مقالات سياسية

الثورة السودانية ما بين مطرقة المجتمع الدولي وسندان تشبث الإخوان بالسلطة

نبدأ بأبيات من كلمات شاعر شعبنا محجوب شريف الذي نفتقد وجوده بيننا وان كان حاضرا دوما بما كتب وناضل وعلم طوال مسيرته النضالية حتي تسرب في كل مسامات الشعب حرية.

يا ظالما في الغيب او حتي بيناتنا
لو في الحلم والنوم أحزر ملاقاتنا
لو حتي ما ولدوك أحزر وليداتنا
نحن انكسار العين ما بيحني هاماتنا

صاعين نكيل الصاع والسلم راياتنا ظهرت للسطح مجددا الأسبوع الماضي قضية المحكمة الجنائية الدولية التي تواجه رئيس النظام السوداني عمر البشير والعديد من قيادات النظام عبر تصريحات الصحفي باتريك سميث في حواره مع BBC وحديثه عن حلول دبلوماسية جديدة يتنحي بموجبها الرئيس المطلوب عمر البشير من منصبه مقابل تجميد مذكرة الإدانة الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية لمدة عام مع ضمان إزالة الولايات المتحدة الأمريكية لاسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وكذلك عبر برنامج HARD talk في قناة BBC الذي استضافت فيه الاستاذة زينب بدوي الاستاذ ياسر عرمان الذي بث صباح الخميس الماضي وكان من ضمن الأسئلة التي وجهتها الاستاذة زينب للأستاذ ياسر هو رأيهم حول مقترح تجميد مثول البشير للمحكمة الدولية مقابل تنازله عن السلطة وأشارت لتصريحات رئيس نداء السودان في العام الماضي حول امكانية استخدام مجلس الأمن للمادة 16 من ميثاق روما وكذلك تصريحات رجل الأعمال السوداني مو ابراهيم حول نفس الامر ، إيجابه الاستاذ ياسر حول الامر لم تكن قاطعة وأجاب بان المجتمع الدولي يبني كل مقترحه هذا علي افتراض غير حقيقي فالبشير متشبث بالسلطة بدليل محاولته تعديل الدستور ليسمح له بالترشح لانتخابات 2020 وان عاد الاستاذ ياسر بكل وضوح بان الحراك الذي يجري الان في السودان قد تجاوز كل ذلك وان الشعب السوداني والضحايا وأسرهم هم من يمتلكون ذلك الحق لا المجتمع الدولي ولا اي طرفا آخر.

بلا شك المجتمع الدولي والإقليمي يتحرك في ما يختص بالشأن السوداني بناءا علي مصالحه وتقاطعاتها مع نظام الاخوان المسلمين ورغم ذلك نكاد نجزم بان فيما يختص بتجميد مثول البشير للمحكمة الجنائية الدولية بعض أطياف معارضة من قوي نداء السودان كانت علي علم بالأمر وبل ذهب بعضا منها في طرح فكرة المشاركة في انتخابات 2020 داخل أحزابهم والتسويق لضرورة المشاركة فيها وذهب آخرون منهم في التسويق لفكرة الهبوط الناعم لذلك شهدنا جميعا المحاولات المستميته من بعض قوي المعارضة في عدم موافقتها بتعديل الدستور ليسمح للبشير بالترشح لدورة رئاسية قادمة وكأنما المعركة هي مع البشير كشخص وذلك يؤكد بان بعض القوي المعارضة قد تم الاتفاق بينها وبين القوي الفاعلة في المجتمع الدولي وجزء من اهل النظام علي أمر تجميد مثول البشير للمحكمة الدولية شريطة تنازله عن الحكم.

انتفاضة ١٩ ديسمبر قلبت الطاولة علي المجتمع الدولي وحلفائه من اهل النظام وبعض فصائل الهبوط الناعم ودعاة 2020 وغيرت قوانين اللعب ورفعت سقف المطالب عاليا جدا فصار حدها الأدني تسقط بس

برغم عظيم التضحيات وبرغم بطش النظام غير ان تجمع المهنيين وحلفاؤه وشباب وشابات الثورة وشعبنا مصممين علي تكملة المشوار وتحرير كامل الوطن واستعادة الديمقراطية.

بعد بروز مشروع تجميد مثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي مقابل تنازله عن السلطة كتبت كثير أقلام لا نشك في إخلاصها للثورة ولا في ثوريتها ووطنيتها بان ذلك السعي من المجتمع الدولي قد يكون مفيدا الان للثورة وسيسهم في احداث شرخ في جسم النظام ويمكن للثورة وقوي التغير بعد الانتصار عدم الالتزام بذلك ، وان كنت من خارج قبيلة القانونيين ولكن أقول بان ميثاق روما يسمح لمجلس الأمن الدولي بناءا علي المادة 13 بإحالة بعض القضايا للمحكمة الدولية التي يري انها مهدده للأمن والسلم الدولي والإقليمي او يري فيها انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية او تطهير عرقي ولا خلاف حول ذلك ولكن لنفس مجلس الأمن وبناء علي منطوق المادة 16 من ميثاق روما الحق كذلك في تجميد او تأجيل بعض القضايا لمده عام وقابل ذلك للتجديد وفق تقديرات مجلس الأمن ، بلا شك لا مجلس الأمن ولا سلطة الإنقاذ غشيمين لهذا الحد ، كامل المشروع وكل الصفقة هي التجميد للبشير ومساعدته في الافلات من العدالة والتجديد لسلطة الإخوان المسلمين لفترات حكم غير معلومة ، المجتمع الدولي وعلي وجة الخصوص أعضاء مجلس الأمن دائمي العضوية وهم الولايات المتحدة ، بريطانيا ، روسيا ، الصين وفرنسا كامل مصالحهم هي مع نظام الإخوان المسلمين في السودان ولذلك رميهم لطوق النجاة للبشير ليس حبا فيه بقدر ما هو محاولة لإعادة تدوير نفايات التنظيم من جديد.

السيناريو بداء بالأمس بإعلان البشير لحالة الطوارئ وتعيين قيادات أمنية وعسكرية للولايات وستتبعه مزيد إجراءات تحكم قبضة تيار البشير علي كامل مفاصل الوطن ولاحقا سيتم تغير صوري من جنرالات نظام الاخوان المسلمين يخرج بموجبه البشير من السلطة التي ستؤول غالبا للفريق اول عوض محمد احمد بن عوف او ايا من قيادات الجناح العسكري او الامني للتنظيم تحت ضمانات من المجتمع الدولي بتجميد مثول البشير أمام محكمة الجنايات الدولية.

رغم عظيم التضحيات لشعبنا منذ اليوم الأول لوصول عصابة الإخوان المسلمين للسطة عبر انقلابهم المشؤوم في يونيو 1989 والمواصلة في منازلتهم للان رغم عظيم الفقد من شهداء ، جرحي ، معتقلين ، نازحين ولاجيين في كافة اركان الارض ولكن للأسف نجح النظام في ان يكسب ود كامل أعضاء مجلس الأمن دائمي العضوية ، نجح النظام في ان يحفظ علاقته مع قطر ويحارب مع السعودية ضد حلفاء قطر ، المجتمع الدولي والإقليمي لا صالح له في مايجري في السودان من قتل وقهر وفقر لأبنائه وبناته طالما مصالحه محفوظة في ظل هذا النظام.

رغم هذه الصورة المأساوية ولكن في الأفق عديد طرق توصلنا لبر أمان ولانتصار يعيد دولتنا المسلوبة لنا ولذلك لا بد من العمل المكثف من قبل المعارضة في الخارج لتوضيح الصورة اولا للشعوب الغربية التي نعيش فيها بان نظام الخرطوم هو نظام الإخوان المسلمين وهم وداعش وطالبان والقاعدة جسم واحد ينهل من نفس الإناء الاسن وبان شعوبنا السودانية قد بدأت مقاومة تنظيمهم الإرهابي مبكرا في أوقات سكوت العالم الغربي وبل دعمه لهم ، مهم خروج مواكب كبيرة وكثيفة لوزارات خارجية الدول العظمي وبان لا نكتفي فقط بتسليم مذكرات لهم بدون حشود والاهم نشر ما يتم من حراك في صحف هذه الدول فهم يستمعون للرأي المحلي ويخافونه اكثر من ما يتضامنون مع قضايانا العادلة.

لابد إيضا الانتباه ، الإخوان المسلمين منزعجين جدا لهذا الحراك العظيم ولبسالة ثورة وثوار التاسع عشر من ديسمبر ولذلك ورغم مساهمة عديد تيارات منهم ناقمة علي البشير والمؤتمر الوطني وتخرج مع قوي التغير في التظاهرات وبل قدمت شهداء ولكن رغم ذلك هم/ن في اي منعطف قد يرجعون لحاضنتهم التاريخية وهي الحركة الإسلامية اذا ما لم يجدوا قليل ترحيب وتثمين لموقفهم وبلا شك من أجرم او أفسد فيهم ستطاله يد العدالة بعد نصر الثورة وبلا شك التعامل معهم كأفراد هو المطلوب فجزء مقدر من الشعبي مع الحراك وان كان للان التنظيم رسميا مشاركا مع النظام وقد ينجح دكتور علي الحاج رجل المؤامرات بعد عودته من ألمانيا الأسبوع الماضي من رحلة علاج في جذب متمردي الشعبي كلهم او جزءا منهم لصف النظام.

اختم وأقول ان صقور الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمين ) وبعض قوي الهبوط الناعم والمجتمع الدولي والإقليمي هم حلف وأحد يجمع بينهم عظيم مصالح مشتركة لا آسفا عليهم وفي الجانب الاخر وهو جانب الوطن بقيادة تجمع المهنيين السودانيين وحلفاؤه وكافة شباب وشابات الوطن الذي سطروا تاريخا جديدا مجيدا ولذلك مهم الترحيب بحماميم الإسلامين الذين اقتنعوا بخطل مشروع الإنقاذ وفساده طالما كانوا صادقين مع انفسهم اولا ومع شعبنا في معركة تحرير الوطن ، بلا شك سينتصر حزب الوطن وان تآمر المجتمع الدولي والنصر حليف الشعب.

ونختم بقول الشاعر عمرو بن كلثوم اذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجدينا
وتسقط بس#

ناصر مهدي محي الدين
المملكة المتحدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..