السودان ينتفض

نقلا عن جريدة الشروق المصرية، وهو مقال لكاتب مصري يمجد الثورة السودانية، ويبدو أن بعض المثقفين المصريين قد بدأوا يتفهمون ما يجري في السودان… تذكرت هجوم الصحفي هيكل على ثورة 21 أكتوبر 1964 وهو ربيب النظام العسكري المصري، آنذاك، ومستشار عبد الناصر.

سيعود مارس وسيعود أكتوبر، هذه قناعة حقيقية لدى أولئك الشباب المنتفض الغاضب حاليا ضد نظام البشير فى السودان يواجه قنابل الغاز وقطع الإنترنت والرصاص الحى. يقترب سبتمبر 2013 على النهاية، وخلفه 24 عاما وبضعة أشهر من حكم «عسكرى أصولى مشترك»، وعبر هذه السنوات طالما راود أولئك المنتمين لجيلى مارس وأكتوبر فى السودان الحنين للخلاص.

يخرج بضع طلاب بين وقت وآخر يهتفون «عائد عائد يا أكتوبر» يتذكرون تلك الأيام المجيدات التى انتفض فيها السودانيون وثاروا على الفريق إبراهيم عبود، وخلعوا أول حاكم عسكرى فى تاريخهم عام 1964. يغنون من جديد: «مارس حارس ليس يخون» يتذكرون شرارة ثورة شعبية سلمية حقيقية اندلعت فى آواخر مارس 1985، ولم تمض بضعة أيام من أبريل حتى غادر جعفر نميرى قصره وسلطانه هاربا إلى القاهرة، وكان أول حاكم أراد أن يجمع الاستبدادين «عسكرى ودينى».

لكن البشير نجح فيما فشل فيه نميرى، جمع الاستبدادين واستقر لأربعة وعشرين عاما، انقلب عام 1989على ديمقراطية نيابية انقلابا واضحا ساطعا لا لبس فيه ولا ديكور، وأيد انقلابه فى مصر نظام مبارك والإخوان على السواء.

تاريخ السودان الحديث بعد الاستقلال يمكن أن تلخصه فى ٦ محطات أساسية: ٣ ديمقراطيات تصدر فيها الحكم النيابى، و٣ انقلابات عسكرية جاءت بأنظمة شمولية استبدادية اثنان منهما بغطاء إسلامى، وما بين الثلاثة استبدادات انتفاضتان كبيرتان، يسميها السودانيون انتفاضتين تواضعا.

احترف السودانيون الثورة، يملكون براءة اختراع الانتفاضات الشعبية فى المنطقة، ليس مدهشا أن يتحركوا اليوم، فى احتجاجات واسعة على رفع الدعم عن الوقود، ليس معنى أنهم صمتوا أنهم ودعوا أستاذيتهم فى هذا المجال، المدهش أن مدة الصبر استمرت 24 عاما، بعضها بفعل القهر والتعذيب والمصادرة وبيوت الأشباح، وبعضها بفعل التخدير الدينى وتوجيه الطاقات باتجاه جهاد وهمى فى الجنوب، يغذى عقول شباب بمحاربة الوثنيين والصليبيين، وفى النهاية خرج عليهم البشير الأحد الماضى ليعلن رفع أسعار الوقود 75%، ثم يبرر ما سيقع على الفقراء من عبء، يذكرهم أن «فى السماء رزقكم وما توعدون»، وكأن مشيئة الله وحدها أرادت رفع الدعم دون أى إشارة إلى فشل سياسات الحاكم الذى يتاجر بدين الله.

اليوم يتحرك السودانيون لإسقاط نظام، فشل فى الحفاظ على وحدة البلاد التى تسلمها موحدة حين هجم هجمته على السلطة، وفشل فى تأمين الحدود الدنيا للحياة، هم يعرفون تماما أن هذه مسألة لا علاقة لها بالرزق، ولن يحلها الدعاء، لكنها تتعلق بفشل واضع السياسات ومدبر القرارات.

يقول الشارع السودانى اليوم كلمته، محاولا استرداد ما يمكن استرداده من تجربة فاشلة تحت أى معيار تقييم، يجلس جيلا أكتوبر ومارس يشاهدون شبابا ناهضا أغلبه وُلد فى عهد البشير يتصدر الصفوف، فيغالبهم الحنين لأيام مضت، تتجدد فى قلوبهم الذكريات النبيلة، حين تركوا جامعاتهم وانتفضوا، يتحسبون للحظة التى سيلحق فيها البشير بذات الفصل الذى يقبع فيه عبود ونميرى فى كتاب التاريخ، فيما يأتى من تلك الأيام المجيدة ممتزجا مع اللحظة هتاف سودانى أصيل: «شعب صمم فردا فرد.. هب وهدم حكم الفرد»

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. جاءت لحظة الميلاد ، ميلاد جديد لفجر جديد ، لا بد من صنعاء وإن طال السفر ، الشعب السوداني مفجر الثورات ( يريد إسقاط هذا النظام الفاسد ) الخرطوم عاصمة اللإءات الثلاثة سوف تعود لموقعها بين الدول ، بدأت الثورة السودانية من وسط السودان وعمت كل محافظات السودان ولن تقف الثورة حتى زوال هذا النظام الفاشي المستبد ، نظام البشير الذي قسم ومزق الشعب السوداني ، نظام في ظاهره ديني وفي باطنه دكتاتوري ، نظام ظالم وفاسد لا بد من إقتلاعه من جزوره . سوف تعود للشعب السوداني كرامته وتعود للمراة السودانية عزتها وكرامتها ، وسوف يقدم كل قادة هذا النظام العسكري وكل من دعمهم إلى محاكمات شعبية وتوجه لهم التهم والجرائم التي إرتكبوها في حق هذا الشعب ن ومن ثم تسليم كل المطلوبين إلى المحكمة الجنائية بقيادة الراقص عمر البشير ، واللمبي عبد الرحيم محمد حسين ، ورئيس جهاز الأمن والمخابرات محمد عطا المنان .
    ونحن نقول مليون شهيد فداء الثورة والحرية والكرامة مليون شهيد فداء الوطن وتخليصه من هذه العصابة ، وأيضا نطالب بمحاكمة اللصوص ( ربيع عبد العاطي ونافع على نافع ) لما إرتكبوه من إساءات وتجريح وإستفزاز في حق الشعب السوداني .
    وندعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية من مختلف أطياف الشعب السوداني لإدارة أمور الدولة بعد خلع هذا النظام المستبد ، والدعوة إلى إنتخابات رئاسية حره ونزيهه .
    يسقط يسقط حكم العسكر .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..