المهدي ونافع.. رسائل ما قبل لقاء المشير

تقرير: ماجد محمد علي:

لم يعد بمقدور احد ان يتنبأ بما يمكن ان تسفر عنه الحوارات الخاصة بين المؤتمر الوطني وحزب الأمة القومي ، وان كانت هذه الحوارات التي اعلن المهدي عن نهايتها بصورة درامية تناقش قضايا قومية تتعلق بمستقبل البلادـ كما يؤكد الحزبان، فما رفض المهدي مثلا ان يعلن عنه صراحة للرأى العام الوطني بصدد وقائع ما تم التوصل اليه في هذه الحوارات امام الصحافيين، اماط اللثام عنه حصان المؤتمر الوطني الأسود نافع على نافع بأريحية في برنامج اذاعي يحضره الملايين. وقد تابعنا رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي بالخميس الماضي يقول بعد انتهاء الحوار مع المؤتمر الوطني ان الطرفين توصلا الى وقائع ـ لم يفصح عنها ـ متفق عليها واخرى مختلف حولها توطئة لرفعها الى لقاء قمة مرتقب، يامل انه سيكون حاسما بينه وبين رئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير. وهو مايشير الى رغبة السيد الصادق في الابقاء على حظوظ هذا الحوار بنقلها الى مناطق جديدة قد تكون اكثر اتساعا ـ بنظره ـ عن المناطق التي كان يوحل فيها في الاسابيع الماضية. ولكن لم يطل انتظار المترقبين لنتائج هذا الحوار فقد حدد نائب رئيس المؤتمر الوطني بالجمعة ـ بعد اربع وعشرين ساعة من مؤتمر المهدي ـ نقاط الخلاف بين الحزب الحاكم وحزب الامة القومي وقال انها انحصرت في اصرار الاخير على التعامل مع «الجنائية» والعودة الى نظام الاقاليم الستة، الا ان نافع أمسك عن ايضاح نقاط الاتفاق التي اسفرت عنها حوارات الطرفين. ورغم ذلك فإن تصريحات نافع على نافع لمحت بلا مواربة الى ان اي حوار يتم بين حزبه وأي من قوى المعارضة بما فيها حزب المهدي لن تضع الوطني في موضع الأقلية في أية حكومة قادمة، سواء كانت «عريضة أو قومية» الا عبر الانتخابات. فيما يؤكد المهدي ان اجندة حزبه ـ بصرف النظر عن تفاصيل وقائع الحوارـ تهدف (لبناء نظام قومي بديل) بالتعارض مع الوطني الذي يرى انه يهدف لتوسيع قاعدة حكمه، غير ان المهدي ينظر الى هذا التناقض بين رؤية الحزبين على انه مجرد (فارق مفاهيمي) بين الطرفين.
ولان الحوار الذي يجريه المؤتمر الوطني مع احزاب المعارضة تستهدف منه الاخيرة الوصول الى اتفاق على شكل جديد لادارة البلاد، لا يعتمد الصيغة التي اقرتها من قبل نيفاشا ونتائج انتخابات ابريل بعد ذلك، فلا يمكن ان يفهم من اشارة نافع الى ان الانتخابات التي اجريت العام الماضي كانت انظف انتخابات شهدتها البلاد، الا على انها رسالة مبطنة الى المهدي تحديدا وهو يلقى (حموله) على لقاء القمة المرتقب مع البشير. وفي هذا الاتجاه ايضا يمكننا ان نذهب بحزم نافع في تعامله مع مطلب الحكومة القومية،والتي رأى انها ستكون اداة لتصفية الحسابات وتحويل حزبه الى اقلية داخلها، وقال ان كانوا يريدون ذلك فعليهم ان ينتظروا الانتخابات القادمة. والتناقلات الكلامية ما بين نافع والمهدي لابد انها كانت تأتي وتذهب بحرص بالغ على ايصال المعاني وتبيان المواقف وتحديد المواقع قبل اللقاء،ومنها قد يجد المراقب ما يمكن من رسم الصورة الكاملة لما دار في لقاء المهدي بالبشير السابق،و سيتمخض عنه ربما حوار القمة القادم بين الامة والوطني .
فقد اعتبر المهدي، في مؤتمره الصحفي بالجمعة ان عملية الحوار مع الوطنى( تعد اجراءً استباقياً يحقق اهداف الثورة دون الشروع فيها)، وهدد بانه حال رفض الاجندة الوطنية في لقائه مع البشير فان حزبه سيعود الى المربع الاول والى المعارضة،بيد ان زعيم حزب الامة رأى بالسبت ، لدى لقائه مجموعة من الصحفيين بمنزله، أن الأوضاع في السودان (لن تستمر بصورة مناقضة لما يحدث في العالم العربي)، داعيا الى( عمل تنفيذي قبل المواجهة) ،ومحذراً من أن موجة التغيير حتمية مثل حركات الاستقلال.
ورغم ان قوى المعارضة تنأى عن مثل هذه الحوارات مع الوطني، وترى فيها من جانب الوطني استغلالا للاحزاب من اجل تعطيل برامج المعارضة المشتركة لاسقاط النظام،فان رسائل المهدي التي تضمنها مؤتمره الاخير تغمز الوطني الى انه إذا وافق على الأجندة الوطنية،فانه ستأتي بالقوى السياسية للمشاركة معهم، غير انها تستتبع ذلك بتحذيره بان ثمن الرفض لن يكون بخسا، اذ قال المهدي نصا ( سنعمل على توحيد المعارضة ضده). وحديث زعيم الامة الى الصحافيين شمل فيما شمل رسالة اخرى ، لم تكن وجهتها هذه المرة الوطني ، فقد وجهها الامام على ما بدا الى قوى المعارضة وربما قواعد حزبه، اذ المح الصادق الى ان الاتفاق الذي يتوقع التوصل اليه في لقاء القمة مع المشير ( اتفاق يرضي الرأي العام) و(يواكب مقاييس الديمقراطية العربية)،ثم خاطب المهدي من دعاهم بالمتعجلين قائلا ( ان حسم هذا الامر سيكون قريبا )،الا انه استدرك بقوله( عليهم ان يدركوا ان التونسية قد فاتت لسببين هما زوال عصر المفاجأة وغياب مهنية القوات المسلحة ما يجعل السيناريو اقرب الى الليبية واليمنية) ، مشددا على ان حزبه يبحث عن حلول سلمية حتى ولو (فتح خشم البقرة). وتلميحات زعيم حزب الامة عن شكل الاتفاق الذي يتوقع ، تذهب بالمراقبين الى ان الحزب قد يقبل تفاهمات مع الوطني تتماهى مع محددات الحوار، التي اعلنها سلفا نافع على نافع ومن قبله قادة آخرون، وتعيد الى الذاكرة ما ذهب اليه اقطاب الائتلاف المعارض من ان هذا الحوار مع المؤتمر الوطني لا يخصهم في شئ ولا يمثلهم.وان الحزب الحاكم لا يتعامل مع قضية الحوار بجدية، ويستخدم دعواته كتكتيك لشراء الوقت وشق الصفوف. وان كانت هذه هي الطريقة التي ينظر بها اقطاب المعارضة الى حوار الامة والوطني الذي يترقب محطته الاخيرة في القصر،فكيف ستتعامل قوى المعارضة مع النتائج التي قد تسفر عن لقاء القمة،وان لم تلتقط اشارات الصادق الى شكلها؟. ما تؤكد عليه المؤشرات حتى الآن ان قوى الائتلاف المعارضة ماضية في العمل على اسقاط النظام، وهذا ما اشار اليه القيادي كمال عمر والذي ذكر ايضا بشروط المعارضة التي دفعت بها قبلا من اجل الموافقة على خوض حوار مع الوطني والتي تشمل الحكومة الانتقالية، والغاء ماجاءت به الانتخابات،وتابع القيادي المعارض بان على الامة الايخدع الوطني بان المعارضة ستقبل بالتفاوض مع الحزب الحاكم خارج شروطها المعلنة.
ويدورالحوار بين حزب الامة والمؤتمر الوطني على ارضية من التوافق ـ بحسب محللين ـ اذا ان كلا منهما يمثلان كتلة واحدة من الناحية الاستراتيجية، لذا يتوقع المحلل السياسي حاج حمد محمد خير أن لا تخرج اجندة الحوار عن كيفية تقسيم الكيكة السلطوية،مؤكداً على أن الحوار بين الامة والوطني سيمضي حتى المشاركة في حكومة واحدة، طالما لم تبارح أزمة التفكير السياسي مكانها داخل أروقة حزب الامة. الا ان عواقب مثل هكذا مشاركة من قبل الامة في اجواء مثل التي تسود البلاد فى نظر محلل آخر هو محمد عبد الله الدومة، ستكون كارثية على الحزب وقواعده وتحالفاته مع القوى السياسية.وقال الدومة ايضا ان اي نوع من التقارب بين الامة والحكومة الآن سيجد رفضاً واسعاً من قواعد الحزب التواقة للتغيير. وسيقابل بمواقف متعنتة من قوى المعارضة ،التى سيصعب على المهدي اقناعها بركوب موجة ناتجة عن حوار ثنائي تم تغييبها عمدا عن مضابطه وتفاصيله .

الصحافة

تعليق واحد

  1. اولا نقف اجلالا لقمه الوطنيه السيد الامام الصادق المهدى
    وندعوه اولا الى ترك القياده لشباب من جزب الامه والذى لانشك فى انه يمتلك الكثير منهم للقياده فى هذه المرحله التى تتطلب فكرا وايدلوجيات مختلفه
    و نتمسك به راعيا وشيخا ومفكرا لحزب الامه

    البلاد اليوم بحاجه الى دماء غير الدماء وفكر غير الفكر وسياسيين غير السياسيين .لان نظره شباب اليوم وتقيمهم للامر بالتأكيد تختلف تماما عن ما كان وبما ان المستقبل لهم هم الشباب اتمنى ان يجد الفرصه للتخطيط لهذ المستقبل

  2. احي الزعيم الوطني الكبير على اقدامه الوطني واطالبه ببعض التضحيات الحزبية , وسوف يجني الكثير لحزبه ولوطنه في المقام الاول كما ادعو بقية الساسة سلوك طريق الزعيم المخضرم في التفاوض الجاد , وكله في سبيل الوطن السودان وسلااام;) 😉 😉

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..