مقالات وآراء سياسية

متى بدات ظاهرة السودان المريض؟

مصعب المشرف

بعد تجربة بيع الفشقة الكارثية بفضيحتها الاخلاقية والمالية والخيانة الوطنية المدوية التي لطخت وجه الفترة الانتقالية الماثلة باوحال العار الابدي. فانه ينبغي الاشارة الى ان حالة “السودان المريض” هذه قد بدات منذ انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩م حيث دخلت البلاد تجربة القضاء على ما كان يسميه عبد الخالق محجوب (عراب اليسار السوداني) بالطبقة الراسمالية الطفيلية . فاجتهد نظام نميري في المصادرات والتاميم. وانشاء القطاع العام والتعاونيات . فانهار الاقتصاد على يد ما يسمى بالبرجوازية الصغيرة الفاسدة في كل الجوانب.
كما دخلت البلاد في موجة انقلابات دموية ومجازر وتصفيات جسدية شاب لها الولدان.
ومنذ عام ١٩٧٥م بدا الانهيار في كل شيء. لاسيما في مجال الاخلاق والخدمات من صحة وتعليم . وساد الغلاء وشهدت البلاد انعدام المواد التموينية والغاز والوقود عامة وانقطاع الكهرباء.
وكان من طرائف (العلم والذكاء العسكري) ان نميري كان يصنف الكهرباء على انها انارة وتشغيل تلفزيونات وسينما وحفلات اعراس وثلاجات ومراوح سقف وتربيزة ومكيفات هواء للرفاهية ..
لم يكن مصطلح ومفهوم “طاقة كهربائية” واضحاً في ذهن (القائد المُلْهَم) نميري . فكان ان اغلقت العديد من المصانع ابوايها واصبحت منطقة بحري الصناعية مأوى للكلاب الضالة والوطاويط والعناكب والغربان.
وكذلك الحال مع (الطاقة المُحرِّكة) الوقود. فقد كان تميري يصنف البنزين على انه وسيلة صياعة وصعلكة . وخطف بالعربات في الشوارع . فكان أن أصبح لسان حال اغاني بنات الامس (حبوبات اليوم) يردد على دين ملوكهن :-
“حبيبي دوّر بينا البلد دا
نحرق الجازولين والوابور جاز
دوّر بَيْ حبيبي
دوّر بَيْ”.
وكان نميري يصنف الغاز والجاز على انه دلع نسوان ويطالبهن بلزوم الحطب والفحم.
وبإنعدام الجاز والجازولين توقفت العديد من المشاريع الزراعية وتعطل حلم البلاد في الميكنة الزراعية.
ومنذ تلك الفترة وحتى يومنا هذا تاب الناس من هذه المسميات والنظريات الاشتراكية اليسارية الجرداء . وتهيأت الاجواء بسبب ذلك للترابي على ظن من الشعب انه سياتي لهم بالخلافة الراشدة …..
وجاء الكيزان بانقلاب ١٩٨٩م . فابتدعوا بالتمكين وفقه الضروة والتحلل نظام “الخلافة الفاسدة”. واتابوا الناس من الاسلام السياسي توبةً نصُوحة.
وعليه فانه إذا أرا\ هذا الشعب التعافي من المرض والنهوض إلى وجع الدنيا والعودة إلى الحياة . فلابد من الجلوس الاهلي جميعا (خارج السيطرة الحكومية) للبحث والتداول والنقاش في نهج واتباع نظام اقتصادي سياسي يتفق عليه الناس وقابل للتطبيق. وبما يجعل من الفساد الموروث من مايو ١٩٦٩م عامة والكيزان خاصة مستحيل الاستنساخ.

للأسف فإن الأمل في تشكيل أجزاب ثورية شابة جديدة يبدو من الصعوبة بمكان . فتشكيل الأحزاب لدينا أصبح يتطلب أموالاً طائلة . ومن الطرافة أن نعي أن الأحزاب القائمة الآن تقوم بتهريب الذهب والدولار وتسعى لبيع الأراضي السودانية في الأطراف والمناطق الحدودية لكل من هب ودب للحصول على الأموال اللازمة لتسيير أنشطتها. وكلما أحبط لهم أشراف الوطن مخطط ومسعى . جائوا لنا بمسعى آخر تحت مسمى “مبادرة” …… مبادرة لبيع أراضي البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..