رئيس مؤتمر البجا التصحيحي: نحن ضد دعاوى الانفصال التي تهدد استقرار الإقليم وامن السودان

منبر جوبا اعتمد الحشد القبلي لقضية سياسية، ما فاقم تدهور الأوضاع في شرق البلاد
على الحكومة الانتقالية إيجاد مخرج للازمة يرضي القواعد الأساسية لمجتمع شرق للسودان
لا نمانع الاستثمار الآمن في موانئ الشرق لان الاقتصاد العالمي يقوم علي الانفتاح، وطالما يعود بالخير على الشرق والاقتصاد الوطني
خصوصية الإقليم والمجتمع المحكوم إلي حد بعيد بنظام قبلي متوارث، أسهم في تراجع تأثير السياسيين مقارنة بزعماء العشائر
خيارات الشعبية وقائدها الحلو غرس السلام في إطار الوطن الواحد والمشروع القومي
حوار: ماجد محمد علي
على وقع الأزمة الناشبة بين قوى ومكونات شرق السودان حول مسار الإقليم في منبر جوبا، تجري تحركات محمومة من قبل قيادات سياسية ومجتمعية لتشكيل موقف مجمع عليه من المنبر، وطرح خارطة طريق بديلة يمكن ان تسلكها الحكومة الانتقالية في التعامل مع القضية. رئيس حزب مؤتمر البجا التصحيحي ،زينب كباشي،من ابرز القيادات السياسية المشار إليها، وعبر هذا الحوار معها تحاول “الحداثة” استجلاء طبيعة الأزمة وأسباب تصاعد التوتر في الإقليم، والحلول المطروحة.
*هل يمكن عقد المؤتمر التشاوري في ظل الانقسامات التي تسيطر على المشهد في شرق السودان؟
ـ من الصعوبة بمكان عقد أي مؤتمر أو تفاوض باسم شرق السودان، إذ ان التوتر والاحتقان القبلي يسيطر علي الأرض وعلي الواقع الاجتماعي لمدن الإقليم،وقد عرضنا وجهة نظرنا هذه علي المسئولين عن الملف في الحكومة، ولمسنا لديهم اهتمام بالغ بمعالجة المسألة.
واقع الأمر ان القبائل أجمعت عبر إداراتها الأهلية علي رفض المؤتمر التشاوري ورفض ممثلي المسار باسم الشرق في منبر جوبا، وهذا وضع يتطلب منا التعامل بحكمة سواء ان كنا سياسيين أو أجهزة. ويقع الآن على عاتق الحكومة الانتقالية عبء إيجاد مخرج للازمة بشكل يرضي القواعد الأساسية لمجتمع شرق للسودان، فلابد من تمثيل متساوي وعادل بين الكتل الرئيسية للإقليم، ونري في حزب مؤتمر البجا التصحيحي ان عودة كل فصائل حزب البجا الأصل إلي مظلة الحزب ستسهم في تثبيت دعائم السلام، وفي تقريب وجهات النظر بين مكونات الحزب الذي يضم كل التنوع الإثني في شرق السودان.
* إذا ما هي رؤيتكم لمعالجة قضية الإقليم المطروحة الآن، ذلك بالنظر لمتطلبات المرحلة الانتقالية والوثيقة الدستورية الحاكمة؟
ــ رؤيتنا أعلنا عنها في بيان الحزب بعد تدهور الأوضاع في الإقليم، حيث أبدينا عدم حرصنا علي الذهاب إلي جولات جوبا التفاوضية، لأن ذلك المسار التفاوضي هو من تسبب في مفاقمتها وهدد التعايش السلمي في بورتسودان اكبر مدن الشرق ، ذلك باعتماد الحشد القبلي لقضية سياسية.
وحقنا للدماء سعينا للتواصل مع زعماء الإدارة الأهلية لتهدئة الأوضاع علي الأرض، وأصدرنا بيانا طالبنا فيه الحكومة الانتقالية والمنظمات الإنسانية بالعون الإنساني لمناطق الشرق، والذي الذي يعاني مواطنيه من ندرة الخدمات الأساسية ونقص الغذاء، وهي مهددات تسببت في تناقص أعداد السكان في بعض المحليات.
سياسيا نرى ان الحل يتمثل في جلوس أبناء الكتل الرئيسية لمجتمع شرق السودان والمكونات السياسية على طاولة واحدة لمناقشة قضاياهم ووضع الحلول لها ـ مع عدم إغفال كل مكونات الإقليم ـ وهو أمر يسهل التوصل إليه ان تمت معالجة أسباب الأزمة من جذورها.
*هناك من يرى أن ملف شرق السودان فضفاض ولا توجد قضايا تخص الإقليم يمكن مناقشتها في إطار التفاوض الشامل، لماذا الإصرار على منبر جوبا؟
ــ منبر جوبا تتمسك به الجبهة الثورية رغم رفضه من قبل مكونات عديدة في الإقليم، ونرى ان سلام الشرق يمكن تحقيقه من الداخل مع تقديرنا لحكومة دولة جنوب السودان التي تسعى بكل جهدها لتحقيق السلام في السودان .
أما قضايا الشرق التي تحتاج لحلول فهي عديدة وأولها مراجعة اتفاق سلام الشرق مع النظام البائد والذي لم يضمن الدستور، رغم ان الاتفاق وقع تم بعد سنوات من النضال والكفاح المسلح ضد الإنقاذ، وكذلك نهب الأموال المخصصة لتنمية الإقليم المتضرر من المعارك والاستهداف الممنهج لموارد الإقليم المادية وحرمانه من التنمية أسوة بغيره من أقاليم السودان، ويدفع أبناء الإقليم حياتهم الآن بسبب صراع أجندات ومطامع محلية وخارجية مرتبطة بالنظام البائد ولابد من معالجتها إقليميا ومحليا وحفظ امن المواطن.
*الشعبية بقيادة الحلو طرحت تقرير المصير لجبال النوبة كواحد من أجندة التفاوض، هل هذا الاتجاه يمكن ان يدفع الشرق لتبنى خيار مشابه مثل الكونفدرالية مثلا؟
ـ خيار تقرير المصير الذي تم طرحه من جانب الحلو، خيار يعود لأهل الإقليم في جبال النوبة، وهو خيار يعكس تقاطعات الأزمة السياسية السودانية الماثلة. نؤمن تماما ان خيارات الحركة الشعبية شمال والقائد الحلو معا هي إيجاد السلام في إطار الوطن الواحد والمشروع القومي ،وهو ما قادنا بالأساس إلي التحالف معه كمعارضين للنظام السابق وتكوين الكتلة التاريخية ومشروعها المعلن في معالجة جذور الأزمة السياسية السودانية.
وبالنسبة للشرق فإننا ما زلنا متمسكون بمعالجة مشاكلنا داخليا في إطار الوطن الكبير، لأن الشرق هو الرئة التي يتنفس بها السودان ما يقتضي معالجة مشاكله بكل حكمة، وكنا ضد دعاوي الانفصال التي نادي بها بعض أبناء الإقليم لأنها جاءت في أوضاع احتقان قبلي بسبب ضعف تمثيل أبناء الإقليم في الحكومة الانتقالية وهي مطالبة تهدد استقرار الإقليم وامن السودان، أما عن الكونفدرالية فالمواثيق الدولية حفظت للشعوب حق اختيار شكل الحكم الذي يناسب احتياجاتها وهو خيار مطروح في حال تعذرت الحلول.
*هناك اتهام بضعف تأثير القوى السياسية في الشرق على المشهد، وأن الصراعات الأخيرة الدامية الأخيرة كشفت هذا الأمر بوضوح؟
ــ إن خصوصية الإقليم والمجتمع المحكوم إلي حد بعيد بنظام قبلي متوارث أسهمت في تراجع تأثير السياسيين مقارنة بزعماء العشائر، وهو أمر يعتبر سلاح ذو حدين وتم استغلاله من قبل النظام السابق، ولكن توجد أحزاب سياسية فاعلة في الإقليم تبلور نشاطها بعد توقيع اتفاق الشرق وكشفت عضويتها الفاعلة والمعروفة في المهجر والداخل عن الخلل في تنفيذ الاتفاقية، و تدهور الأوضاع الإنسانية وفساد صندوق أعمار الشرق وقضايا الإقليم الإنسانية ولكنها مغيبة عن الفترة الانتقالية، بدليل الشد والجذب الذي صاحب ترشيح احد أبناء الشرق لمنصب قيادي الأمر الذي اثأر سخرية واستهجان أبناء الإقليم.
فيما يلي الأحداث الأخيرة علينا الاعتراف أولا ان الإدارة الأهلية لعبت دورا أساسيا في منع تدهور وانزلاق الوضع الأمني في بورتسودان وبقية الإقليم ،وكسياسيين أعلنا عن عدم مشاركتنا في المفاوضات بعد تدهور الأوضاع الأمنية لان التعايش السلمي هو ما سيحقق سلام الشرق وليس المفاوضات في جوبا، كذلك أحزاب الشرق أدانت الأحداث وطالبنا كسياسيين الحكومة الانتقالية بتوفير الأمن للمواطنين، وتقديم المتسببين في الأحداث للعدالة وهذا من اوجب واجباتها.
*لماذا تصر الحركات مسلحة على تأجيل تعيين الولاة والمجلس التشريعي، لاسيما ان عناصر النظام البائد مازالت تسيطر على مقاليد السلطة في الولايات؟ والعملية التفاوضية يمكن أن تستمر لوقت أطول؟
ــ تعيين الولاة المدنيين أمر لابد منه، ورؤيتنا ان يعود الشرق إلي نظام الإقليم الواحد ويعين حاكم مدني من أبناء الإقليم لم يسبق له العمل مع النظام السابق، و يتم التوافق عليه من الكتل الرئيسية في الإقليم وهي معروفة للجميع. واعتقد ان نظام الوصاية الذي مورس علي الشرق طوال 30عاما لم يعد من المقبول ان يمارس الآن بعد تغيير النظام، وعلي النخب السياسية والعسكرية في البلاد إعطاء أبناء الإقليم حقهم في التواجد في مواقع صنع السياسات وفي الوظائف العامة، والتي يجب ان تكون قومية للحفاظ علي وحدة أبناء الوطن الواحد.
ويؤسف جدا ما يدور حاليا من تكالب واستحواذ علي المناصب العامة الذي يتم من بعض الأحزاب في الحرية والتغيير ولعبة (حجز الكراسي ) التي تمارس الآن، وهي بنظري إعادة تدوير لممارسات النظام السابق ولا تشبه روح الثورة والتغيير التي نادت بها تلك الأحزاب، كما لا تشبه تضحيات شهداء ثورة ديسمبر من الشباب الذين دفعوا حياتهم ثمنا للتغيير الماثل الآن.
*ميناء بورتسودان من ابرز مصادر دعم الحزينة العامة وتنمية صادرات البلاد، كيف يمكن ان يصبح مصدر دعم للاقتصاد الوطني ودعم التنمية في الساحل؟
ــ ميناء بورتسودان هو شريان اقتصاد السودان ودوره معروف في دعم الخزانة العامة، وقد تعرض الميناء ودوره كغيره من أعمدة الاقتصاد السوداني إلي الإضعاف بالرهن والبيع، وهي محاولة فشلت بصمود أبناء البجا عمال الميناء الذين دافعوا عنه ورفضوا تسليمه للمستثمر الأجنبي. يواجه هؤلاء الآن خطر الفتنة القبلية التي سفكت دماء بريئة تسببت فيها أيادي معروفة في الداخل والخارج، والهدف في المجمل السيطرة علي موارد الإقليم التي من أهمها الميناء،وقد سعت دولة عربية معروفة إلي تجنيد كل إمكانياتها الدولية للاستحواذ عليه وهو أمرا بات معروفا للمجتمع المحلي في الشرق. إننا لا نمانع الاستثمار الآمن في موانئ الشرق لان الاقتصاد العالمي يقوم علي الانفتاح وتعدد الموارد القومية، طالما يعود ذلك بالخير على أبناء الشرق من كل القوميات وعلى الاقتصاد الوطني للبلاد.