ماذا حقق الإسلام السياسي قبل أن يستنفد أغراضه؟

عادل إبراهيم حمد

أن يصدر القول (إن الإسلام السياسي قد استنفد أغراضه) عن الأستاذ المحبوب عبد السلام الذي عرف بجهده و اجتهاده في ميدان الإسلام السياسي و قربه لفترة طويلة من دكتور الترابي , أمر باعث للاهتمام , و محفز للغوص أعمق لطرح التساؤل المنطقي عن الأغراض التي أكمل الإسلام السياسي تحقيقها في المرحلة السابقة , و لم يعد بعدها مؤهلا لتحقيق غرض جديد .
لاحظت أن هذا التساؤل المنطقي الذي يبرز تلقائيا فور إقرار المحبوب , يكاد يضيع وسط ضجيج الإثارة السياسية التي يكتفي بها البعض , و هم يحتفون بنيل الاعتراف المؤكد لدعاواهم بفشل نظام الإنقاذ ذي المرجعية الإسلامية , التي بشر بها المحبوب في مرحلة سابقة . و تضيع بذلك فرصة تتبع الإسلام السياسي حتى جذوره لنعرف إن كانت له نجاحات سابقة أم لا .. هذا النهج الموضوعي المتتبع لآراء المحبوب نفسه يقودنا إلى حقيقة ناصعة , هي فشل الإسلام السياسي إبتداء .

لم يظهر لي في شرح المحبوب لفكرته أكثر من أن الإسلام السياسي كان استجابة لحالة نفسية , و هو توصيف محسن لكون الإسلام السياسي حركة روحها العاطفة التي جعلت الإسلاميين يظنون مخطئين أن إعزازهم للدين الذي يحبونه , لا يكتمل إلا بتأكيد شموله لكل مناحي الحياة . ثم يقدمون فهماً سطحياً للشمول مبنياً على ثلاث ركائز أولها إلصاق صفة (الإسلامي) برؤى فطيرة أعدوها على عجل لتشمل كل مناحي الحياة , حتى أنتجت المحاولة لافتات إسلامية مضحكة . الركيزة الثانية هي الحساسية تجاه تلاقح الأفكار خشية أن يوصف الإسلام بالنقص و هو يستعير أفكار الآخرين . ثم أكملوا رؤيتهم عن الشمول بنقل فكرة الطهارة المختصة بالعبادات لميدان الفكر , فاعتبروا نتاج الحضارات الأخرى أقرب إلى النجس و الرجس .. هكذا حتى تخلف الإسلام السياسي , حبيساً في شعارات غامضة و عاجزاً بطبيعته عن مواكبة التطور الإنساني .. و عليه , أعتبر دعوة المحبوب التي يمكن تلخيصها في الدعوة إلى مواكبة الكسب البشري الإنساني حتى لا تتعارض المفاهيم الحديثة من ديمقراطية و عدالة مع الإسلام , محاولة وضع صاحبها يده على موضع خلل يخص الإسلام السياسي وحده . فالمحاولة ـ على أهميتها ـ استبانة متأخرة للنصح و استجابة متأخرة للنقد , فما يدعو إليه المحبوب هو ذات القيم و المفاهيم التي ظل الناقدون ينعون على الإسلام السياسي غيابها ؛ و عليه فإن دعوة المحبوب تجعل الحركة الإسلامية في أفضل الأحوال تصل إلى المحطة بعد أن غادرها قطار الديمقراطية و الحداثة منذ عقود .. و عل أبلغ تعبير عن هذه الحالة ما قاله دكتور غازي صلاح الدين و هو يعبر عن مدى ضيقه بما ألحقه به (أخوان) الأمس : (بعد الشفتو , أفضل الديمقراطية بعلاتها) و هو قول يعبر فوق الضيق , عن بطء شديد لازم الإسلاميين في التشخيص الفكري , و من ثم السياسي .

لم يقدم الإسلام السياسي نفعاً في فترات سابقة حتى يشار إلى استنفاد أغراضه , بل لقد اضر كثيراً بتوجسه من ثقافات الغير ثم بتنصيبه نفسه ـ رغم هذا الفقر الفكري , وصياً على الآخرين من منطلق الإحساس بتجسيد كمال الدين ..
يعينني على شرح الأثر السلبي لموقف الإسلام السياسي من ثقافات الغير , المقارنة مع تفاعل حركة التحرر الوطني السودانية الحديثة مع تلك الثقافات و مع المنتوج المادي لحضارة الغرب .. نشأت تلك الحركة في فترة المستعمر , لكنها عرفت بوعي اتصفت به كيفية التمييز بدقة بين رفض المستعمر و الانتفاع من ثقافة وفدت معه , سواء أكانت أفكاراً أو مخترعات و إعماراً … فلم يتوجسوا , بل وظفوا ما اكتسبوه من ثقافة المستعمر في خدمة القضية الوطنية , فأفكار الديمقراطية و تفاصيلها من التنظيم و الاجتماع العام و النصاب القانوني و التصويت , و وسائل التعبير و الاحتجاج مثل تقديم المذكرات و التظاهر و الإضراب , كلها أفكار غير مستمدة من ثقافة محلية , لكنها وظفت بوعي في خدمة القضية الوطنية مثلما انتفع الوطنيون من كلية غردون و خزان سنار و السكة حديد و مشروع الجزيرة و مدرسة كتشنر الطبية ؛ فالواعي يميز واثقاً بين السم و الدواء بينما يخاف المتوجس من كل شيء , فيرفض ما يضره و ما ينفعه بلا فهم .. هذا ما يفسر إشكالية الإسلامي المتوجس مع الديمقراطية و المواطنة و المرأة و الفنون و الأزياء و الرياضة .. و عليه فلن تكتمل رؤية الأستاذ المحبوب عبد السلام ـ على جرأتها ـ إلا برد ما يعتري الإسلام السياسي من جمود إلى فشل منهجي في فكرة الإسلام السياسي ..
فهل يكمل الأستاذ المحبوب تشخيصه و يبلغ به منتهاه ؟
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. المحبوب مسيرى..والمسيريه يقولون عند نعى شخص واعلان وفاته ان الدنيا قضت غرضها..فهو يعنى بالواضح كدا ان الحركه الاسلاميه ماتت وشبعت موت..لحقت المقبور..

  2. المحبوب مسيرى..والمسيريه يقولون عند نعى شخص واعلان وفاته ان الدنيا قضت غرضها..فهو يعنى بالواضح كدا ان الحركه الاسلاميه ماتت وشبعت موت..لحقت المقبور..

  3. تبا لكل مثاقفاتية السودان تبا لهم وتب من اقصى اليمين الى اقصى اليسار اللهم اذقهم نار جهنم واجعل مثواهم الدرك الاسفل من النار بقدر ما نظروا لمشاريعهم الوهم واذاقوا بها كاهل المواطن البسيط ، واى مشروع لا يأمن من خوف ولا يطعم من جوع هو مشروع سلطوى فاسد قمىء ،، تبا لهم وتب تبا لهم وتب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..