المهبط الموجود منذ السبعينيات، وأكد رغبة مستثمرين خليجيين في الاستثمار بحظيرة الدندر، وأقرّ بعجز الوزارة عن النهوض بالسياحة لوحدها حيث تحتاج لكهرباء ومياه وبنى تحتية مما يستوجب التضافر” إنتهى.
* قبل أن أبدأ، فإننى أناشد رئيس تحرير صحيفتنا الأخ أشرف عبالعزيز بتعيينى فى وظيفة محرر برلمانى مع الاخت سارة حتى استمتع بالكوميديا المجانية اليومية التى يستمتع بها المحررون البرلمانيون للصحف داخل هذا المسرح الوطنى الموقر !!
* أبدأ بالمشهد الأول، حيث طالب النواب وزارة السياحة باعادة الحيوانات التى فرت الى اثيوبيا .. تخيلوا هذا الطلب الذى يشف عن عدم وجود اى فكرة لدى النواب المحترمين عن هذا الموضوع.. (خلاص رسلوا طيارات ترجعها، أو أقول ليكم، رسلوا قرّاعين (مراعاة لظروف البلد الاقتصادية ) يقرعونها من إثيوبيا الى السودان، بس لازم تعرفوا انو الطريقة دى حتجيبها مرهقة وتعبانة وزهجانة وجيعانة تقوم تاكلكم وتريحنا منكم، وده ما بخارج معانا، منو تانى البيضحنكا ويقطّع مصارينا؟)
* تخيلوا هذه الكوميديا السوداوية .. نواب البرلمان، موش أى زول، يطالبون وزارة السياحة باعادة الحيوانات الوحشية التى فرت الى اثيوبيا، وكأن هذه الحيوانات تقيم فى فندق سان جورج بأديس ابابا، او انها ذهبت تحترف رياضة العدو فى الهضاب الاثيوبية حتى يطالبون بإعادتها!!
* ألا يعرف السادة نواب البرلمان الموقر أنها فرت من البلد مثل كل مخلوقات السودان، بسبب الدمار الهائل للبيئة التى تعيش فيها ونقص الغذاء والماء.. ألم يسمع السادة أعضاء هذا البرطمان بحرق الغابات للفحم والحطب والخشب والزراعة العشوائية، ألم يسمعوا بالصيد الجائر وكل الممارسات الفاسدة التى دمرت الدندر رغم انها محمية طبيعية بالقانون، وجعلتها صحراء، فهل تعيش الاسود والنمور والفيلة والغزلان فى الصحارى؟، كما إن هذه الحيوانات، أيها السادة الأفاضل، قد فرت ولجأت الى اثيوبيا منذ أكثر من عشرين عاما، وهى الآن تحمل الجنسية الاثيوبية ولا سبيل لاعادتها من فنادق أديس أبابا !!
* ثم ما هى حكاية السودانيين الصارين وشوشهم ومبوظين السياحة؟! وأقسم بالله العظيم ما عارف أقول شنو عن هذه الحكاية غير مناشدة المواطنين الكرام بالتخلى عن صرة الوش حتى يتكالب علينا السياح من كل حدب وصوب، ولا يهم إذا افترشوا الأرض والتحفوا بالسماء، ولم يجدوا مواصلات او طرق مريحة او فنادق أو بيرة بااااااااردة (بدون كحول طبعا)، كل ما هو مطلوب أن تضحكوا ايها الصارين وشوشكم حتى ينصلح حال السياحة فى البلد، وعلى رأى المثل السودانى الشهير: (بليلة مباشر ولا ضبيحة مكاشر) .. اضحكوا، الصورة تطلع حلوة والسياحة تولع والدولارات ترش، على الأقل الحكومة تقدر تشترى الغاز، والغابات ترتاح من الفحم !
* عن شرطة السياحة، فإننى أولا، أتفق مع النائب المحترم بتحسين مرتبات وامتيازات شرطة السياحة، ولكنه اتفاق مشروط بأن يعمل أفرادها فى مناطق السياحة الحقيقية لحماية الاثار والحياة البرية من اللصوص والصيد الجائر، وليس فى فنادق الخرطوم التى تقف خارج كل منها عربة فارهة كُتب عليها (شرطة السياحة) ويجلس داخلها او حولها عدد من افراد الشرطة الانيقين يعاينوا فى الداخل والطالع، ولقد إشتكى وزير السياحة قبل فترة وأمام نفس البرلمان من ارتفاع جرائم سرقة الاثار بسبب النقص العددى لشرطة السياحة، وطالب بزيادة القوة، بينما تكتظ بها فنادق الخرطوم!!
* أما عن اقتراح النائب المحترم بتعليم شرطة السياحة لغات أجنبية حتى يتفاهموا مع السياح، فإننى وبصراحة لم افهم مغزى هذا الاقتراح (العيب عيبنا ما عيبكم )، هل يقصد النائب أن نضرب عصفورين بحجر واحد بتحويل الشرطى الى دليل سياحى وشرطى فى نفس الوقت، ونتخلص من موظفى السياحة وخريجى السياحة ونقفل كليات السياحة والآثار والتاريخ واللغات، ولا شنو الحكمة فى انو شرطى السياحة يتعلم لغات عشان يتفاهم مع السياح؟!
* بخصوص اقتراح أحد النواب بالاهتمام بالحدائق والزهور لجذب السياح، فهو بالتأكيد إقتراح يستحق التأييد، وإننى شخصيا أقترح إنشاء حديقة فى كل ميدان (لو لقيتو ميدان فاضى)، كما أقترح انقاذ ما بقى من أرض المدينة الرياضية بإنشاء حدائق معلقة عليها (مثل حدائق بابل) لجذب السياح والترويح عن الشعب المعلّق منذ ربع قرن من الزمان!!
* وأخيرا، وكما جرت العادة بان يكون المشهد الختامى حصريا فى المسرح للنجم الاول، فلا بد أن يكون مشهدنا الختامى مع معالى وزير السياحة الذى وصف السياح بـ(الوافدين)، وقال ان الوزارة ستلزمهم بقضاء معاملاتهم بالدولار لدعم الاقتصاد، وكأن هذا السائح (عفوا الوافد) يأتى من الخارج وهو يحمل عملة سودانية.. إلا إذا كان الوزير يقصد إلزام السائح بأن يشترى الفول والتسالى بالدولار ويتصدق على المتسولين بالدولار .. تبقى دى حاجة تانية ونظرية اقتصادية جديدة، والعاقبة عندكم فى المسرات !!
الجريدة
[email][email protected][/email]
جوني هاجيكا…ههههههههههههههههه شكرن السراج..
“وليس فى فنادق الخرطوم التى تقف خارج كل منها عربة فارهة كُتب عليها (شرطة السياحة) ويجلس داخلها او حولها عدد من افراد الشرطة الانيقين يعاينوا فى الداخل والطالع”…الآن فقط عرفت سبب مرابطة هؤلاء القوم أمام فندق (…..) بالخرطوم 2!! كنت أظنهم يرافقون سياحاً نزلاء بالفندق!!!
* لو جاء من يسمون بالنواب بغير هذا فيكون العجب!
“وليس فى فنادق الخرطوم التى تقف خارج كل منها عربة فارهة كُتب عليها (شرطة السياحة) ويجلس داخلها او حولها عدد من افراد الشرطة الانيقين يعاينوا فى الداخل والطالع”…الآن فقط عرفت سبب مرابطة هؤلاء القوم أمام فندق (…..) بالخرطوم 2!! كنت أظنهم يرافقون سياحاً نزلاء بالفندق!!!
* لو جاء من يسمون بالنواب بغير هذا فيكون العجب!