من يدعم نظام الإبادة فى السودان؟

من يدعم نظام الإبادة فى السودان؟ 1

بقلم / مراد عبدالله موديا
[email][email protected][/email]

قد تبدو الإجابة على هذا السؤال يسيرة عند البعض وربما قد تذهب أذهانهم قريباً إلى دول” محور الشر” على حد تعبير جورج بوش الإبن فى الإشارة إلى إيران وكوريا الشمالية وعراق صدام حسين ، ولربما تطول القائمة عند البعض الآخر لتضم الصين وروسيا وسوريا ، ولا يخفى على الأحياء ما تعانيه شعوب هذه الدول من نقص حظها من الديمقراطية ومعايير حقوق الإنسان وحرية الرأى والكلمة ، وبذات القدر من الممارسات الدكتاتورية والمهينة لكرامة الإنسان التى تمارسها ضد شعوبها تحاول بذات القدر أن تصدّر فنون القمع والمعاناة إلى نظام الإبادة فى السودان ولا غرابة إذ أنَّ الطيور على أشكالها تقع. وأجدنى لا اختلف مع هذه الفئة التى ذهبت المذهب أعلاه بما لهذه الدول من دور فاعل وملحوظ فى الصراع الذى دار فى السودان منذ عقود وما زال دائراً الى اليوم حتى بعد إنشطاره إلى دولتين، ويلاحظ أن بين هذه القوى دولتان عضوان فى مجلس الأمن ولهما قوة حق الفيتو وهما الصين وروسيا ومصالحهما فى السودان إقتصادية وسياسية معروفة للملأ . إلا أننا فى هذه الأسطر سنذهب إلى أبعد من الدول المصنفة أعلاه.
فالصين توغلت فى السودان منذ مطلع سبعينيات القرن المنصرم وكانت وقتها تتظاهر بأنها صديقة فقد للشعب السودانى وأنها تقدم مساعدات تبين فيما بعد أنها لم تكن لحلاوة سواد بشرة وعيون السودانيين ، ففى العقدين الماضيين توغلت الصين وتسربت إلى تفاصيل السياسة الداخلية فى السودان وقدمت دعماً عسكرياً ولوجستياً وإقتصادياً ودبلوماسياً فاقت بها كل أقرانها الداعمين لنظام الأبادة فى السودان ، فاليوم باتت الأسلحة الصينية الصنع معروفة لأطفال دارفور ، جبال النوبه والنيل الأزرق ومن قبل أطفال جمهورية جنوب السودان المستقلة حديثاً، فالصين التى دأبت ترفض كل التهم الموجهة لها بإسعار الحرب فى السودان وأنها تقف إلى جانب الإبادة فى السودان إلى أن فضحت نواياها على الملأ فى يناير 2012 بالعملية الناجحة التى قام بها الجيش الشعبى لتحرير السودان حيث اسرو 29 فنياً صينياً كانو يقدمون دعماً عسكرياً مباشراً فى منطقة معروفة أنها مسرح للقتال بين نظام الإبادة الإنسانية فى الخرطوم والجيش الشعبى لتحرير السودان شمال،بالطبع أخجلت هذه العملية الحكومة الصينية وأحرجتها أيما إحراج حيث توسلت إلى أصدقاء الحركة الشعبية للتوسط ، إلى اليوم مابرحت الصين تدعم نظام الخرطوم علناً لضمان توسع مصالحها فى السودان والتى لا تتمثل فى النفط فقط.
هذا ما كان من أمر الصين ولا يختلف الموقف الروسى كثيراً بل إنه متطابق مع الصين فروسيا متعطشة لسوق الخرطوم التى لا تشبع من شراء الأسلحة السوفيتية القديمة من قنابل وطائرات ومستلزمات عسكرية يأتى فى مقدمتها طائرات ألأنتنوف التى حولها طيارون روس إلى أقوى مقاتلات سلاح جو نظام البشير حيث ان هذه الطائرات أسقطت اكثر من 900 قنبلة بين شهري يونيو 2011 إلى يناير 2012 قتلت أكثر من 86 مدنياً وجرحت أكثر من 200 وشردت أنفساً تفوق نصف المليون نفساً من مختلف مناطق جبال النوبة من المواطنيين العزَّل ، وبعض هذه القنابل صينية الصنع فى غاية الخطورة على الإنسان والبيئة على المديين القريب والبعيد. تضاعفت الطلعات الجوية إلى الضعف بعد شهر فبراير 2012 بعد أن تأكد لنظام البشير إستحالت هزيمة النوبة على الأرض وأيضاً بعد أن سيطر الجيش الشعبى لتحرير السودان شمال على أكثر 80%من جملة الأرض فى جبال النوبة، ومن المؤسف ان روسيا تساند الخرطوم بالطيارين المدربين على القصف فى المناطق الجبلية لجهل وقلة خبرة طيارى الخرطوم بإحداثيات المناطق الجبلية والتى إكتسبها أقرانهم الروس إبان حربهم الضروس ضد أفغنستان والتى خرج منها روسيا أو بالأحرى الإتحاد السوفيتى آنذاك مكسور الكبرياء مما كان سبباً مباشراً لتفكك المارد الشرقى قبل خسارته للحرب الباردة فأصبحت كل الساحات مفتوحة أمامها ولا يكبحها وازع من أن تنتقم من المعسكر الغربى حتى لو كان ذلك على حساب الأبرياء فى جبال النوبه ، دارفور والنيل الأزرق ، فروسيا دائماً ما أعاقت قرارات مجلس الأمن بخصوص نظام الإبادة فى السودان ودائما تجدها نصيراً عضوداً للشرزمة القليلة المجرمة والمطلوبة للعدالة الدولية ، ضاربة بعرض الحائض مصلحة الشعب السودانى وتطلعاته فى الحرية والإنعتاق من نَير البشير وعصبته، وكانت ألامم المتحدة قد أصدرت قراراً دولياً عام 2005 بفرض حصر مشدد على بيع السلاح والترسانه العسكرية لنظام البشير بسبب جرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وقعت جميعها فى إقليم دارفور غربي السودان، إلا أن الصين وروسيا ما زالتا تبيعان السلاح للخرطوم ، ففى فبراير 2012 وجهت منظمة العفو الدولية إتهاماً لكلتا الدولتين الصين وروسيا لتسليحهما المتواصل للخرطوم.
إيران
كانت إيران من أوائل الدول التى رحبت ودعمت إنقلاب الجبهة الإسلامية فى السودان عام 1989 ، وكان زعماء الجبهة الإسلامية أنفسهم منبهرين بالثورة الإسلامية فى إيران والتى سبقتهم للحكم بعقد من الزمان لذلك كانو ينظرون إليها بكل إعجاب وتغمصت رؤاها شبراً بشبر و زراعاً بزراع فمثلاً أستحدثت الثورة فى إيران قوات الحرس الثورى كبديل للجيش الإيرانى وفى السودان خلقت الجبهة الإسلامية الدفاع الشعبى كبديل لقوات الشعب المسلحة ، وهناك فى إيران آية الله المرشد الأعلى للثورة ، وفى السودان آية الله مستشار شئوون التأصيل وعليه فقس. وفى عام 1991 سجل الرئيس الإيرانى الأسبق على هاشمى رفسنجانى زيارة تاريخية “للجمهورية الإسلامية السودانية” وصحبه عدد مأهول من الخبراء العسكريين الإيرانيين على رأسهم قيادات رفيعة من الحرس الثورى وتبرعت إيران بمبلغ 17 مليون دولار كدعم “للجمهورية الإسلامية” فى السودان وليس هذا فحسب بل وعدت بالدعم العسكرى الغير محدود للإنقلابيين الإسلاميين وهذا ما نفذته إيران بالفعل بعد وقت وجيز من الزيارة وفى نفس العام حينما أرسلت إمدادات عسكرية كبيرة مع نخبة عسكرية من جيش فيلق القدس للقتال “فى سبيل الله” فى تلشى إحدى كبريات سلاسل جبال النوبة ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وقتل على مشارف وسفوح جبل تلشى فى جبال النوبة الأبية عدد من أفراد فيلق القدس كما قتل معهم أبو دجانة وهو سودانى و كان منسقاً وقائداً لمليشيات الإبادة التى أُزهقت على أيديها القذرة أرواح عشرات الآلاف من أرواح أبناء النوبة البريئة. لقد لقن الجيش الشعبى الغزاة المهووسيين دروساً فى القتال لن تنسى حيث تعتبر كثير من مراكز الدراسات العسكرية معركة تلشى واحدة من أميز المعارك الفارقة فى التاريخ العسكرى الحديث. رغماً من الخسائر البشرية التى لحقت بإيران فى جبال النوبة إلا أنها لم تزال تقاتل فى جبال النوبة ففى 8 يوليو 2011 أوردت وكالة الأسوشيتيد برس أن الجيش الشعبى لتحرير السودان / شمال غنم كميات هائلة من الأسلحة الإيرانية والتى صورت بفيديو الناشط السلفوينى تومو كرايزر.
لقد جنت إيران بعضاً من ثمار ما كانت تصبو إليه فى السودان فقد إستطاعت إيران أن تجد أرضاً جديدة وموطأ قدم لفيلق القدس وهى إحدى أخطر الأزرع العسكرية الإرهابية للحرس الثورى الإيرانى وهى مليشيات إرهابية منتشرة خارج إيران وتهدف إلى تنفيذ عمليات ضد أعداء الثورة الإسلامية أفراداً كانو أو دول وموكول إليها التنسيق مع كل حلفاء إيران وكذلك إدارة إستثمارات الحرس الثورى الخارجية ، وكذلك موكول إليها القيام بعمليات إنتقامية واسعة ضد أهداف غربية فى أى مكان تصل إليها يد هذه المليشيات فى حال تعرضت إيران لهجوم من الغرب. وتصنفها المنظمات الحقوقية العالمية من أخطر المنظمات الإرهابية التى تهدد الأمن والسلم العالميين. أستطاعت إيران أن تكسب نظام الجبهة الإسلامية لتكون بذلك فتحت صفحة جديدة مع السودان بعدما كانت الأنظمة السودانية السالفة تقف سداً منيعاً أمام المد الإيرانى ويجب أن لا ننسى الدور الذى لعبه السودان تحت رايات العروبة فى حرب الخليج الأولى حيث كانت العضو الوحيد فى الجامعة العربية الذى دفع بإعداد هائلة من قواته النظامية ومواطنية إلى جبهات القتال تحت رايات العروبة وقائدها الهمام صدام حسين أسد العرب وحامى عرينها آنذاك بينما إكتفت الدول العربية الأخرى بالدعم المادى واللوجوستى الغير محدودين أو مشروطين ، عليه إعتبرت إيران النظام الجديد فى السودان فتحاً كبيراً فسارعت بتوطيد العلاقات وبفتح مراكز ثقافية إنتشرت فى العاصمة السودانية وبدأ مذهب التشيع يجد موطئ قدم جديدة فى أفريقيا السوداء جنوب الصحراء وهى تعتبر مصلحة أيديولوجية فى غاية الأهمية لإيران ، وبدأت أدبيات المذهب الشيعى تظهر كثيراً عند النافذين فى الجبهة الإسلامية فى تملقهم وتودتهم لإيران عساها تساعدهم فى بناء قنبلة “الجمهورية الإسلامية السودانية” النووية، ومن خلال هذه العلاقات أمنت إيران قاعدة إستراتيجية على البحر الأحمر وقريبة من باب المندب لضمان دعم حلفائها الحوثيين فى اليمن عن طريق البحر وكذلك دعم حزب الله اللبنانى وحركة حماس فى غزة عن طريق الشرق المحازى للبحر الأحمر منها لمصر ومن ثم القطاع ، لكل هذا وأكثر منه شجنت إسرائيل غارة جوية على قافلة من 17 شاحنة فى يناير 2009 شرق السودان و كانت تحمل أنواع مختلفة من السلاح بهدف إيصالها لقطاع غزة وهذا ما لم ينكره مستشار الرئيس السودانى غازى صلاح الدين فى حواره مع الصحفية منال لطفى المنشور فى صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 30 سبتمبر 2009 فى رده على سؤال ماذا عن تقارير قصف إسرائيل 17 شاحنة فى شرق السودان كانت تحمل أسلحة إيرانية إلى قطاع غزة عبر الأراضى المصرية؟ ردَّ قائلاً ” ليس هناك دليل على أنها كانت متجهة إلى غزة هناك عمليات تهريب عبر جميع الدول لا السودان وحده. حتى فى هذه الحالة ، الرواية التى قالت إن هذه الأسلحة نشأت فى الدولة أ ثم ذهبت إلى الدولة ب ثم توجهت إلى الدولة ت ثم ث أى غزة نسيت جميع الدول وسلطت الأضواء فقط على السودان. أى أن النظرية نشرت أن هذه الأسلحة ليس مصدرها السودان ، بل جاءت عابرة فى عمليات تهريب تحدث ولم تتوقف ” هذا ما كان من رد مستشار الرئيس الذى أكد ان الغافلة فعلاً كانت تحمل أسلحة أى أنه نشاط عسكرى ولم تكن غافلة مدنية من المهاجرين الصوماليين كما اشار بعض المتحدثيين من وزارة الدفاع آنذاك. ومستشار الرئيس كأنه يقول نحن مجرمون نتعامل مع شبكة من الدول فلماذا نعاقب وحدنا!! واللبيب بالإشارة يفهمُ.
وقبيل إكمال سطور هذا الجزء الأول من المقال وفى منتصف ليلة الأربعاء 24إكتوبر 2012 غارت أربعة طائرات عسكرية سارع نظام الإبادة وعلى لسان وزير إعلامه أحمد بلال عثمان بالقول على أنها “إسرائيلية ” واسرائيل من جانبها لم تعلق على الحادث. غارت هذه الطائرات على منشأة اليرموك للتصنيع العسكرى وهى إحدى المشاريع المشتركة بين جيش فيلق القدس الإيرانية ونظام الإبادة فى السودان. ولا يتوقع توقف الدور الإيرانى فى السودان ما دام نظام الإبادة قائماً فى السودان وذلك لما يربط بينهما من معاهدات إيديلوجية فى غاية الراديكالية ويتوهمان تفويضاً إلاهياً فى كل ما يفعلانه وهذا ما أشار إليه أحمدى نجاة فى زيارته الأخيره للخرطوم أن إيران والسودان يقفان فى خندق واحد للدفاع عن الإسلام!!؟

تابع الجزء الثانى من المقال قريباً ..

تعليق واحد

  1. طبعا الدور الامريكي دائما مغفل لان امريكا تلعب تحت التربيز!!فهي تستقبل الحلو وعقار وعرمان بينما في الحقيقة لاتريد الاذي لنظام الخرطوم الذي حقق لها ما لم يحققه اي نظام في تاريخ السودان والمنطقه العربية بقيامه بفصل الجنوب!! وترغب امريكا الان باستمرار الدور الغبي للنظام الحاكم بتامين ودعم الدوله الوليدة !!حتي نقوم بدورها المرسوم لم ولن تمد امريكا يد العون لاي محاولة لتغيير النظام ! اما الدور او الشو المعروض في العلن فلايعدو كونه لزر الرماد فيالعيون والحصول علي مكاسب اخري من نظام الخرطوم!!! والضربه الاسرائيلية الاخيره توكد الدعم الامريكي فقد تمت بدعم من الاساطيل الامريكيه في البجر الاحمر لو ارادت امريكا لامسكت بالبشير وهو نائم ولكنها تلعب معه ليقوم بالدور المرسوم بعد ان ايقنت ان ربيع السودان لن ياتي بسهولة قبل قرون!!!!

  2. المقال ممتاز ومعلوماته غزيرة.
    اما فى السودان على الارض فان نظام الابادة يدعمه جهل الشعب السودانى وقصر نظره حيث نجح النظام فى تخويف المركز من الهامش عبر الحطاب العنصرى الموجه والذى اظهر الهامش “الافريقى” خطراً على المركز “العربى” المسلم وهذا ينسجم مع ماورد فى المقال اعلاه
    “ويجب أن لا ننسى الدور الذى لعبه السودان تحت رايات العروبة فى حرب الخليج الأولى” الطريف فى الامر ان الرشايدة فى شرق السودان ولا شك فى عروبتهم انحازوا الى الكويت وقاتلوا فى صفها. مفارقات عجيبة

    اعود من الشواهد على ما قلت اعلاه ردود الفعل التى اعقبت غزوة خليل لامدرمان فقد فعل الخطاب العنصرى فعل السحر فى اجهاض العملية.ولست فى حاجة بتكيركم بالحشرة الشعبية و ما اجو الا بالعصا ومدلولاتها القبيحة.

    ايضا برز الخطاب العنصرى بقوة بعد احداث هجليج وكان له اثر قوى فى تخليط الفهم وطمس الحقائق لان العنصرية ظلام تحجب الرؤية الموضوعية للامور.

    ويلاحظ ان ابناء النيل اولاد البلد لا يذهبون فى معارضتهم للبشير ابعد من الحديث عن المحسوبية فى الخدمة العامة وغلاء المعيشة ثم يدخلون فى كهف العنصرية ويتحدثون عن الاستهداف الخارجى ان كانوا اقل صراحة وان كانوا صريحين واكثر شجاعة فيتحدثون عن ان العبيد ديل ما منم فايدة و ما بنضمنو واخير لينا البشير دا بحالو دى. اكتفى بهذا الجهد المتواضع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..