قراءة أولية في الإعلان السياسي لتحالف الجبهة الثورية السودانية*اا

قراءة أولية في الإعلان السياسي لتحالف الجبهة الثورية السودانية*

تيسير حسن إدريس
[email protected]

من الواضح أن قوى الهامش الثورية قد بدأت تأخذ مكانتها الطبيعية على رأس القوى المنادية بضرورة التغيير وبناء سودان جديد فالحراك الدائر اليوم واللقاءات والمشاورات التي تجري بين الفصائل المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والحركة الشعبية قطاع الشمال تدل على أن قوى الهامش والتي غيبت للعقود قد عادت بقوة لتلعب دورها السياسي المنشود في صياغة سودان المستقبل، حتم هذا الأمر وفرضه جدل التطور وانتشار الوعي والتعليم في أوساط أبناء تلك المناطق والأقاليم المهمشة أضف إلى ذلك اندلاع ثورة الاتصالات والمعلوماتية التي استطاعت أن تختصر المسافات وتنقل لمن هم في البوادي والضهاري ما يدور في المركز والحضر وتربطهم يوميا بقضايا الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية فأسهمت في الارتقاء بوعي المهمشين الذين مارست عليهم سلطة المركز شتى صنوف التغيب والتجهيل.
إن وعي أبناء الهامش بجوهر قضية الصراع الدائر بين المركز والأطراف والذي تبلور وتطور في العقدين الأخيرين لصراع مسلح ودامي وفهم طبيعة هذا الصراع ووضعه في إطاره السياسي والاقتصادي والاجتماعي الصحيح كجزء لا يتجزأ من الأزمة الوطنية العامة والبعد عن الصبغة القبلية والجهوية يدل على مدى التطور والوعي النوعي الذي حدث في صفوف تلك الحركات وأدى لانحياز قطاع واسع من الجماهير كانت تدين بالولاء للأحزاب التقليدية إلى صفوفها مما يشير إلى أن قوى الهامش الثورية قد بدأت تسحب البساط بقوة من تحت أقدام أحزاب المعارضة التقليدية التي ما زالت أسيرة عقلية وبرامج الماضي التي ثبت فشلها الذريع.
فخطورة المنعطف الذي يمر به الوطن ما عاد يسمح للمناورات السياسية الساذجة التي تطرحها قوى المعارضة التقليدية لأن تواصل ملهاة بيع وشراء المواقف السياسية واستعباد العقول بالولاءات الطائفية ودغدغة المشاعر الدينية لم يعد العزف على هذه الأوتار العتيقة وإقصاء لغة المصالح العصرية يأخذ حيزا في عقل وضمير الجماهير العريضة التي ملت خطل هذه المحاولات الفجة وباتت على قناعة تامة من أن انبثاق فجر سودان المواطنة والحريات والمساواة في الحقوق والواجبات لن يتم إلا تحت ضغط سنابك قوى التغيير الحقيقة المؤمنة بصورة قاطعة ومبدئية بضرورة هدم المعبد القديم وخرق (التابوهات) التي منحته القدسية والحصانة وعطلت عملية انصهار المجتمع وصياغة هويته (السودانوية) وجمدت بالتالي برنامج مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وأفرغته من مضامينه الثورية وقادت إلى ما يمكن تسميتها (بالردة الوطنية) التي أيقظت القبلية والجهوية من غفوتها لتعود من جديد وتخلخل دعائم وأسس الدولة السودانية وتقود لتلك الصراعات الدامية التي نشهدها اليوم بين المركز المنغلق على ذاته صاما أذانيه عن كافة النداءات والهامش المنفتح على الهم الوطني العام بعيون وقلوب تستشرف فجر الأحلام المنسية.
فبنظرة سريعة ومحايدة لتفاصيل الإعلان السياسي الصادر عن(تحالف الجبهة الثورية السودانية*) وهو اتفاق الحركة الشعبية مع حركتي مناوي وعبد الواحد نكتشف البون الشاسع الذي بات يفصل بين موقف هذه الحركات المسلحة الساطع الوضوح والملامس بكل الصدق والشفافية لأبعاد الأزمة الوطنية والمنحاز بكلمات واضحة وقاطعة لقضايا وهموم الجماهير العريضة ومواقف أحزاب المعارضة التقليدية الغارقة في الضبابية والتيه وعدم المصداقية الشيء الذي سيضع هذه الأحزاب وجها لوجه في الفترة القادمة أمام مسؤولياتها الوطنية والتاريخية ويحدث فرزا حقيقيا للمواقف السياسية ويقطع دابر المواقف المتأرجحة واللغة اللزجة التي أدمنتها تلك الأحزاب وتعيش في ظل خطابها (الرمادي) أملا في أن يتكفل الزمن بانجاز ما عجزت هي عن انجازه من قضايا التغيير.
لقد باتت أحزاب المعارضة الرئيسة في أمر ضيق ولم يتبق أمامها من خيار بعد أن سبقتها حركات الهامش وتوحدت حول برنامج يلبى طموحات قطاع عريض من الشعب وطرحت إعلانها السياسي وتفاصيل رؤيتها لحل المشكل الوطني في إطار قومي يبعد عنها شبهة القبلية والعنصرية سوى إعادة إنتاج برامجها وخطابها السياسي وفقا لهذه المستجدات الدراماتيكية والتعامل معها بكل الصدق والشفافية بعيد عن أسلوب الإمساك بالعصا من المنتصف ومحاولة الوصول للأهداف المنشودة دون خسائر وهم يعلمون أن ذلك لن يتأتى في ظل نظام متمترس حول مواقفه السياسية القديمة ولا يهمه من أمر الوطن غير مصالحه بعد أن اغتصب الدولة ومقدراتها وجعلها رهينة في خزانة حزبه وتعلن قياداته بكل صلف أنها لن تسمح بمشاركة أحد في إدارة شئون البلاد وحل أزماتها المستفحلة إلا وفق برنامجه السياسي فقط حتى وبعد أن ثبت فشله ودون ذلك حز الرقاب بالسيف ولحس الكوع.
تيسير حسن إدريس 10/08/2011م

تعليق واحد

  1. قوى الهامش تباع في مزادات المركز جهارا نهارا

    سؤال : الدباب خليل قوى هامش؟ ولماذا رفض التوقيع؟

    قوى الهامش في الوقت الذي يقتل ويعذب ابناءها تتحدث عن دينية ولا علمانية الدولة ما بعد المؤتمر الوطني …متسربلة بصفوية كاذبة لم ولن تخلع جلابيب الايدولوجيات الأم ..في نفس الوقت الذي يوقع فيه السيسي اتفاق سيدخل بموجبه الحكومة التي دخلها قبله مناوى وكان خليل احد مستخدميها ولا يزال عقار ( بلا مركزيته القاطعها من راسه) والي ولاية ورئيس حركة تسعى لاسقاط النظام

    كلو واحد …..لا تبيعوا الناس أوهام واحلام بتغيير يقوده أخيل سوداني من المركز أو الهامش

    الشعب هو من يجب أن يغير النظام وأن يدفع الثمن لأنه المتضرر الوحيد وأن يأتي بعد ذلك بمن يريد دون فالثورات تصنعها شعوب لا جماعات مسلحة أو احزاب سياسية

    أو فلنتفرج على حرب الحكومة والحلو ومناوي أو علي جعجعة عبد الواحد والترابي أو كلام عرمان المعسول أو زهو عقار بضيعته النيل أزرقية أو حتى حوار الصادق وصمت قوى اجماعه

  2. تيسير حسن إدريس  
    محقا قلت :
    (,,,البون الشاسع الذي بات يفصل بين موقف هذه الحركات المسلحة الساطع الوضوح والملامس بكل الصدق والشفافية لأبعاد الأزمة الوطنية والمنحاز بكلمات واضحة وقاطعة لقضايا وهموم الجماهير العريضة ومواقف أحزاب المعارضة التقليدية الغارقة في الضبابية والتيه,,)
    انا اضعف خلقه ثبت نداء مستمرا فى هذا الهامش لقادة المعارضة التقليديين
    حول الاختلاف البين بين ايقاع ثورات الهامش وايقاع ثورتهم السلمية المحتملة, ما سميته انت بالبون الشاسع.
    ان تسارع الاحداث ايضا لم يعد يسمح بهذا البون فى المواقف,
    نعم هي ضبابية وتيه من قبلهم ولم اصل بعد لكونها عدم مصداقية
    واتى اقتراحي محددا ان يتجه هؤلاء القادة للاجتماع العلني مع قادة ثورات الهامش ليتفقوا ويختلفوا علنا
    ولتحديد الادوار
    ,ونفيت اي تهور اوتطرف او رومانسية او بطولة عن هذا اللقاء
    ما الذى يمنع ابناء البلاد من لقاء بعضهم بعضا؟
    فاللقاء المعلن المتواتر ضروري :
    -كمحاولة لتلافي التشظي
    -يمكن من صف الجماهير فى الوسط بشكل اكثر فعالية
    يعني هو فعال فى عملية بناء جبهة المعارضة
    فهذه القيادات تفهم انها بغير جماهير وهذا هو الحراك الانفع لاعادة البناء,
    تذكروا الملايين الذين استقبلوا الميرغني بعد لقائه بقرنق,

    -هو ضروري لتحديد الادوار

    والا لحق عليهم القول بعدم المصداقية

    ذكرت انت محقا
    مدى التطور والوعي النوعي الذي حدث في صفوف تلك الحركات
    انت محق فى هذه الاشارة
    نعم السودان محظوظ ان يظهر هذا الطرح المتقدم فى اطرافه
    ليت الناس يتفقون ان ظهور حركات وقيادات الهامش هو النقلة النوعية الحقة فى المسار التاريخي لهذه البلادد
    وجود الانقاذ اصبح دعوة صرفة للتشظي
    لانه يقاوم كل هذا

    فما بال قيادات المعارضة تفوت فرصة تطوير وانقاذ البلاد,
    ,
    ربما يعتقدون ان الثورة يا يعملها اولاد العرب والا بلاش
    ربما يعتقدون ان للثورة طريق واحد ? العصيان المدني وان كان هذا وارد كمكمل متزامن او لاحق,
    ارى ان انموذج ثورة السودان المرتقبة
    هو الثورة الليبية او الثورة المهدية ليس اكتوبر ولا مصر ولا تونس,

  3. الاستاذ تيسير لك التحية

    نعم قوى الهامش يمكن ان تلعب دور بنشر الوعى فيها ولكن المشكلة تكمن فى قراءة الطغمة الحاكمة لنقطة ضعفها الا وهم مثقفوها الذين يسعون للمناصب ويمكن ان يبيعوا مواطنيهم الاساسا وفعلا هم مهمشون ويصعدون على ظهرهم للسلطة…

  4. نريدها ثورة فرنسية الاسلوب والمعنى الشعب يكون القاضى والجلاد فكل من ظلم او افسد يشنق امام الشعب حيث يصوت الشعب مع او ضد المتهم
    لا نريد قضاة لا نريد شرطة لتقبض عليهم فنحن نعرفهم من سيمئهم (قرة الصلاةhttp://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-11144.htm#)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..