مقالات سياسية

جدلية العلاقة بين الجمهوريين والأنصار!

خط استواء
عبد الله الشيخ

كان محمد أحمد المَهدِي- الذي ماتَ أو قُتل بعد ست شهور من سقوط الخرطوم –  أكثر تقدميةً من الإخوان المُسلِمين الذين تنحصر مواقفهم بين نقد وتأييد آراء الدكتور حسن التُّرَابي بِميزان البُعد أو القُرب من المذاهب الموروثة.. والمعلوم أن مؤلفات التُّرَابي في عناوينها: تجديد أصول الفقه، تجديد الدِّين، في جوهرها المشايع للاسشتراق، تنتكس في بيعتهم للنميري إماماً على هدي المذاهب الأربعة، حيث لا يجد تنظيم الإخوان سبيلاً لفرض مشروعه في النّاس إلا بسلطة انقلابية قاهرة.

 وفي القرن العشرين دعا الأُستاذ محمود محمَّد طه إلى تطوير الدين، مشيراً بوضوح إلى أن الإسلام برسالته الأولى لا يصلح للأنسانية الحاضرة، وقالَ إن حل التناقض القائم بين الواقع التاريخي والنَّص المُقدَّس يكمن في الانتقال من نص إلى آخر داخل القرآن، بتحكيم آيات الأصول بدلاً عن آيات الفروع، أي تطبيق الآيات التي نسخت بعد الهجرة وأرجئت حتـى يحين وقتها، وأن موعدها الآن قد أزف، وعليها يجب أن يقوم التشريع الجديد، أي ( الانتقال من نص خدم غرضه حتـى استنفده إلى نص كان مدخراً يومئذ إلى أن يحين حينه، فالتطوير إذن، ليس قفزاً عبر الفضاء ولا هو بالرأي الفج، وإنما هو انتقال من نص إلى نص.

إن التثْوِير المهدوي – كما ترى –  كان أكثر جرأة علي الواقع من التطوير، إذ كيف لمن يؤيد إيقاف العمل بالمذاهب أن يحارب فكرة استبدال النُّصوص المدنية بالمكية؟ 

كيف ذلك، وبين ايقاف العمل بالمذاهب لدى المهدويين، واستبدال القرآن المدني بالمكي لدى الجمهوريين، لُحمة النشوء من واقع تجربة الرحم الصُّوفِي السُّودَاني الخلَّاق؟ 

تلك اللُحمة تبدو واضحة في المخرجات النظرية لمؤتمر حزب الأمة السادس، وهي مخرجات تؤكد تبدُّل الخطاب الأنصَاري القديم… وسنرى من بعد، أنه وبعد انقلاب الإخوان، كان الأنصَار على مقربة من أطروحات الجمهوريين.. لقد تطور الفكر الديني في السُّودَان من نقد النَّص إلى محاولة تجديد فهمه إلى تطويره، أي من نقد الشَرِيعَة إلى ايقاف العمل بها، إلى النداء بتحكيم المنسوخ وهي آيات الإسماح..

 وفي محك التعامل مع النَّص قدمت التجربة السُّودَانية في كل حقبة فهماً متطوراً.. مثلاً قوله تعإلى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم من الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً  وَاعْلَمُوا أن اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).. هذه الآية فُهمت في عهد الفُونْج بأنها مقاتلة غير المُسلِمين من الأحباش والشلك، وفسرها المَهدِي بأنها تحريض للربوع السُّودَانية ضد الأتراك، أما تأويل هذه الآية عند الأُستاذ محمود محمَّد طه ففي معنى مجاهدة الحواس لتتخلق بأخلاق الله.

 إذن: بأي مسوِّغ يقع اتهام التجربة السودانية بالتقاصر عن تقديم فلسفة نابعة من قضايا الواقع الاجتماعي، وهي التي تميزت  بتطورها في مخاض طويل لتصل بالنّاس إلى حلٍ من القرآن الكريم، يضع حداً لتخلف المُسلِمين أولاً، ويوقف التطرف الذي يحيق بالعالم جراء التعانف العقدي والعرقي والسِياسي؟

المواكب

 

‫3 تعليقات

  1. المهدي لم يقل أبدا أن الصلاة قد رفعت عنه..وكان الخليفة إماما لسكان اهل امدرمان في مسجده..والمذاهب قديما ..كانت أكثر من أربعة ولم تكن ملزمة ..الامام الصادق بن الباقر بن السجاد بن الحسين ..كان أستاذ ابو حنيفة..ومع ذلك خالف ابو حنيفة مذهب أمام ال البيت حفيد الحسين..ومن بعد كان ابو حنيفة أستاذا لمالك…وخالفه مالك بمذهب خاص ..كما خالف تلميذ مالك ..الشافعي أستاذه.. وكذا ابن حنبل…وهذه المذاهب جلها اكتمل قبل كتب البخاري ومسلم و. قد.الف مالك الموطأ…والف ابن حنبل المسند….والمهدي المنتظر من ال البيت ولايزال الشيعة ينتظرونه إلى يومنا هذا…فربما حاول المهدي السوداني العودة الى مذهب أستاذ ابو حنيفة.. الامام الصادق ..باعتباره الأصل.. والمهدية كانت دعوة و جهاد..

  2. (هذه الآية فُهمت في عهد الفُونْج بأنها مقاتلة غير المُسلِمين من الأحباش والشلك، وفسرها المَهدِي بأنها تحريض للربوع السُّودَانية ضد الأتراك، أما تأويل هذه الآية عند الأُستاذ محمود محمَّد طه ففي معنى مجاهدة الحواس لتتخلق بأخلاق الله.).دا.كلام فيه نظر ..الحرب مع الأحباش لم تكن في زمن الفونج فقط..الخليفة عبدالله حارب الأحباش..والآن النزاع حول الفشقة.مستمر..بعيدا عن الدين..قريبا من السياسة. والمهدي كان صوفيا اول أمره وعندما التقى بالخليفة عبدالله ..الذي كان يجوب البلاد بحثا عن المهدي المنتظر ..كان اللقاء في موعد كان محمد أحمد مشغولا فيه ببناء قبة شيخه…والصوفيه اسس لها عجيب المانجلك شيخ العبدلاب زمن الفونج..وعبد الله جماع قاتل اهل علوة واسس للاسلام…

  3. الفكر الجمهورى ,,جوهره يرتكز على التصوف الباطنى و ليس التصوف السنى ..التصوف الباطنى الذى تجلى عند ابن عربى و الحلاج و نظرية وحدة الوجود و الترقى بالعبادة للوصول الى مرحلة الانسان الكامل …اما الفكر المهدوى فانه يرجع الى التصوف السنى و ان قام بالغاء المذاهب الارعة لكنه ارتكز على ( الرؤية المنامية )..فزعم المهدى ان ( المعصوم كان يتجلى له فى المنام )…
    اما على المستوى السياسى المعاصر فمحمود محمدطه لديه كتا ب كامل ضد ( الطائفية السياسية) و الاخوان الجمهوريين ايدوا النميرى فى بداياته لانه حارب الطائفيةالسياسية عموما و الانصار خصوصا …فالكادر الخطابى للجمهوريين دالى بشجرة الدالى الشهيرة بشارع المين بجامعة الخرطوم كان يصب جام غضبه على الاحزاب الرجعية الطائفية فى اركان النقاش…بل الموقف الاخير ضد الدكتور عمر احمد القراى و وقوف الانصار جنبا الى جنب مع ( الاخوان المسلمين و المتصوفة و انصار السنة ودواعش السودان ) هو رد فعل طبيعى لخلافات سياسية عميقة بين حزب الامة و ين الجمهوريين الذين هللوا قديما لضرب النميرى لمعقل الانصار بالجزيرة ابا بالطائرات…رغم شعار الجمهورين ( الحرية لنا و لسوانا )..سبحان الله فى نهايا مايو صار الجمهوريين من اشرس المعادين للنميرى لذلك كان اعدام ( محمود محمد طه ) بدافع سياسى و ليس بدافع دينى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..