
إلى صناع المحتوي في السودان المكلوم…
“يا صُنّاع الفُرقة في زمن الفناء: أخجلوا”
أنا لست من الشمال، ولا الجنوب، بل من وطنٍ أكبر من الاتجاهات…
أنا لست من الخرطوم، ولا من جوبا، بل من ترابٍ اسمه “كرامة الإنسان” وعرق الأحرار.
أنا لام دينق نوت شول، لاجئٌ في المنفى، وناصحٌ في المنصة، وصوتٌ يناديكم من وراء الحريق.
أيها الصاخبون في الخراب…
أيها الراقصون على رماد المدن، المتعاركون بالكلمات الرخيصة والاتهامات الساذجة…
هل أنتم بشرٌ أم خناجر ناطقة؟!
هل أنتم أبناء وطن أم أدوات فرقة وأبواق عداوة؟!
بالله عليكم، بأي عقلٍ تتشاتمون والسودان يحتضر؟!
بالله عليكم، كيف تخوّنون بعضكم وتُشهّرون بأنفسكم، والعدو واحد، والرصاص لا يفرق بينكم؟!
ألم تسمعوا صراخ المسنّات في أم درمان؟
ألم تروا جثث الأطفال تحت أنقاض الفاشر؟
أين كانت شجاعتكم حين داست المليشيا كرامتكم، ورفعت أعلامها على صدور المدن؟!
أم أنكم لا تملكون سلاحًا إلا إذا كان السلاح “بوستًا” أو “تويتة” ضد أخيكم؟!
أيها الصارخون من خلف الشاشات، إن الوطن لا يُبنى بلسان مشقوق بالفتنة، ولا بمنشورات تفوح منها رائحة الغِل.
لقد رأينا ثورات تنهض بكلمة، وبلادًا تُرمم بجملة، فكيف بكم تجعلون الكلمة مطيّة للهدم؟
كيف جعلتم المنصات قبورًا للتماسك الوطني، تُدفن فيها الأخلاق والنية الطيبة والتاريخ المشترك؟!
يا هؤلاء…
لم يعد في جسد السودان متّسعٌ لطعنة جديدة.
كفى، فقد أثخنتم الجراح، وساهمتم بجهل أو غباء في شق الصف وكسر الجدار الأخير.
أنا لست منكم، لكني أحبكم أكثر مما تحبون أنفسكم.
أنا من جنوبٍ صار دولة، لكنه ما نسي يومًا طعنات الغدر، ولا غصّات الصمت.
أعرف جيدًا كيف تنهار الأوطان، لا بالمدافع، بل حين يفرح الإخوة في سقوط بعضهم.
وحين يصبح صوت الفضيحة أعلى من صوت الواجب.
وحين يتوهّم كل تافه أنه بطل، لأنه شتم من يخالفه!
أعيدو للغة وقارها، وللنقاش أدبه، وللوطن هيبته.
فمن عجز عن الصمت النبيل، لا يستحق الحديث.
ومن خان رفاقه في زمن الحرب، فلن يكون معهم في زمن السِلم.
نحن نحتاج اليوم إلى رجال يضعون ضمير الأمة فوق مزاجهم، وشرف القضية فوق مشاهداتهم.
فإما أن تكونوا جسرًا نمر عليه إلى بر الأمان،
أو تكونوا ثقوبًا في جدار الوطن، يتسلل منها الخراب حتى النهاية.
ووالله، إن خيانة الكلمة، أشدُّ من خيانة السلاح.
فاستفيقوا…
فما أبشع أن يسجل التاريخ أن بعض أبناء السودان،
خانوه في الميديا… لا بالبندقية.
لام دينق نوت شول
جنوبٌ يُبكيه الشمال،
دوصوتٌ لا يسكت حين يصمت الشرفاء.
صمت الشرفاء وغابت اقلام الحق وعلا صوت الجهل والعنصرية وأبواق الحرب والسفلة الذين لا يملكون وازع ديني أو أخلاقي…
نكبة السودان ببنيه كبيرة