مقالات سياسية

أزمة رفع الدعم ومقترحات لمعالجة المعضلة الاقتصادية (١-٢)

د. عثمان البدري
مدرس تحليل السياسات العامة و ادارة التنمية
[email protected]

لا زالت حكومة الفترة الانتقالية ملتزمة بروشتة صندوق البؤس الدولى و بحزم و تنفذها حرفيا. و من أهم مطلوبات الدول الرأسمالية الحاكمة لصندوق النقد و بقية المؤسسات الاستعمارية التى انبثقت عن اتفاقية بريتوودذ فى أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية و التى ازدادت شراسة و تحكما بعد انهيار المعسكر الاشتراكى الذى كان يخلق توازنها فى السياسة الدولية. تلك السياسات الاقتصادية التى حلت محل الاحتلال العسكرى للدول  استفدت بالدول المهنية الجناح مثل السودان بالرغم من الموارد الاقتصادية الهائلة التى يحتويها و التى كانت كفيلة أن تجعله عملاقا اقتصاديا و سياسيا و استراتيجيا الا سياسات الحكومات المتتابعة لم تنهض بذلك الواجب. و الوضع الراهن الآن ان صناع السياسات الاقتصادية الكلية فى البلد ينظرون إلى الخارج و ليس إلى الداخل. و هم يعلمون أن سياسات الاستتباع تؤدى إلى مزيد من الاستتباع. 

المشكلة أو المعضلة الاقتصادية  التى تواجه الوطن و المواطن و الحكومة مشكلة حادة و مقلقة و تتبين مظاهرها  و جوهرها فى قضايا محددة يدركها الجميع بلا كثير عناء و هي عجز الحكومة عن الإيفاء بما هو من مطلوب من الحكومة الراشدة… أي حكومة راشدة أو غير راشدة ان تقوم به و  هي تدرك ذلك و وضعت له برنامج وفصله وزير شؤون مجلس الوزراء الاستاذ  المهندس خالد عمر محمد الأمين.. المشهور بخالد سلك والذي أحرز معنا درجات متقدمة في دبلوم التخطيط التنموي .. والمواطن أيضا يعلم حدود ومظاهر المعضلة الاقتصادية وهو أنه لا يمكن أن يخطط تخطيطا سليما فى ظل ظروف تغير القوة الشرائية و القيمة التبادلية لما عنده من دخول أو مدخرات بالعملة الوطني..الجنيه السودانى و فى ظل التضخم المنفلت Hyper Stagflation الذى وصل أربعمائة بالمائة على أساس سنوي بحسب التقارير الرسمية  و فى ظل التآكل المستمر للقيمة التبادلية مقابل العملات الاخرى القابلة للتداول الحر حيث وصل الدولار الامريكى الى سقف الأربعمائة جنيه سوداني مقابل كل دولار أمريكي مع العلم ان قيمة الدولار التبادلية مقابل العملات الرئيسة

الاخرى تعاني تراجعا حادا مستمرا و كذلك تاكلا خطيرا فى القوة الشرائية .فما هي المشاكل المعروفة و الحلول الواضحة و باختصار شديد التى نرى أن التركيز عليها سيؤدي الى نتائج ايجابية ملموسة؟

  1. المشكلة الرئيسية تآكل القوة الشرائية و القيمة التبادلية للجنيه السودانى و مسبباتها الإنفاق الحكومى الإدارى  المنفلت غير المنتج المعتمد على إيرادات  غير حقيقية معتمدة على الاستدانة المفرطة من البنك المركزى عن طريق طباعة نقود تقابلها زيادة فعلية في الناتج المحلي الاجمالى و لا أرصدة خالصة من الذهب و  العملات القابلة للتداول الحر والعجز المتطاول و المستمر فى الميزان التجارى دون اية اسباب وجيهة أو قاهرة بل فى ظل امكانات ضخمة جاهزة و معطلة قادرة لاستخراج كل سلاسل القيم المضافة من كل الصادرات الخام و شبه الخام.

الاكتفاء بالهيكل الادارى و الوظيف و الراتبى الموحد و الا تزيد الاقاليم الستة ولايات او اقاليم او مديريات  و الا تزيد الوزارات الاتحادية عن اربعة عشرة الى خمسة عشرة وزارة و التى كانت عند استقلال البلاد و هو عدد يساوى  عدد الوزارات الاتحادية فى الحكومة الامريكية .كانت اول موازنة لجمهورية السودان المستقلة فى العام ١٩٥٦ بها فائض اربعة عشر مليونا من  الجنيهات  السودانية  تعادل حوالي سبعة و اربعين مليون دولار  و مائة و خمسة و سبعين مليون ريال سعودى و تعادل ثمن مليون و اربعمائة الف اوقية من الذهب الخالص تساوى بسعر اليوم اثنين مليار

دولار. لا بد من كسر حلقة الافتقار المعتمدة و المتمثلة فى صادر الموارد  بايقاف صادرات اية منتجات غير كاملة التجهيز للاستهلاك النهائى مع ضبط عائد الصادرات بفتح الاعتماد مشتركا بين المصدر  و البنك المركزى و لكن لمصلحة المصدر بعد استيفاء كل المطلوبات و بعد ان تدخل الحصيلة كاملة خزينة البنك المركزى و تغذى عجلة الاقتصاد السودانى الذى خرجت منه. 

الاسنثمار فى المشروعات الاستراتيجية مع اية جهة اجنبية خاصة البترول يجب ان يكون شراكة مع الدولة و بشراكة متناقصة و لكم فى اندونيسيا و التى تعد  من أسرع دول العالم نموا اقتصاديا و من اكثرها اكتظاظا بالسكان. أي  استثمارات اجنبية لموارد العباد و البلاد يجب  ان يكون نصيب الدولة و المواطنين واضحا فيها و ان تكون شروطه معلنة للجميع.و ان يتم ايداع راس المال المقترح و المصادق عليه لأي مشروع استثماري  مودعا بالبنك المركزى السودانى  لصالح المشروع بالشروط و الاسعار العادلة للمدخلات و الصادرات.ايقاف كل الاتفاقيات و البرتكولات الضارة باقتصاد البلاد مثل الاتفاقية الصفرية مع دول الكوميسا و التى نصدر لها منتجات عالية القيمة  يتم تجهيزها و تصنيعها من تلك الدول مقابل استيراد منتجات لا قيمة لها و يمكن الاستغناء عنها تماما.و الناتج من تلك الاتفاقية و التى تم الاندفاع نحوها نتيجة لتهافت البعض على فوائد شخصية و لكنها كارثية على الاقتصاد القومى.

اما ما نحن بصدد الان من تنفيذ شروط صندوق النقد الدولى بالرفع الكامل لأي دعم عن الوقود و غيره نرجو أن تكون قد تمت  الدراسات الدقيقة  لذلك من كل الجهات ذات الصلة داخل الحكومة وقد ذكر المؤتمر السودانى و هو شريك فى الحكومة و بوضعية نافذة انه قد تقدم بمقترحات و دراسات مفصلة و خطط واضحة و ذلك قبل رفع الدعم فهل أخذت الحكومة بها و اخضعتها للدراسة مع المقترحات الأخرى ام ان الامر مقرر سلفا كما أشار دولة الوزراء الدكتور عبدالله آدم حمدوك و لكنه سيعلن بعد مسيرات الثالث من يونيو ٢٠٢١  و قد كان. و هي سياسة عامة اتخذتها الحكومة و ليست وزارة بعينها لأن السياسات الاقتصادية الكلية… المالية و النقدية و التجارية و الاستثمارية و الاجتماعية ليست متروكة لوزارة أو حزب. و بشفافية عند الدخول فى اية اتفاقيات جديدة مثل التجارة الدولية او الاتحاد الجمركى العربى و غيرها.

الدول الغربية أنظمتها لا تسمح باعانات او  قروض سهلة و لا توجد فوائض بموازناتها الآن فلا يجب أن نؤمل  فيها كثيرا. والدولة إذا تفوت بوعي فقد كان المرجو هو الحصول على معونات و مدفوعات و تغذية احتياطيات البنك المركزى إذا أردت تعويم العملة أو إدارة السعر المرن والحصول على تلك المطلوبات سلفا. و لكنا فى الحادثة المشهورة فى عام ١٩٧٢ حين كانت امريكا والدول الغربية متلهفة على طرد الخبراء ال وس من مصر بأي ثمن. و لكن قام الرئيس المصري الأسبق أنور السادات بطردهم دون قبض الثمن اولا. و لكن بعد طردهم بدون ثمن طلب من الولايات المتحدة الأمريكية الثمن فكانت الإجابة الصدمة من وزير الخارجية البريطانى و وزير الخارجية الأمريكى الدكتور هنرى كيسينجر انه كان ينبغى أن تقبض الثمن و الا فلن تجد من يدفع لك على عمل نفذته سلفا. فهل اتعظت حكومتنا السنية بذلك.. و معلوم أن بعض الدول الشرقية مثل الصين و  روسيا  وبعض دول الخليج مثل والسعودية والكويت وقطر و الامارات وبعض دول البريكس هي دول ذات فوائض مالية ضخمة يمكن التعاون معا بسهولة و يسر و لكن كل ذلك يحتاج لارادة صادقة و ادارة حازمة واعية و شفافة و تدقيق يغلق كل مصادر الفساد و الافساد.

ما  تقدمه  المنظمات الدولية و غيرها يجب ان يكون من خلال الدولة و يخدم استراتيجيتها و خططها و للمتبرعين حق المراقبة و لكن التنفيذ فى إطار سياسات الدولة و خططها و أولوياتها  والموارد تدخل للدولة كما تفعل الدولة الحازمة مثل جمهورية مصر العربية و اثيوبيا و كينيا و تنزانيا و غيرها.

هل  نامل فى ذلك نرجو و لكن….\

و لقد اسمعت…..

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..