الكل يحتل غير مكانه

السودان بلد المتضادات وليس المضادات، فالمضادات خاصة الحيوية منها معدومة في السودان إلا لمن كان ذو حظ عظيم. أما المتضادات والنواقض للوضوء وغيره والمتناقضات فهنا مرتعها. وقد صدق الشاعر حين قال: في السودان يحتل المرء غير مكانه. فالمال عند بخيله والسيف عند جبانه.
لا تستغرب أن تجد مسؤول الرياضة في السودان من الذين كانوا يفرشون بالطماطم في السوق المركزي ذات يوم. ولا ترفع حاجبيك عجباً إن كان عامل النظافة يتحدث عن الصحة الدولية وتجارب البنك الدولي… شوف دي ماشه مع بعض كيف؟ أما أخطر الخطرات والخواطر والخطورة! هو أن يكون أنصاف المتعلمين الذين يطلق عليهم الدكتور منصور خالد ردّ الله غربته بالإنجليزية Clever-by-half يكونوا هم من يقودون الرأي العام عبر الصحف السيارة. حالفهم الحظ ذات يوم .. وقدموا وأراقوا ماء وجههم في يوم أغبر وحصلوا على فليسات جعلتهم يصدرون الصحف ويكتبون فيها ما لذّ وطاب لهم من غثاء القول وساقطه.
كيف ينصح من رسب في إمتحان الشهادة الثانوية السيد وزير المالية مقترحاً عليه فعل كذا وكذا لتسليك ماسورة الاقتصاد السوداني؟ والوزير يحمل إجازة في الاقتصاد من جامعة الخرطوم وعمل في البنوك وهلم جرا؟ ليست هنالك علاقة بين الموهبة الصحفية والإمكانات الأكاديمية والمعرفة العلمية. ولو جاز لقاطعي إيصالات النظافة وتحصيل رسوم المياه من المنازل بتقديم النصح لمهندس الكهرباء مكاوي في ما يجب عليه فعله لترقية الخدمات، لجاز لي أن أنصح الدكتور مامون حميدة أن يعطي ذلك المريض بنسلين بدلاً عن الكلوروكين… دي أدوية ولا أسماء إسبيرات؟
كما يقول أهلي البقارة: (ما فوكا حاجة). ففي السودان بلد العجايب .. فخريج الآداب يحتل وزارة متخصصة تخصصاً دقيقاً وهو لا يعرف الفرق بين البنزين وحلقته والبترول petrol وخام البترول (الزيت) Petroleum ? Oil. لكن الطشاش في بلد العمي شوف. وقيّض الله لهم رؤوس يتامى السودان ليتعلموا فيها الحجامة والحلاقة والقطع كمان. ما تقول لي المهم الإدارة .. هنالك أساسيات الجانب العلمي التي يجب أن يلم بها متولي الأمر. ولكن أن يتولى طبيب وزارة الإعلام والثقافة في السودان فشئ عادي زي الزبادي. ما فضّل شئ إلا يجيبوني وزير للدفاع عشان أسوطها وأجوطها وأنا لا أعرف الفرق بين الكلاشينيكوف والمولوتوف. تصوروا دي أسماء بشر روس قبل ما تكون أسماء أسلحة دمار مش شامل؟
عندما تولى المرحوم الأمين شيخ العرب وزارة الصحة بعد ثورة أكتوبر العام 1964، أطلق الإخوان المسلمين نكتة تقول أنه طلب ملف الدكتور حسن الترابي لكي ينقله الجنوب. السبب كما هو معروف أن الشيوعيين في ذلك الوقت كانوا أكثر تنظيماً من الإخوان المسلمين ولهذا سيطروا على حكومة أكتوبر الأولى التي وأدتها قادة الأحزاب التقليدية بمعاونة الإخوان المسلمين. (العوج راي والعديل راي).
كباشي النور الصافي
[email][email protected][/email]
لا تنهي عن خلق وتاتي بمثله !!! انتا شنو الما بتنظر فيه ؟!!! طارح روحك بتفهم في كل حاجة
تولي أمور الوزارات من المتخصصين ليس أمر هاماً في كل مرة وإن كان مهماً.
سأل النائب الأول (على عثمان محمد طه) مرافقه مدير مشروع الجزيرة (خريج كيمياء+ شهاداته الانقاذية+ التزكيات)، لماذا هذه الترع خالية من المياه؟ لم يحر مدير المشروع جواباً. وبعد وصول الوفد إلى نقطة الالتقاء هرع مدير المشروع إلى أحد المتخصصين الذي كان في السيارات الخلفية للموكب، وسأله: ياخي حلني من الورطة دي؟ ليه الترع فاضية؟ فأجابه المتخصص: نحن نجففها عمداً في هذه الفترة من كل عام، حتى تموت الفطريات والأمراض المعدية بفعل الحرارة وتسمى هذه العملية ( ب (عملية التطهير)، خصوصاً وأن العروة الصيفية ليس بها أي زراعة. تنفس مدير الهنا الصعداء، فرحاً بهذه الإجابة التي لم يكن يعرفها، وسوف ينقلها بالطبع إلى النائب الأول بكل سرور وكبرياء، وسوف لن يكون رد النائب الأول معه عنيفاً أو منعفاً بل سوف يطبب على كتفه ويقول له: يا خي المرة الجاية ذاكر شوية.
ما هو الأطباء في زمن حكم ((الإنقاذ)) تولوا وزارات الخارجية والاستثمار والزراعة والصناعة والخدمة والإصلاح الإداري والمهندسين مستشارين إقتصاديين …وعشان كدا القصة جاطت والبلد راحت فيها.
كلامك كتير بطل الانشاء يا بقاري