حوارات

اختصاصي طب أسنان شرعي : تبديل أرقام الجثامين جريمة كبرى لها ما وراءها

الفساد مسيطر في عمل الطب الشرعي

لم تتصل بنا أي جهة وطالعنا فقط عبر الأسافير بيان النيابة

النشطاء لا يميّزون بين العمل المهني والسياسي ومن لديه أي دليل على اجتماع بيني وبين المجلس العسكري عليه تقديمه

تكدس الجثامين مسؤولية مشتركة بين هيئة الطب العدلي والنيابة ويجب التحقيق فيه

الدولة تفتقر للقوانين المنظمة للطب الشرعي ما يجعله فاقداً للاستقلالية

لن تضيع قضية المفقودين طالما هناك شارع مستيقظ لحفظ مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة

قال خبير الاستعراف واختصاصي طب الأسنان الشرعي، خالد محمد خالد، إن الأطباء الشرعيين المستقيلين من العمل في لجان التشريح، لم تتصل بهم أي جهة للاستفسار حول ما جاء في المذكرة، مشيراً إلى أنهم فقط طالعوا عبر الأسافير بياناً للنيابة العامة.
وأكد “خالد” أن الفساد أصبح مسيطراً على كل نواحي عمل الطب الشرعي، وأن الأطباء يتعرضون للضغوط، لذلك يرى أن الانسحاب قد يكون مفيداً؛ لأن فيه تنبيهاً لأصحاب الضمير الحي، وللمجتمع بما يحدث داخل المشارح.

وأوضح أن تكدس الجثامين مسؤولية مشتركة بين هيئة الطب العدلي والنيابة، ويجب أن يتم التحقيق فيه.

ويشار إلى أن خبير الاستعراف “خالد”، وأطباء من كبار الاستشاريين في الطب الشرعي، قاموا بتقديم استقالات عن العمل في لجان التشريح للجثامين المكدسة في مشارح ولاية الخرطوم. وأوضح الأطباء الشرعيون أن هناك تلاعباً في أرقام الجثامين، كما اشتكوا من التدخل السياسي.

ويذكر أيضاً أن النيابة العامة كانت قد أصدرت بياناً، أمس (الأحد)، أوضحت فيه موقفها، وأشارت إلى أن حديث الأطباء الشرعيين المستقيلين، كان مرسلاً يعوزه السند وتنقصه الأدلة.
وعن بيان النيابة، قال “خالد” إن النيابة ذكرت أنها راعت كافة الضوابط والمعايير الوطنية والدولية والبروتوكولات ذات الصلة في دفن ٢٣ جثماناً، معتبراً أن هذا الجزء من البيان يكفيني للتأكيد على عدم مصداقيته، مبيناً أنه أخبر وكيل النيابة المكلف بالدفن صراحة، بأنه لم يكمل عمل الاستعراف بعد، هذا غير أن في معظم هذه الجثامين قد كان رأي الطب الشرعي فيها الوصية بعدم الدفن.

أجرى المقابلة – محمد الأقرع

*مؤخراً، أعلنتم الاعتذار عن العمل في لجان التشريح، لعدة أسباب من بينها تلاعب في تبديل أرقام جثث والتدخل السياسي، نريد توضيحات أكثر؟

أعتقد أن الأمر واضح، كما الشمس، بُني في أساسه على الوقائع المثبتة، فتبديل أرقام الجثامين جريمة كبرى لها ما وراءها، حيث إن إثبات وقوعها تأكيد ضمني لتسريب بعض جثامين المفقودين ودفنها خارج إطار القانون. أما عملية التدخل السياسي في الطب الشرعي، فهذا أمر لا يفوت على فَطِن، فالدولة التي تفتقر للقوانين المنظمة للطب الشرعي ما يجعله فاقداً لاستقلاليته، تتقاذفه الرياح بين مطرقة الصحة وسندان النيابة، وهو على رحى الولاية التي تمتلك حق حل الهيئة متى ما ارتأت ذلك.

*هل اتصلت بكم الجهات التي قدمتم لها مذكرة الاعتذار، وهل تعتقد أن السلطة الانتقالية في شقها السيادي ورأسها التنفيذي، تساهم في طمس الحقائق المتعلقة بقضية المفقودين؟

حتى الآن لم تتصل بنا أي جهة، طالعنا فقط عبر الأسافير بيان النيابة، ولا أزال على المستوى الشخصي متمسكاً برأيي، بأن السلطة السيادية ممثلة في الأستاذ محمد الفكي سليمان، مسؤول ملف المفقودين، والسلطة التنفيذية بولاية الخرطوم، بالإضافة للنيابة العامة، مسؤولة مسؤولية تامة عن كل الضرر البالغ الذي تسبب في ضياع حقوق مجهولي الهوية، وخذلان الدولة تجاه ذويهم.

*شُكلت لجنة قبل فترة للتحقيق حول أقوالك عن التزوير المرتبط بقضية “ود عكر”، ماذا حدث فيها ولماذا لم تصدر أي نتائج حتى الآن؟

لم أمثل أمام لجنة التحقيق في قضية الشهيد (ود عكر)، والحديث عن هذا الأمر الآن سابق لأوانه.

*هناك من يقول إن الاستقالة تفتح الباب واسعاً للآخرين لطمس الحقائق، وكان الأفضل الوجود والمراقبة.. ما تعليقك؟

عندما يكون الفساد مسيطراً على الأمر من كل النواحي، يصبح عمل الطب الشرعي مستحيلاً، خاصة إذا كان الأطباء يتعرضون للضغوط، لذلك فإن الانسحاب قد يكون أكثر فائدة؛ لأن فيه تنبيهاً لأصحاب الضمير الحي وللمجتمع بما يحدث داخل هذه المشارح.

*هيئة الطب العدلي أعلنت عن إجراءات قانونية لمحاسبتكم.. كيف تقيّم الخطوة؟
لا يستطيعون.

*هناك حديث بدأ يطلقه بعض الناشطين، بأنكم كنتم مسؤولين إبان فترة فض الاعتصام وتم استدعاؤكم من قبل المجلس العسكري، لإخفاء معالم الجريمة.. كذلك يتحدثون بأنكم كنتم تعملون طيلة فترات النظام السابق، ما حقيقة مثل هذه الاتهامات، وما وقعها عليكم؟
كيف يكون الحديث عن أننا نخفي الجرائم، وقمنا باكتشاف جثمان الشهيد “ود عكر”، النشطاء لا يميزون بين العمل المهني والسياسي، ومن لديه أي دليل على اجتماع بيني وبين المجلس العسكري واجب عليه تقديمه ونشره في الوسائط، وإلا فليتحمل مسؤولية ما كتب أو قال. وعموماً التحقيقات التي قامت بها لجنة المفقودين وتوصلها إلى المقبرة الجماعية المرجح أنها لشهداء مجزرة فض الاعتصام، والاعترافات التي قدمها أطباء شرعيون تورطوا في هذا الأمر، تعكس من هم الذين قاموا بهذا الجرم وتورطوا فيه.

دعنا من تبادل الاتهامات من غير سند أو دليل، واستهداف الأشخاص، ولنجعل تركيزنا فيمن طمسوا الدلائل للاستعراف على مجهولي الهوية داخل هذه المشارح.

*التنافس بين الأطباء الشرعيين فاقم مشكلة تكدس الجثث بالمشارح، ما مدى صحة هذا التوصيف؟

تعبير التنافس بين الأطباء غير موفق، تكدس الجثامين مسؤولية مشتركة بين هيئة الطب العدلي والنيابة، ويجب أن يتم التحقيق فيه بواسطة لجنة مستقلة، نزيهة لتحديد من المسؤول عن هذا الأمر.

*ما تقييمك لدور النيابة العامة في كل ما يحدث؟

أنا لا أقيّم دور النيابة، دور النيابة تقيمه الأجهزة السيادية والمجتمع. لكني أستطيع تقييم أفعالها وأثرها على عملنا في الاستعراف على مجهولي الهوية.

*لكن البيان صدر الاثنين، أوضحت فيه موقفها، وأشارت إلى أن حديثكم كان مرسلاً ويعوزه السند وتنقصه الأدلة؟

ذكر بيان النيابة أنهم راعوا كافة الضوابط والمعايير الوطنية والدولية والبروتوكولات ذات الصلة في دفن ٢٣ جثماناً. هذا الجزء من البيان يكفيني للتأكيد على عدم مصداقيته؛ لأنني أخبرت وكيل النيابة المكلف بالدفن صراحة، أنني لم أكمل عمل الاستعراف بعد، هذا غير أن في معظم هذه الجثامين قد أوصى الطب الشرعي بعدم الدفن. إذن كيف راعت النيابة جميع البروتوكولات والمعايير قبل الدفن.

*برأيك، إلى أين ستمضي قضية المفقودين وتكدس المشارح؟

لن تضيع قضية المفقودين ومجهولي الهوية، طالما أن هناك لجان مقاومة واعية، وشارعاً يقظاً لحفظ مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة.
الحداثة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..