أخبار السودان

أحوال “إبراهيم مالك” أعداد المنتظرين أمام غرفة الأشعة تضطر بعض المرضى للتكدس جلوساً على الأرض

الخرطوم- خضر مسعود
بالنسبة للكثيرين ما زالت الأسباب التي أدت إلى استقالة مدير مستشفى إبراهيم مالك السابق خالد حسن بخيت عن العمل بعد ثلاثة أشهر فقط من استلامه مهامه، تراوح مكانها، وما عدا القليل منها تمت معالجته حسب الإدارة الجديدة للمستشفى، إلا أن المشكلة الأكبر والتي لم يتم علاجها ولن يتم في القريب العاجل تتمثل في السعة الاستيعابية للمستشفى.
وكان خالد بخيت قد ذكر عن أسباب استقالته أن سعة المستشفى لا تلبي استقبال حالات المرضى، وذلك باعتبار أن المستشفى غير مصمم في الأساس لاستقبال هذا العدد. وبينما تشير إحصاءات الإدارة بأن عدد الدخولات تصل إلى ألف حالة في اليوم، أي ما يعادل (30) ألف مريض في الشهر، فإن المستشفى يتوفر به نحو (264) سريرا فقط، بينما كانت بمستشفى الخرطوم نحو (800) سرير لاستقبال وتنويم المرضى، وربما لم تضع وزارة الصحة في حسبانها بعد نقلها لأغلب أقسام مستشفى الخرطوم التعليمي إلى إبراهيم مالك باعتباره بديلاً لها، أن الأخير لا تتوفر به سوى (35%) فقط من سعة الأول.
ويعود تاريخ إنشاء مستشفى إبراهيم مالك إلى تسعينيات القرن الماضي عبر رجل البر الشيخ إبراهيم مالك، كمركز صحي لخدمة أهالي منطقة الصحافة، إلا أنه تم ترفيعه في العام 2002م عقب توقيع اتفاقية تشغيله من قبل جامعة أفريقيا ليصبح مستشفى (ريفيا).
واستمرت هذه الاتفاقية لعشر سنوات حتى العام 2012م عقب قرار إيلولة المستشفيات الاتحادية للولايات، حيث عمدت وزارة الصحة بولاية الخرطوم إلى تحويل عدد من الأقسام من مستشفيي جعفر ابن عوف والخرطوم للمستشفى، تنفيذاً لسياسة نقل الخدمات للأطراف، حيث كانت البداية بنقل أقسام حوادث الأطفال وقسم النساء والتوليد، لتتوالى عمليات النقل بقسم المخ والأعصاب من مستشفى الشعب وتلته أقسام الجراحة والعظام والباطنية، وأخيراً تم إغلاق حوادث الخرطوم لتتحول كل الحالات لمستشفى إبراهيم مالك غير المهيأ لاستقبال كل تلك الحالات.
الأوضاع في تحسن
يقول حسن بحاري مدير عام المستشفى إن الأوضاع في تحسن إلا أنه أشار إلى أن أسباب تقديم المدير السابق لاستقالته مازال بعضها قيد الدراسة والبعض قيد التنفيذ رابطا تغير الأوضاع بتوفير ميزانيات كافية للمستشفى، كاشفاً عن إجراء العديد من الصيانات لعدد من الأقسام لتتواءم مع مستوى الخدمة المقدم واستيعاب كل الحالات، مبيناً أن الأقسام التي طالتها الصيانة ومازالت مستمرة في بعضها؛ هي الأطفال والنساء والتوليد والجراحة، العظام، والباطنية ومجمع الطوارئ، وهي تمثل (80%) من الأقسام الموجودة بالمستشفى.
“مزيد من المال”
حسناً.. من الأسباب الرئيسة لاستقالة المدير السابق عدم توفر الميزانية الكافية لتوفير الأدوية والمستهلكات الطبية وعجز الوزارة عن توفير مستهلكات المعامل وبنك الدم، حيث أشار حسن بحاري إلى التزام وزارة الصحة بتوفير ميزانية لتوفير الدواء حيث ارتفعت من (21) ألف جنيه إلى (254) ألف جنيه، يتم تنفيذها خلال الشهر الحالى، إلا أن الوفرة الدوائية (أدوية ومستهلكات) ـ بحسب الأطباء الذين التقتهم (اليوم التالي) ـ مازالت تشكل مشكلة بالمستشفى. كما أن بحاري قال في معرض حديثه إن المستشفى يحتاج إلى مزيد من المال لتوفير الأدوية والمستهلكات، كما يحتاج إلى توفير أجهزة ومعدات طبية لتفي بحاجة المرضى من الخدمات التشخيصية، حيث طالب الطيب العبيد رئيس قسم التطوير الطبي، بفتح باب استيراد المعدات الطبية المستعملة للاستفادة منها في المستشفى والمستشفيات الأخرى، معتبراً أن نقص الأجهزة يؤثر على جودة التشخيص. وفي ذات الاتجاه أشار مدير المستشفى بحاري إلى سعيهم لخلق شراكات مع مؤسسات القطاع الخاص لاستجلاب الدعم للمستشفى في سبيل تطويره.
“توفير الفواصل”
في قسم النساء والتوليد والذي يشهد أعمال صيانة وتوسعة لبعض أجزائه لاستيعاب كل الدخولات اليومية التي كانت تعالج بالتحويل إلى مستشفيات أخرى، وكان أحد أسباب استقالة المدير السابق عدم وجود فواصل (ستائر) داخل العنابر لحفظ خصوصية المرضى، حيث كشف بحاري عن توفير الفواصل، إلا أن رئيس قسم النساء والتوليد نصر إدريس يقول إن القسم يستقبل في اليوم نحو (150) حالة، موضحاً أن الطاقة الاستيعابية ضعيفة ولا تتناسب مع عدد الدخولات، إلا أنه أشار إلى أن التوسعه التي تمت تفي بالغرض، لكنه أشار إلى حاجة القسم إلى توفير عربة أسعاف لنقل الحالات الطارئة إلى مستشفيات أخرى في حالة الحاجة بجانب توفير عربة إسعاف لكل قسم، كما أشار إلى أن أكبر العقبات التي تعيق عمل قسم النساء والتوليد، وقد تكون مشكلة كبيرة تؤدي إلى فقدان حياة الأمهات، عدم توفر عربة لنقل الدم من بنك الدم للمستشفى وأشار إلى مطالبتهم للوالي بتوفير العربة اثناء زيارته للمستشفى الأسبوع الماضي، كما لفت إلى وجود نقص في عدد الكوادر العاملة ما يتطلب زيادة أعدادها لتناسب مع عدد المرضى.
مستحقات الكوادر المتعاقدة
واحدة من المشكلات التي تواجه إدارة المستشفى عدم الإيفاء باستحقاقات المتعاقدين الشهرية، والتي كانت من أسباب الاستقالة للمدير السابق.. حيث استطلعت (اليوم التالي) عددا من الكوادر الطبية والذين أشاروا إلى عدم صرف استحقاقاتهم لثلاثة أشهر ماضية، مع غياب الحوافظ، وفي هذا الاتجاه أشار نائب مدير المستشفى محمد عناية إلى صدور قرار من الولاية خاص بسد النقص من الكوادر الطبية عبر التعاقدات المباشرة مع الكوادر مبيناً أن المستشفى يدفع من موارده لتوفير اختصاصيين وأطباء وكوادر مساعدة لسد النقص، كما أشار زهير عبد الفتاح مدير إدارة الطب العلاجي بوزارة الصحة بولاية الخرطوم إلى أن الوزارة دفعت الشهر الماضي نحو (180) ألف جنيه للمستشفى لسداد مستحقات الكوادر المتعاقدة مع المستشفي.
أخطاء في التصميم
قسم الطوارئ والإصابات بمستشفى إبراهيم مالك وحسب خبراء في مجال الهندسة غير مصمم ليصبح مركز طوارئ، حيث توجد أخطاء في طريقة التصميم من حيث دخول وخروج المرضى، إلا أن مدير قسم الطوارئ عمران أشار إلى أن خطتهم هي إزالة عدد من المباني داخل القسم، بما فيها الصيدلية، حتى يتواءم القسم مع أقسام الطوارئ عالمياً، مشيراً إلى تقديمه لعدد من المقترحات لإدارة المستشفى والوزارة بخصوص تطوير الحوادث، كاشفا عن تطبيق نظام جديد في استقبال حالات الطوارئ بعد فرزها وتصنيفها.
وأضاف عمران أنهم مستمرون في أعمال الصيانة واستقبال المرضى في نفس الوقت ما أحدث حالات من الشد والجذب بين مرافقي المرضى والأطباء نسبة للضغط العالي على الحوادث وعدم استطاعة العدد الموجود من الأطباء بالحوادث من تغطية الأعداد الكبير للمرضى، الذين يتجهون للمستشفى بغرض طلب العلاج.
مشكلة إبراهيم مالك
ازدحام المرضى داخل عنبر الإصابات والطوارئ يؤكد عدم مقدرة المستشفى على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة، وتأكيداً لما ذهبنا إليه، يقول أحد الأطباء بالمستشفى فضل حجب اسمه: “مشكلة إبراهيم مالك تكمن في أن الطاقة الاستيعابية ضئيلة مقابل أعداد الدخولات العالية”.
وجدنا أعداد المنتظرين أمام غرفة الأشعة بالحوادث كبيرة تتزايد في وقت لا يستطيع خلاله العاملون إجراء الفحص لكل هذه الأعداد، ما يضطر المرضى للتكدس أمام مبنى الأشعة في نقالات لبعض الحالات وحالات أخرى تجلس على الأرض في انتظار إجراء صورة الأشعة، ويشير أحد الأطباء بالمستشفى لأن أسباب الازدحام تعود إلى أن مساحة مبنى الحوادث ضيقة وتصميمها بتلك الطريقة يزيد من الازدحام بالإضافة إلى النقص في أعداد الأطباء والاختصاصيين.
“ثقافة المريض السوداني ومرافقيه”
لمدير إدارة الطب العلاجي بوزارة الصحة الولائية رأي آخر، حيث يرى أن الازدحام يعود إلى ثقافة المريض السوداني ومرافقيه، بقوله: “المرافقون أكثر من المرضى ما يسبب الزحام”، ودافع زهير عن تصميم الحوادث بقوله إن المبنى تمت مواءمته مع مطلبات تصميم الحوادث بإزالة جزء من المباني وصيانتها من جديد، واعتبر حسن بحاري مدير المستشفى إدخال تخصص طب الطوارئ بالمستشفى إضافة حقيقية، إلا أنه اعترف بعدم وجود الخدمة بما يضاهي المستوي العالمي مشيراً إلى أن هناك ضعفا في بعض الخدمات لافتاً إلى وجود مساعٍ لتحسين الإمداد الدوائي في إشارة منه لتأرجح الخدمة الدوائية في الفترة السابقة.
ظروف بالغة التعقيد
للأطباء والعاملين بالمستشفى شكاوى أخرى من سوء البيئة حيث أشار عدد منهم لـ(اليوم التالي) إلى أن الأطباء يعملون في ظروف بالغة التعقيد وهذا مرده إلى قلة الأعداد الموجودة من الأطباء بالإضافة للأوضاع داخل المستشفى من كثرة الضغط والعمل المتواصل بالإضافة إلى عدم توفر البيئة العملية المناسبة.. لهم مشيراً إلى عدم توفر استراحات للأطباء والطبيبات بجانب عدم وجود مكاتب في عدد من أقسام المستشفى للأطباء، وفي هذا المضمار يقول بحاري إن أعمال الصيانة التي تنتظم المستشفى تشمل استراحات للأطباء، لافتاً إلى تعاقدهم مع شركة جياد لتوفير أثاثات (مكاتب) للأطباء بالأقسام المختلفة، إلا أن حالة التذمر وسط الأطباء أدت إلى هجرة عدد كبير منهم، حسب ما ذكره طبيب رفض ذكر اسمه وقال: “كلنا لو لقينا طريقة طالعين”، وأشار آخر بقوله: “الأوضاع أفضل ما يقال عنها إنها سيئة” ويشير إلى أن الأعداد الكبيرة التي تتردد على الحوادث تشكل خطراً في بعض الأحيان على العاملين والمرضى الآخرين والمرافقين، وإذا كانت هناك حالة واحدة معدية قد تؤدي إلى نقل العدوى إلى كل الموجودين وهذا خطر على الجميع، وأضاف: “يعني ممكن الواحد يدخل المستشفى بملاريا ويطلع بمرض معدي”.
“إذا توفرت المعينات”
إدارة المستشفى تشير إلى سعيها إلى التوسع في الخدمات المقدمة لتقابل حاجة المواطنين، حيث ذكر مدير المسشفى أنه يتوفر (34) سرير عناية مكثفة (7) منها في قسم المخ والأعصاب، ويقول محمد عبد الرحمن أرباب رئيس قسم المخ والأعصاب إن القسم شهد تطوراً حيث تستقبل العيادات نحو (50-70) حالة في اليوم، مشيراً إلى وجود زيادة في عدد الدخولات للقسم خاصة في الحوادث المرورية، وأضاف أن القسم به أربع غرف عمليات مجهزة وبه (30) سريرا، مشيراً إلى ارتفاع عدد حالات قوائم الانتظار للعمليات حتى عام 2017م، مؤكدا حاجة القسم لعدد من الاختصاصيين لافتاً إلى وجود (6) اختصاصيين للمخ والأعصاب وباطينة و(3) اختصاصيي جراحة عصبية بالإضافة إلى عدد من نواب الاختصاصيين، كما أشار إلى الحاجة للأجهزة والمعدات والتي يتم توفيرها من الشركات المصنعة لها بالطلب وقال إنها تحتاج إلى مال كثير، وفي قسم الجراحة أشار أبو بكر حسن رئيس القسم إلى أن القسم به أربع غرف عمليات تجرى بها جميع أنواع عمليات الجراحة العامة، ولفت إلى سعيهم لإجراء عمليات نوعيه إذا توفرت المعينات، كاشفاً عن حاجة القسم إلى أجهزة مناظير الجهاز الهضمي ومناظير جراحية

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..