أحداث العام : 2014 بدأ بالوثبة.. وانتهى بـ«نداء السودان».. اتهامات الاغتصاب و«يوناميد غيت» وتوقيف القادة السياسيين أهم الأحداث

الخرطوم: أحمد يونس
باكرا في يناير (كانون الثاني) من إطلالة العام الذي يلم أشتاته 2014، رفع السودانيون سقف توقعاتهم، بل فلنقل سقف أحلامهم، حين دعا الرئيس عمر البشير للحوار الوطني في «خطاب الوثبة».
وانصرم العام بـ«ميلودراما» أعادت الأحداث هنا في هذا البلد المنكوب إلى بداياتها، ليست بدايات العام وحده، بل لربما إلى بدايات أعوام خلت، باعتقال زعيمي المعارضة؛ فاروق أبو عيسى، وأمين مكي مدني، إثر توقيعهما لاتفاق مع الحركات المسلحة عرف بـ«نداء السودان»..!
خطاب 27 يناير الماضي تداعياته وما أثاره من ردود أفعال متباينة، يعد من أهم أحداث العام قاطبة، فالكل ظل مشغولا بشكل البلاد تبعا لما جاء فيه، لكن بدايات العام لم تشبه أبدا نهاياته.
انتهى العام بتوقيع قوى المعارضة بشقيها؛ المسلح والمدني، على اتفاق «نداء السودان» في أديس أبابا، 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، كأول اتفاق لفسيفساء المعارضة. وجاء الاتفاق الذي أثار حفيظة حكومة الخرطوم، ردة فعل على «وصفة» الرئيس البشير للحوار، التي رأت فيها المعارضة تسفيها للحوار، ومقتلة له في مهده.
وسبق «نداء السودان» توقيع «وثيقة باريس»، 8 أغسطس (آب) الماضي، بين الحركات المعارضة المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية»، وحزب الأمة القومي، أحد أكبر أحزاب المعارضة بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، الصادق المهدي.
لا تختلف الوثيقتان (باريس، ونداء السودان)، إلا في الأطراف الموقعة، إذ أضيفت لـ«نداء السودان» مجموعة أحزاب «تحالف قوى الإجماع الوطني»، بما يجعل قوى المعارضة الفعلية كلها في صف واحد، بينما يبقى في الصف الآخر «أحزاب التوالي»، وهي أحزاب يرى المعارضون أنها صنيعة حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إضافة للحزب الاتحادي بزعامة الميرغني الذي يقف مع استمرار الشراكة مع الحزب الحاكم، بينما تقف معظم جماهيره وقياداته حائرة وقلبها مع المعارضة.
أعلن الرئيس عن خطة إصلاحية تضمنت دعوة أحزاب المعارضة والحركات المسلحة إلى حوار وطني شامل، من 4 محاور هي «وقف الحرب وتحقيق السلام، المجتمع السياسي الحر، محاربة الفقر، وإنعاش الهوية الوطنية».
وفور دعوة الرئيس البشير انقسمت قوى المعارضة السياسية، وأعلن كل من حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة حسن الترابي، قبول الدعوة، بينما رفضتها بقية الأحزاب المكونة لتحالف المعارضة والحركات المسلحة.
واشترط رافضو الحوار 4 شروط تتمثل في وقف الحرب، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتحديد فترة انتقالية تقودها حكومة قومية تشرف على إعداد الدستور الدائم وإجراء انتخابات حرة نزيهة، وعلى رأس الأحزاب الرافضة للحوار: الشيوعي السوداني، البعث العربي الاشتراكي، المؤتمر السوداني، بثقلها النوعي.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، أصدر الرئيس البشير قرارات سمح بموجبها للقوى السياسية بممارسة العمل السياسي، وإتاحة حرية الإعلام، وبتوفير ضمانات لقادة الحركات المسلحة للاشتراك في الحوار.
بيد أن الحراك السياسي الذي أتاحته تلك القرارات انتكس إثر اعتقال زعيم حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، لانتقادات وجهها لـ«قوات الدعم السريع» التابعة لجهاز الأمن والاستخبارات، مما أدى لانسلاخ حزبه من عملية الحوار، وأعطى رافضي الحوار حججا قوية.
وتبع اعتقال المهدي، اعتقال رئيس حزب المؤتمر السوداني، إبراهيم الشيخ، بالاتهامات ذاتها لمدة مائة يوم تقريبا، وعشرات الناشطين ومنع القوى السياسية من إقامة أنشطة سياسية في ميادين عامة.
وفور خروجه من السودان وقع الصادق المهدي وثيقة تحالف مع «الجبهة الثورية» المكونة من الحركات المسلحة في باريس، 8 أغسطس 2014، على «إعلان باريس»، هددوا فيه بإسقاط نظام الحكم بـ«انتفاضة شعبية»، حال عدم استجابته لوقف الحرب وكفالة الحريات العامة وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين السياسيين.
وفي الشهر نفسه فوض الاتحاد الأفريقي رئيس جنوب أفريقيا الأسبق الوسيط، ثابو مبيكي، للوصول لحلول تفاوضية بين الفرقاء السودانيين، بجانب وساطته السابقة بين الخرطوم وجوبا، والحركة الشعبية لتحرير السودان ? الشمال.
وفور تفويضه دخل مبيكي في مشاورات بأديس أبابا مع مجموعة إعلان باريس والأحزاب المنضوية تحت لواء الحوار الذي دعا له الرئيس البشير ضمن الآلية المعروفة بآلية «7+7»، وتضم 7 ممثلين عن الحزب الحاكم والأحزاب المشاركة في التحالف، ومن بينه حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي، وحركة الإصلاح الآن المنشقة عن الحزب الحاكم بقيادة غازي صلاح الدين العتباني، وأحزاب أخرى غير ذات تأثير، وقام بجولات مكوكية بين الخرطوم وأديس أبابا حصل خلالها على تعهدات من الرئيس البشير بالموافقة على دعم وساطته.
ووقع الطرفان كل على حدة مع مبيكي «إعلان مبادئ» تضمن كفالة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين السياسيين، أجازه الاتحاد الأفريقي لإدارة الحوار الوطني في مسارين: مسار يضم حركات دافور المسلحة، ومسار آخر يضم الحركة الشعبية ? الشمال، لبناء الثقة بينها وحكومة الخرطوم لتشارك في الحوار الوطني.
لكن المحادثات التي جرت في أديس أبابا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم تتوصل لجديد، وتمسك كل طرف بموقفه، وأصرت الخرطوم على التفاوض مع كل طرف على حدة، بينما تمسكت حركات دارفور والحركة الشعبية المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية» على مائدة مشتركة تجمعها مع قوى المعارضة المدنية في منبر واحد.
وخلال جلسات التفاوض التي عقدت وانفضت أكثر من مرة، أعلن الرئيس البشير رفضه دمج مسارات التفاوض، وجدد إصراره على التفاوض مع الفرقاء المسلحين كل على حدة على قضايا المناطق التي يحارب فيها كل طرف ? دارفور، النيل الأزرق، جنوب كردفان ? والوصول لاتفاقات قبل بحث قضايا الحوار الوطني الذي دعا له.
انهارت وساطة مبيكي سريعا، وفور انهيارها وقعت المعارضة المدنية والمسلحة المكونة من «الجبهة الثورية»، و«حزب الأمة القومي»، و«تحالف قوى الإجماع الوطني»، في أديس أبابا على اتفاق أطلقت عليه اسم «نداء السودان»، 3 ديسمبر الحالي، ونص على تفكيك حكومة الرئيس البشير سلميا أو تنسيق «انتفاضة شعبية» تسقط حكمه.
وقابلت الخرطوم الاتفاق بهجوم عنيف، واعتبرته مؤامرة دولية وخيانة وطنية نسقتها أيادي إسرائيلية، واعتقلت، 6 ديسمبر 2014، رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني فاروق أبو عيسي، ورئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني، أمين مكي مدني، الموقعين على «نداء السودان»، بعد يوم واحد من عودتهما من أديس أبابا، وتوعد الرئيس البشير ثالث موقعي الاتفاق زعيم حزب الأمة، الصادق المهدي، بالمحاكمة حال عودته للبلاد، ووصف الموقعين بأنهم «خونة ومرتزقة».
كما شهد العام تفجر «فضيحة التستر» بوجه البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور «يوناميد»، التي أطلقتها المتحدثة السابقة باسم البعثة «عائشة البصري»، وهزت البعثة والأمم المتحدة برمتها عميقا.
وزاد الطين بلة ذيوع اتهامات الاغتصاب الجماعي لمائتي امرأة في منطقة «تابت» بولاية شمال دارفور، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قامت بها قوات تابعة للجيش السوداني، ورفض الخرطوم للبعثة أول مرة، ثم السماح لها بإجراء تحقيق خلصت فيه لعدم وجود أدلة، بيد أنها عادت وشككت في تحقيقها الذي قالت إنه جرى في أجواء ترهيب للضحايا والشهود، فطالبت بإجراء تحقيق آخر رفضته الخرطوم.
وتوترت العلاقات بين الخرطوم والبعثة بسبب هذه الاتهامات، وطلبت الخرطوم منها وضع «استراتيجية خروج» من البلاد، إلا أن إدارة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة رفضت طلب الخرطوم، وقالت إن قوات حفظ السلام لن تغادر دارفور قريبا.
وشهدت فترة ما بعد توقيع «نداء السودان» تصعيدا عسكريا بين الجيش الحكومي، والحركات المسلحة في ولايات: دارفور، والنيل الأزرق، وجنوب كردفان، زعم كل طرف أنه حقق انتصارات فيها، ولا تزال العمليات العسكرية التي تطلق عليها الخرطوم «عمليات الصيف الحاسم ? المرحلة الثانية» مستمرة.
ورغم دعوته للحوار، فإن حزب الرئيس البشير يمضي قدما في الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمعة في أبريل المقبل، رغم أنف المعارضة التي تدعو لتأجيلها.
كما شهد العام حدثا مهما، هناك في أروقة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، أعادت وفقا له محققة المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، ملف المحكمة الجنائية الدولية، 12 ديسمبر الحالي، بما فيه من أوامر قبض ضد الرئيس البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، ومسؤولين آخرين لمجلس الأمن الذي أحال التحقيق في الانتهاكات في إقليم دارفور لها.
وعلى الرغم من أن الخرطوم اعتبرت إعادة الملف لمجلس الأمن فشلا في مهمة المحكمة التي لا تعترف بها، فإن خبراء وإعلاميين كثيرين رأوا في عودة الملف للمجلس وسيلة ضغط لتنفيذ أوامر القبض بحق الرئيس البشير ومساعديه.
بدأ العام 2014 بأمل بالنسبة للسودانيين، لكنه انتهى إلى مزيد من التصعيد، بل وربما عاد بالأشياء لمربعها الأول. ويعتقد الخبراء أن الأوضاع ستراوح مكانها لحين الانتخابات المقبلة.

الشرق الاوسط

تعليق واحد

  1. ليس هناك حل لمشكلة السودان إلا بزوال البشير كما زال السادات وكما زال القدافي فهبوا يا شباب السودان لإغتيال البشير كما إغتال الدكتور خليل ابراهيم . هذا هو الحل الوحيد .

  2. كثرة كلام بدون نتيجة الواضح مافاضح نخرج ونقلع هذه الزمرة لانها لا تخرج بالتى هى احسن لقد تضرر الشعب من معاداتهم للمجتمع الدولى ومع تضرر الشعب جعلوا منه ساتر بينهم وبين الامم المتحدة . الواجب الخروج واليوم قبل بكرة عسى ندرك شى يتم اصلاحة ، قبل ان تفرض علينا وصايا ونكون محتلين ويفرض الجهاد . الغنم سائبة ياناس اتلفت الزرع .

  3. هذه العصابة لم تترك وسيلة لخلاص هذا الوطن إلا عبر منهج إغتيال أفرادها فرداً فرداً وهو أسرع وأقصر السبل لحل مشاكل هذا البلد .

  4. الان علينا ان نكون جبهه عريضه من الشباب الذين لهم الحماس بتعبئه قوامها الشباب لطرد هؤلاء اللصوص ديل ما عندهم حق علينا اغتصابات كونوا مليشيات
    نحن ابناء هذا الوطن ليس لدينا دخل بالحركه مثال باريس ولا نداء السودان لكى لا يظهر اسماعيلى ولا حزبى ولا ومنى اتحادى نحن نريد السباب انتمائهم للوطن نريد تكوين وطنى عصيان مدنى نحن نستنجد بالقوى العظمه من اى بلاد العالم ونحن نثق

  5. لم يكن اطلاق حوار الوثبة خالصا لوجه الله تعالى .. هو تكتيك محدود بهدف وتوقيت .ز من حيث الهدف ان يتم التحام التوأمين ( الشعبي ) و( الوطني) لاعادة انتاج الانقاذ ووصل مانقطع وان يبقى الثاني بالمعارضة على نحو ما ويكون الثاني في الحكم كما كانت البدايات ساذهب الى السجن واذهب انت للقصر .. اما من ناحية التوقيت المعني هو الهاء الاحزاب السودانية والشعب السوداني بحوار الوثبة حتى بلوغ موعد الانتخابات حتى يضع المؤتمر الوطني قناع الشرعيه على وجهه .. انتهى ..
    اما اعلان باريس وتاكيده بنداء السودان وادراك المعارضة ان قوتها في وحدتها وفي تواضعها لاتمام وحدتها فهذا ما يزعج المؤتمر الوطني ويصيبه بالهستيريا بالغه لان المعارضة بشقيها المسالم الناعم والمسلح الخشن قد افشلت سلاح المؤتمر الوطني تماما والذي ظل يحاربه بها طيلة 25 عام بشق صف المعارضة وتشتيتها بحيث لم يعد هذا السلاح ذو فعالية على ارض المعركة مجددا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..