استطلاع: نصف العمالة الأوروبية الماهرة تفكر في مغادرة بريطانيا خلال خمس سنوات

لندن ? وكالات: أظهر استطلاع للرأي تم نشر نتائجه أمس الثلاثاء أن نحو نصف العاملين المهرة الذين ينتمون لدول أخرى في الاتحاد الأوروبي يفكرون في مغادرة بريطانيا خلال السنوات الخمس المقبلة، ما قد يؤدي إلى نقص في العمالة الماهرة.
ووفقا للاستطلاع الذي نشره المؤسسة الاستشارية المرموقة «ديلويت» فإن نحو 36% من العمال غير البريطانيين الموجودين في بريطانيا يفكرون في مغادرة البلاد، ما يرفع إلى 47% نسبة «العمالة ذات المهارات العالية من دول الاتحاد الأوروبي»الراغبة في المغادرة».
وأشارت «ديلويت» في تقرير عن الاستطلاع إلى أن النتائج تشير إلى أن بريطانيا ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي «قد تواجه نقصا محتملا في العمال الماهرة، وأن العمالة الأعلى في المهارة هي الأكثر قدرة على التنقل، ومن ثم فإنه سيكون هناك على المدى القريب ضغط أكبر لملء هذه الشواغر».
وذكر التقرير أن خروج بريطانيا من الاتحاد «غَيَّر نظرة العاملين الأجانب إلى بريطانيا كمكان للعمل»، مع اتفاق 21 من المستجيبين للاستطلاع من خارج بريطانيا و48% من العمالة الأجنبية المقيمة فيها على أن بريطانيا أصبحت الآن «أقل جاذبية».
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تعهدت أمس الأول بحماية «الأوضاع المستقرة» لمواطني دول الاتحاد الأوروبي المتواجدين بشكل في بريطانيا بعد مغادرتها للاتحاد.
وكانت ماي قد سعت يوم الإثنين إلى طمأنة مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بلادها ازاء مستقبلهم بعد الانفصال عن الاتحاد (بريكسِت)، ووعدت بحماية حقوقهم، مضيفة «نريدكم ان تبقوا».
وقالت أثناء عرض خطتها لوضع الأوروبيين المقيمين في بلدها بعد «بريكسِت» امام البرلمان «أعلم ان البعض قلق بشأن ما قد يحدث لمواطني الاتحاد الأوروبي عندما نغادر». وأضافت «لكنني اليوم حريصة على تبديد هذه المخاوف. اليوم أريد تبديد هذا القلق. أريد طمأنة الناس بالكامل بشأن هذه الخطط التي لن يطلب بموجبها من اي مواطن من الاتحاد الأوروبي مقيم حاليا في المملكة المتحدة مغادرتها عند انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي».
وبدا مصير 3.2 مليون مواطن في الاتحاد الأوروبي يقيمون في بريطانيا غامضا بعد استفتاء 23 يونيو/حزيران 2016 الذي صوت لصالح مغادرة الكتلة ذات الـ28 عضوا.
ويبقى مصير هذه الجالية التي تسهم بدرجة مهمة في الاقتصاد البريطاني مرهونا بالحقوق التي ينالها 1.2 مليون بريطاني يقيمون في الدول الأعضاء الـ27 الاخرى في الاتحاد بعد «بريكسِت». ويعتبر حل هذه النقطة محوريا في مفاوضات الخروج من الاتحاد التي انطلقت رسميا في الاسبوع الفائت.
ونصت الوثيقة التي تقدمت به بريطانيا إلى المفوضية الأوروبية في هذا الخصوص على احتفاظ المواطنين الأوروبيين بحقوقهم الحالية حتى يوم مغادرة الاتحاد الأوروبي، وسيترتب عليهم إثره طلب وضع جديد.
وتميز الحكومة بين المقيمين في البلاد منذ خمس سنوات على الأقل وسائر الرعايا الأوروبيين.
فالفئة الأولى سيحق لها طلب إقامة دائمة، ما يمنحها حقوق المواطن البريطاني على مستوى فرص العمل او الرعاية الصحية مثلا، فيما يترتب على الآخرين طلب إقامة مؤقتة.
ويفترض تحديد موعد انتهاء المهلة بين تاريخي إطلاق آلية الانفصال رسميا (اذار/مارس 2017) والمغادرة الفعلية (نظريا في اذار/مارس 2019). وأكدت الحكومة انها ستبحث هذه النقطة في «مناقشات» مع الاعضاء الـ27.
« ليس عرضا سخيا»

يعرب الكثيرون من الرعايا المقيمين في البلد عن القلق ازاء عبء الإجراءات المحتملة للحصول على وضع جديد.
وقال الاستاذ ديميتريوس يانولوبولوس من جامعة برونيل في لندن ان «آلاف المواطنين الأوروبيين قد يجدون أنفسهم في الموقع الخطأ حسب الفترة التي يحدد فيها موعد انتهاء المهلة».
لكن الحكومة وعدت بـ»تحديث» عمل الادارات وتخفيض التكاليف قدر الامكان. كما أكدت ان الفترة الانتقالية ستتم بسلاسة وأن المرشحين للإقامة الدائمة سيحصلون على مهلة «مكيفة» لتقديم الطلب.
تؤكد الوثيقة كذلك ان محكمة العدل الأوروبية لن تحتفظ بعد «بريكسِت» بصلاحية في المملكة المتحدة للنظر في قضايا متصلة بحقوق رعايا الاتحاد.
واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ان المشروع المطروح «دون تطلعاتنا»، و»يهدد بتأزيم أوضاع» رعايا الاتحاد المقيمين في المملكة المتحدة. كما اعتبره رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر «خطوة أولى لكنها لا تكفي».
وكتب كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه على تويتر تعليقا على خطة ماي «هدف الاتحاد الأوروبي حول حقوق المواطنين: مستوى الحماية نفسه الذي ينص عليه القانون الأوروبي. مزيد من الطموح والوضوح والضمانات يتجاوز الموقف البريطاني اليوم».
وانتقد زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن بحدة الخطة المقترحة أثناء عرضها على مجلس العموم، وقال «هذا ليس عرضا سخيا (?) بل هو تأكيد على سعي ماي إلى استخدام الناس كأدوات للمساومة»، لافتا إلى ان «هذا البلد يحتاج إلى مقاربة جديدة لبريكسِت».
وأعلنت ماي مبادئ خطتها يوم الخميس الماضي اثناء القمة الأوروبية في بروكسل، في ما اعتبرته بادرة حسن نية، لكنها لم تلق الا الرفض لاعتبار النقاط المعلنة غير كافية وغامضة، الأمر الذي شاطره مواطنون أوروبيون يقيمون في المملكة المتحدة.وعلقت مجموعة الضغط «ذا 3 ميليون» (الملايين الثلاثة) التي تمثل الرعايا الأوروبيين المقيمين في الملكة المتحدة بسسلسة تساؤلات: «ماذا سيحدث في حال عدم التوصل إلى اتفاق (مع الاتحاد الأوروبي)؟ وماذا عن لم شمل الأسر بعد بريكست؟ وماذا بشأن محكمة العدل الأوروبية الضامنة لحقوق المواطنين الأوروبيين؟».

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..