مقالات وآراء

حل (قحت) هو الحل؟

ما مِنْ شكٍ، أنّ الشراكة السياسية تقتضي توفر عدة شروط، في مقدمتها الندية بين هؤلاء الشركاء، ثم التوافق حول نظرتهم إلى المصلحة العامة للوطن والخاصة بالحزب، بجانب الحرص المتبادل على ضمان مصالح الوحدة الجغرافية السياسية للبلاد، ومن ثم التوافق على الآليات الضامنة لتفعيل التصورات المشتركة وحشد القوى اللازمة لتحقيق الغايات التكتيكية والاستراتيجية، التي تتوخاها الشراكة المبرمة بين الأطراف – أي البرنامج الموقع عليه.

والحال أنّ قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) لا تملك الحد الأدنى من الشروط التي تنبني عليها أيه شراكة من أي نوع كانت، دعك عن شراكة سياسية، لذلك فإن ادعاء مكوناتها بالتوافق، محض افتراء على الجماهير بالكذب وتفويت الوقت (تضييعه) في نسج الأحابيل ووضع الفخاخ من الكل للكل دونما رفة جفن أو شكة ضمير.
لا يمكن لمكونات (قحت) خلق تصور عام للمصالح المشتركة بينها وفقاً للمصلحة العليا للوطن والمواطن والبناء عليه من أجل إدارة الفترة الانتقالية بحصافة ودقة ومهارة و(إثمار)، لأن ما بين هذه المِزع من الزعازع والشروخ يصل في بعض الأحيان إلى ما هو أسوأ مما كانت عليه بعضها من النظام البائد، بمعنى أن بعض مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير أقرب إلى نظام المخلوع البشير من شركائها الراهنين، وبعضها أقرب إلى المجلس العسكري وقوات الدعم السريع بشكل خاص من بعضها بعضاً، وهكذا يجد الجميع أنفسهم في ورطة عنوانها الأبرز (الغتغتة والدسديس)، وعدم الإعلان صراحة عن مواقفها السياسية الحقيقية وعن تحالفاتها المستقبلية، فالكل يعمل مع الكل فيما يعارضون بعضهم البعض من الداخل، ويعطلون سير العمل ويضعون الفخاخ والعراقيل لوقف دولابه.
على أيِ حال، لا يمكن أن يستمر الحال على هذا المنوال كثيراً، وما ظللنا نشير إليه منذ وقت طويل، بدأ يظهر على السطح في الآونة الأخيرة، فمحمد مختار الخطيب السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني هاجم بشدة أداء الحكومة الانتقالية، وكذلك فعل كمال كرار، عندما ندد بسياسات البنك الدولي – فيما يسعى وزير المالية للحصول على دعم من ذات المؤسسة – وقال عنها إنها تشترط التنازل من مقدرات الدول وتستنزفها وتعمل على إفقارها.
فيما وجه المهدي، انتقادات قوّية إلى بعض حلفائه في قوى الحرية والتغيير، واصفاً إياهم بالاستهتار والمزايدة، وشن حملة شعواء على الشيوعي، وأثنى على الدعم السريع، كما دعا الفريق البرهان لتفويت الفرصة أمام الساعين لإجهاض الثورة لتجنيب البلاد المهالك.
طيِّب، على قوى إعلان الحرية والتغيير فض الشراكة بعد تشكيل البرلمان المؤقت، ونسج تحالفات جديدة، بأن يكون حزب الأمة والاتحادي والدعم السريع وما تبقى من أعضاء المجلس العسكري الانتقالي والحركات المسلحة التي قرظت وأثنت واعترفت بالدعم السريع في جانب، والشيوعي وما تناثر من منظمات المجتمع المدني والثوار الداعمين للتغيير الجذري (الثوري) ومن يرغب في الالتحاق بهم في جانب آخر، مما يتيح للجمهور مراقبة الأوضاع بشكل جيد دونما إعماء أو (تغبيش)، وحتى يعلم الجميع من هم الذين يخدعون الجماهير بادعاءات زائفة، فيما هم في الخفاء يتقربون زلفى إلى الدعم السريع وقائدها، وبالتالي تفرز (الكيمان) بشكل حقيقي ويُترك الخيار جلياً وواضحاً بالنسبة للمواطن، لأي طرف سينضم ويدعم (دعماً دعماً).

عبد الجليل سليمان

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..