الأطباء يتحدون الحرب لتقديم الخدمات

التحية والإعزاز لكم في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها وطننا، وفي المناخات القاسية والتحديات والمعارك اليومية التي تصارعون فيها لإنقاذ حياة المواطنين في ظل انهيار شبه كامل للنظام الصحي.

لكم كنا نود أن تأتي تحيتنا لكم مصحوبة بتهاني العيد في أجواء من الفرح والتفاؤل؛ غير أن مشعلي الحرب العبثية نزعوا الفرحة، لتحل معها الأحزان التي تعم جميع أرجاء الوطن، ولتعلو فيها أصوات القنابل والمدافع والرصاص، في استرخاصٍ واضحٍ للدم السوداني وحقِ الحياة.

تحية لكم وانتم تجابهون الخيبات المتكررة كل يوم، في ظل شح المعينات والأوكسجين، وعدم مقدرة الكوادر الطبية على الحركة بأمان، وتوقف الأعداد الكبيرة من المستشفيات عن العمل، وقصف سيارات الإسعاف.

تحية لكم وأنتم تمرون في ظل هذه الظروف الاستثنائية بمفارقات من المشاعر المتأرجحة بين التوتر والضحك والبكاء؛ والمهام المتنوعة بين التطبيب، وحصر الحالات، والتوثيق لها بمصداقية عالية.

رغم ذلك، ظللتم أوفياء لوطنكم ولقسمكم ولأخلاقيات مهنتكم، تسود بينكم روح معنوية عالية؛ تفرحون لأي انتصارٍ مهما بدا صغيراً، وتغمركم السعادة عند النجاح في إنقاذ الأرواح في ظروف بالغة التعقيد، أو عند عودة البسمة إلى شفاه طفل تماثل للشفاء، أو سيدة تستقبل وليدها.

هكذا غمركم فيض من المشاعر الإنسانية السامية، وانتم تتمتعون بجمال الرضاء الداخلي وراحة الضمير..

إنها ملحمة من المهنية الرفيعة والوفاء ونكران الذات، تجعلنا نفخر بزملاء المهنة الذين قدموا نماذج مثالية من التجرد والإخلاص، دون امتنان أو افتخار، وهنا نذكر باعتزاز الزميلات والزملاء ضحايا هذه الحرب العبثية، الذين قدموا أرواحهم رخيصة أثناء اضطلاعهم بواجبهم الإنساني.. لهم الرحمة والمجد والخلود.

إن من أغلى دروس محنة هذه الحرب اللعينة، وما تلاها من معاناة وآثار كارثية، الدرجة العالية من التلاحم الذي ساد بين الأطباء والكوادر الطبية وبين حرّاس الثورة والوطن من الشفاتة والكنداكــات، والثقة الكبيرة التي تولدت بينهم في حتمية الانتصار النهائي لشعبنا.

الظالمون حتماً سيذهبون..

وسننتصر ..ولو بعـد حين