الاستغلاليون

نأسف للتدهور الأخلاقي لبعض أفراد الشعب إلى الدرجة التي تجعلهم يستغلون الظروف الإنسانية الحرجة للغرقى والمنكوبين بالسيول والحروب، لتحقيق أرباح كبيرة أو لتحسين وضع اقتصادي في أقصر وقت.. ما هذه أخلاق السودانيين مغيثي الملهوف ناصري المظلوم، والمؤسف أكثر أن الأجهزة الرسمية نفسها تساعد هؤلاء المستغلين الانتهازيين لتمرير فعلتهم، في وقت هبت فيه كل دول العالم لمساعدة وإعانة المنكوبين، إنهم تجار الحروب، إنهم تجار الظروف الإنسانية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تتمثل أبسط سبل الاستغلال مضاعفة تعرفة المواصلات العامة الداخلية من تلقاء أصحابها، مع غياب متعمد للرقابة من المعنيين، وفي الأحياء السكنية التي ترتفع فيها نسب الفقر والعوز، بحجة أن المنطقة مغمورة بالمياه،أو استغلال طرق طويلة، إلى مغالاة أسعار المواد الاستهلاكية والتموينية لفقراء المواطنين، وللمنظمات الإنسانية التي هبت بأموالها لمساعدة المتأثرين، وإدخال الإغاثات إلى سوق الله أكبر، وحتى تجديد وزارة المالية مطلبها، زيادة أسعار الوقود، وزيادة في فئات الضرائب، والجمارك لتحسين ميزانية الدولة كما ورد في صحف الخرطوم أمس الثلاثاء…لماذا هذا التدهور المريع للوازع الديني والأخلاقي في سنيّ المشروع الحضاري المتدثر بالدين والتدين؟.
بل إن مع تهديدات هيئة الإرصاد بمواصلة الأمطار هطولها اليوم الأربعاء وغداً الخميس، شائعة ندرة الدقيق في الأسواق، طفق عدد من المقتدرين يشترون المواد الغذائية لتخزينها ليوم كريهة، وما دروا أن الشعب المغلوب على أمره قد جاءت يوم كريهته وهو انتظار من يعينه ويرفع عنه الضرر لا أن يداس عليه بالأقدام كأنه كائن منسيّ على الأرض، وللأسف فإن الأحزاب السياسية تحاول أن تجير هذه الأحوال، والأهوال لكسب نقاط في صالحها، ولا صالح فيها.
وفوق هذا وذاك يؤكد لنا وزير المالية الأستاذ علي محمود عبدالرسول نجاج البرنامج الاقتصادي الثلاثي الإسعافي، وأنه بموجبه كانت وفرة السلع بالأسواق بغض النظر عن غلائها، فيما يرى اقتصاديون أنها لم تنفذ أصلاً، وأن هذه الكوارث والنكبات تلقي على الموازنة أعباء أثقل، وبين أولئك الاستغلاليين، والوضع المأزوم لموازنة الدولة التي تبحث عن إجراءات جراحية ، يتكئ عليها السودان الوطن.