أخبار السودان

في ذكرى أبريل.. إلى أين وصل قطار الثورة؟

الخرطوم – ندى رمضان

على الرغم من مرور ثلاثة أعوام على اندلاع ثورة ديسمبر في السودان، إلا أن حالة من الغبن والسخط السياسي العام تنتاب الشارع السوداني، بسبب ما يوصف بعجز الحكومة الانتقالية عن تحقيق الكثير من المطالب الشعبية، والشعارات التي رفعها السودانيون خلال ثورتهم على النظام السابق بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، وهو القابع في السجن حالياً برفقة رموز حكومته، وقد أدت هذه الحالة إلى استمرار التصعيد الثوري للضغط على الحكومة من أجل تحقيق اهداف الثورة.

ويشير مراقبون إلى أن الثورة السودانية تمر بمراحل صعود وهبوط، بيد أنها حققت نجاحات متعلقة بملف السلام والحريات وبعض الإصلاحات المؤسسية، وأخيراً ملف رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإلغاء الديون الخارجية، مؤكدين أن إسقاط النظام السابق وإنهاء عهده يعد أحد أكبر إنجازات الثورة.

بالمقابل، انتقد المراقبون تأخر الحكومة الانتقالية في تنفيذ بعض الملفات الخاصة بتحقيق العدالة والقصاص للشهداء، وهيكلة الأجهزة الأمنية والشرطية، وإقرار الأمن الداخلي، فضلاً عن سلحفائية محاكمة رموز النظام وعدم تسليم المطلوبين منهم للمحكمة الجنائية الدولية، وبطء استكمال هياكل السلطة لا سيما المجلس التشريعي، ونبهوا إلى الاستعاضة عنه بمجلس الشركاء الذي أحدث تكوينه جدلاً كثيفاً، وأبدت قوى الثورة تحفظاتها عليه وعدته تجاوزاً خطيراً وإعاقة لتحقيق رغبة الشعب في المشاركة السياسية واتخاذ القرار.

ومن جهة أخرى، حذر اقتصاديون من الملف الاقتصادي وعدّوه السبب الأبرز لإحباط الشارع السوداني، بسبب انتهاج سياسات اقتصادية فاقمت من المعاناة، وأدت لكثير من الأزمات، ودفعت الحكومة لرفع يدها عن دعم الأساسيات، وأصبح السودانيون في مواجهة مباشرة مع جشع تجار الأزمات.

تتجاوز نسبة التضخم في السودان الـ (200%)، وتعاني البلاد من نقص مزمن في العملات الأجنبية، مما فاقم أزمات الدواء، الوقود الخبز، وغاز الطعام. فيما تدخل غالبية مدن السودان في حالة إظلام بسبب قطوعات الكهرباء التي تستمر لأكثر من (8) ساعات يومياً على أقل تقدير. هذا الواقع دفع الكثيرين لبث دعوات لمناهضة السياسات الاقتصادية، ورفض السياسة الخارجية والإملاءات.

ويرى كثير من الأجسام الثورية أن الحكومة وحاضنتها السياسية (تحالف قوى الحرية والتغيير) لا تسير في الاتجاه الصحيح الذي طالبت به الثورة، وتم تقديم تنازلات على حساب الشعب الذي ثار في وجه نظام البشير حتى أسقطه، كما أن الشراكة بين المدنيين والعسكريين المحسوبين على نظام البشير؛ لا تعجب الشارع السوداني، لكنه يتعامل معها بصفتها أمراً واقعاً في ظل عدم إعادة هيكلة الأجهزة العسكرية وتعنت العسكريين في هذا الجانب.

يقول المحلل السياسي والأستاذ بالجامعات السودانية، بابكر التوم، لـ (مداميك)، إن المسألة الأساسية في ما طرحته الحكومة الانتقالية في مجالات الاقتصاد، أو السلام، أو قضية القصاص العادل للشهداء، وموقفها من الحريات، وملف السياسات الخارجية، أي السياسة الكلية للحكومة، لأن القضية ليست تنازلات من هنا أو هناك.

وشدد التوم على ضرورة إنجاح الفترة الانتقالية، ووصف السلطة الحالية بالترياق المضاد لتنفيذ مطالب ثورة ديسمبر، ومن هذه الزاوية سيدور صراع في الشارع، وستكون له تأثيرات من داخل الحكومة وخارجها، وبالتالي قد تحدث تراجعات، لكن ما يحدد موقف الجماهير والقوى المعارضة والثورية هو: إلى أي حد يمكن أن يتم اتفاق حول التغيير، وليس مسألة التراجع عن جانب معين من السياسات؟!

وأوضح أنه إذا أحرزت السلطة الحالية نجاحاً في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية أو ملف السلام والحريات، فهذا شيء يحمد ولا يعني التراجع عن المبدأ الأساسي وهو (سلطة مدنية كاملة)، وهو ما تسعى له كافة القوى الثورية منذ التوقيع على الحد الأدنى في 2019م.

مداميك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..