مقالات وآراء

(بعاعيت) الذهب..!

هاشم عبد الفتاح

على عينك (يا تاجر) وفي وضح النهار وعبر “البوابة الرسمية”، تتعرّض أغلى وأثمن موارد السودان ومعادنه “النفيسة” للنهب والتهريب والسّرقة.. جرائم ظلّت تتكرّر بشكل مألوف تنقلها “الميديا” المحلية بين حين وآخر.. وتنشغل بها “الأسافير” ومجالس المدينة وتُوثِّقها أجهزة الشرطة وتحتفي بها “الجمارك” وكأنّها اصطادت “فيلاً ضخماً”.. تحتفي بعملية (الضبط) وربما تعتبرها غاية الاحترافية في ممارسة دورها , ومن ثم تستحق (التحفيز)..ولكنها تترك المجرم الحقيقي (حرا طليقا) ..!! عشرات الضبطيات ومُحاولات التهريب لهذه الموارد.. نحصي منها ولا “نحصيها” عددا .. ولكننا في غمرة “الانتشاء والفرح” الإعلامي وتصريحات المسوؤلين أمام كاميرات التصوير، أغفلنا تماماً أولئك الذين ارتكبوا هذه الجريمة، كُنّا نظن أنّ القانون سيأخذ بيدهم إلى (دائرة) الضوء.. ولكنهم ما زالوا داخل (الدائرة المُظلمة).. كان من الأجدى أن توثق صور هؤلاء “اللصوص” الذين تخصّصوا وباحترافية عالية في إخفاء جرائمهم بعد أن استعاروا كل “الحِيل” والأساليب (الماكرة) حتى يعبروا بأمن وسلام “بوابة مطار الخرطوم” ومن صالة المُغادرة إلى سلم الطائرة مُباشرة.. تكرار مثل هذه المُحاولات يُؤكِّد حقيقة أن هؤلاء “المُهرِّبين” لم يقدموا على هذه المُغامرة إن لم تكن هُناك “جهة عليا” تظلّهم “بظلها” من فوقهم ومن تحت أقدامهم حتى تُمكِّنهم من “العبور الآمن”، ربما هذا هو الإحساس العام والتفسير الرّاجح لظاهرة “تهريب” الذهب بهذا المُسلسل المُتكرِّر.. لا أحدٌ حتى الآن يعلم مَن هُم هؤلاء اللصوص؟ ولماذا لا تتكشّف أسماؤهم و(هويتهم)؟ وأي أحكام قضائية اُتّخذت ضدهم.. الإجابة بالتأكيد على هذه التساؤلات المشروعة آثارها ومفعولها أسوأ من الجريمة التي ارتكبوها خُصُوصاً إذا علمنا أن مُعظم الذين نهبوا “ذهب السودان” هُم طُلقاء.. كلّما “تتلبّسهم” جريمة أو يقعون في شِرَاك “الشرطة” يخرجون منها “كالشعرة من العجين”.. يُخطِّطون لجرائمهم القادمة من داخل “القضبان”.. لا يهابون القانون ولا (سُجُونه)، ولكنهم ربما يُطوِّعونه بما يتوافق مع أساليبهم الإجرامية.. فكل أو مُعظم الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم وأهدروا موارد الدولة و(استباحوها) في وضح النهار رغم أنف القانون.. هُم الآن في (مخيلة) العامة مثل “البعاعيت” أو في دائرة المجهول، لا نعلم أسماءهم ولا أشكالهم ولا حتى وظائفهم.. ولكننا للأسف الشديد نفلح كثيراً في عرض “أساليبهم” واحترافيتهم في صنع الجريمة، ونفشل في إزاحة الستار أو نعطي اسماً أو وصفاً لكل من أصبح “مُجرماً في حياتنا”.
هاشم عبدالفتاح

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..