مقالات وآراء

رسول من داغستان

مالك سيد أحمد

عندما وُلدتُ ، دعى والدي إلى بيته وجوه أهل القرية تنفيذاً للتقليد المتبع . جلس وجهاء القرية في وقار ورزانة في أنحاء البيت وكأن عليهم أن يقرروا مصير بلدٍ بكامله . كان كل فردٍ منهم يحمل بين يديه جرّةً ذات بطن من صنع خزّافي بلغاريا ، وفي جرارهم كانت توجد بالطبع ، بوظة مزبدة . واحد منهم فقط ذو لحيةٍ بيضاء كالثلج ويشبه النبي وهو أكبرهم ، كانت يداه طليقتان .
هذا الشيخ هو الذي سلمتني إليه أمي آتيةً من غرفةٍ أخرى  وهي تقول له :
-أنت غنيت في يوم فرحي وكنت تمسك الطنبور تارة والدف تارةً أخرى . كانت أغانيك جميلة ، فأي أغنيةٍ ستغني الآن وأنت تمسك صغيري بين يديك ؟
– يا إمرأة ، الأغنيات ستغنينها ، أنت أمه  وأنتِ تهزّين سريره . بعد ذلك فلتغن له الطيور والأنهار ، ولتغن له أيضاً السيوف والرصاص وأفضل أغنية فلتغنيها له عروسه .
– سمّه إذن ، ولأسمعنه أنا أمه ولتسمع القرية كلها وداغستان كلها الإسم الذي ستدعوه الآن به .
رفعني الشيخ عالياً إلى سقف البيت وقال :
– إسم البنت يجب أن يشبه بريق النجمة أو لطف الزهرة . وإسم الرجل ينبغي أن يتجسد فيه صليل السيوف وحكمة الكتب . لقد عرفت الكثير من الأسماء وأنا أقرأ الكتب وسمعت الكثير من الأسماء في ساحات القتال . كتبي وسيوفي تهمس لي الآن بالإسم ، رسول .
انحنى الشيخ الذي يشبه النبي فوق أذني وهمس قائلاً ، رسول . ثم انحنى فوق أذني الثانية وهتف بصوتٍ عال ، رسول  ثم سلَّمني أنا الذي كنت أبكي إلى أمي وقال متوجهاً إليها وإلى كل الجالسين في القاعة :
– ها هو ذا رسول .
،،،،
وفي مثل هذا اليوم ، الثالث من نوڤمبر من نحوٍ من سبعة عشرة عاماً  ، رحل عن عالمنا الشاعر العظيم  الحاج رسول حمزاتوف واختار الرفيق الأعلى راضياً مرضياً عنه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..