أخبار السودان

أخبار أسرة قرنق الصغيرة ..وفيما تخطط..؟

لوقت طويل، كان عندما يجئ الحديث عن أولاد قرنق، يُفهم على الفور أن المقصود هم أولاده في الحركة الذين ليسوا من صلبه بالطبع، أمثال باقان أموم ودينق ألور وياسر عرمان الذي قالت ربيكا يوماً أنه ابنها الصغير. وآخرون من ذات الوزن، دفعتهم تطورات الأوضاع في الحركة التي أحكم سلفا كير قبضته عليها، لأن يغيروا نسبهم – مع التغيير في القيادة- على نحوٍ إضطراري فيما يبدو بعد أن كان أي شخص في الحركة حتى وقتٍ قريب، «إذا لم يكن ود قرنق، فهو ود حرام» على ذمة القيادي بالحركة الشعبية وليد حامد.
…..
لكن، ولى زمان، وجاء زمان آخر، أصبح فيه الحديث عن أولاد قرنق يعني بالضرورة الحديث عن أسرته الصغيرة المكونة من ولدين وأربع بنات إضافة إلى أمهم ربيكا التي تؤدي بإمتياز دور الأم والأب معاً منذ رحيل قرنق الفاجع قبل خمس سنوات في مثل هذا اليوم تحديداً.
وفي هذي السنوات الخمس، كبُر الأبناء.. أبناء قرنق الحقيقيين، فيما صغُر بعض أبنائه القدامى فلم يجدوا غير بيت الزعيم مزاراً يلوذن إليه بذكريات الثورة، والسودان الجديد.
وعلى الطريقة الكلاسيكية في كتابة الخطابات على عهد ما قبل ثورة الإتصالات. فإذا دار محور السؤال عن أبناء قرنق فهم بخير وصحة جيدة لا ينقصهم سوى غياب والدهم المناضل عنهم.
وبتفصيل أكثر، فإن مجالس المدينة تتناقل بين الحين والآخر أنباءً عن أوضاع مالية ميسورة لأبناء الراحل، منها إدارتهم لمجموعة من الفنادق الفخيمة وأنشطة تجارية أخرى واسعة كان أكثرها إثارة للجدل فيما يبدو، مصنع بيرة قيل إن مابيور ابن الدكتور جون قرنق يمتلكه في الجنوب وهي رواية غير مؤكدة. لكن المؤكد أن معاش الراحل يصله من الحكومة المركزية فيما تقوم حكومة الجنوب بواجبها بالكامل تجاه الأسرة.
حاولت الإتصال كثيراً لـ مابيور على هاتفه السوداني، ولكن دون أن أتمكن من الحديث معه حول أحوال أسرته الخاصة بعد خمسة أعوام على الرحيل. فمابيور ذو الـ(33) عاماً، يتولى حسبما علمت من مقربين منه مع والدته ربيكا، العبء الأكبر في تصريف شؤون الأسرة ورعاية أوضاع إخوته الذين يصغرونه سناً، وثروة ربما.
أوضاع أبناء قرنق في غيابه حسبما أوضحت ربيكا نيا ندينغ في حوار مع الزميلة الأخبار حسبما يلي: (الابن البكر مابيور قرنق دي مابيور يعمل ضابطاً في الجيش الشعبي، أما الإبن الثاني شول قرنق، فقد عُيّن مؤخراً في وزارة الشؤون الإقليمية في حكومة الجنوب وسيعمل في مكتب نيجيريا.)
وكما هو معلوم، فإن للراحل أربع بنات كنّ شديدات التعلق بوالدهن، قبل أن يمضي إلى مثواه الآخير ليتركهن في المرحلة الثانوية وما قبلها.
من بنات قرنق، يذكر البعض أكول، تلك التي ألقت الخطاب في تشييع والدها بثبات فوق المعدل لبنت في تلك السن الغضة، فهي الآن تدرس في إحدى جامعات جنوب أفريقيا بكلية مختصة في العلوم السياسية.
جان كوير.. هي كذلك إحدى بنات الدكتور جون قرنق وتدرس في كلية الهندسة بجامعة أدنبرة. وهي – حسب والدتها ربيكا في ذات الحوار- تحب الفنون وتتخصص في تصميم الأزياء. أما الصغيرة أتونق قرنق فما زالت تدرس في المرحلة الثانوية العليا بنيروبي.
ورغم حالة الشتات التي تتبادر للذهن للوهلة الأولى عن أسرة الراحل، وتفرق أبنائه بسبب العمل والدراسة في بريطانيا وكينيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا إلاْ أن الأسرة تعيش حسب ما رواه أحد أصدقائها الذين تحدثت إليهم، حالة من الإستقرار الأسري مرده لإضطلاع ربيكا بمهام المنزل والأبناء حتى على أيام الراحل بسبب مشغولياته الكثيرة.
وعلى ذكر المنزل، فإن أسرة قرنق الصغيرة تمتلك منزلاً فخيماً في حي «بلك» بجوبا، والمنزل بادي الوسامة والجمال، يربض على مقربة من إذاعة جنوب السودان وقد ظل قبلة لبعض من كانوا يعرفون في السابق بأبناء قرنق في الحركة، ولزوار كبار من خارجها، فيما آثر بعض من كانوا لصيقين بقرنق في حياته، أن يديروا ظهورهم لأسرته بعد رحيله ويسلكون ـ لأسباب مجهولة ـ دروباً أخرى غير تلك المفضية إلى منزل الزعيم.
وفي سياق ذي صلة، كان علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية قد عرض على أسرة قرنق – حسب ما قالته ربيكا- السكن في الخرطوم، ولكنها آثرت أن تُقيم في جوبا بذات المنزل الذي كان يتبع لحكومة الجنوب قبل أن تمنحه لأسرة قرنق من باب رد الجميل لرجل وصل الكثيرون على أكتافه إلى بيوت أكثر فخامة.
في زيارتنا الصحفية المتكررة لجوبا، كثيراً ما كنت أسأل عن أحوال أسرة قرنق الصغيرة، لكن ما فاجأني مرة، أن بعض القيادات الذين ينشطون في إضاءة الشموع في كل عام إحتفالاً بذكراه في الخرطوم، هم في الواقع لا يعرفون عن أحوال أسرته شيئاً، وإنما يعرفون جيداً آنه بمثل هذه المزايدة السياسية المهضومة في الوفاء للزعيم يتناسون عدم نجاحهم في إنزال أُطروحات قرنق ورؤاه على أرض الواقع.
وبسبب غياب رؤية قرنق حزنت ربيكا في ذكرى رحيله السابقة عندما قالت أمام حشود كبيرة أن رؤية قرنق لا تطبق.. قالت ذلك وهي تذرف شيئاً من الدمع أمسكته عندما إفتقدت قرنق، ولكن دمعها إنهمر فيما بعد على نحو مباغت، فقد كان فوق طاقتها على الإمساك به بعد إفتقاد رؤية قرنق هي الأخرى.
كانت تلك الدموع لربيكا دليل إعتراف نادر على فشل الحركة أشعر الكثيرون من قياداتها بحرج بالغ. ثم أعقبته بإعتراف مماثل في الحوار الذي أجراه معها الزميل شوقي عبد العظيم بالزميلة الأخبار، بأنها تراجعت كثيراً في الفترة الماضية. وعزت ذلك التراجع لتأثير رحيل قرنق غير السهل عليها وإنشغالها بالأولاد والعائلة، إلا أنها إستدركت قائلة: «لم أبتعد تماماً، فعندما تحدث مشكلة في الحركة أتدخل وأنصح وأشارك في حلها، وفي أحايين كثيرة أتصل بالرئيس سلفا شخصياً وأتشاور معه في أمور الحركة».
اللافت أن الحديث عن تراجع الدور السياسي لأسرة قرنق يجيئ مقارنة لما كان متوقعاً منها في هذا الصدد. فأبناء قرنق يبدون على درجة من الزهد في السير على ذات نهج والدهم الذي كان مستغرقاً بالكامل في العمل السياسي، كما أن الأسرة لا تفرض عليهم نهجاً سياسياً محدداً، فقد تنوعت إهتماماتهم بين الدراسة والبزنس وتصميم الأزياء وإهتمامات أخري تجئ السياسة في مؤخرتها ربما. فعندما سُئِل مابيور ابن قرنق الذي درس بالولايات المتحدة في صحيفة أخبار اليوم على أيام رحيل والده عن إهتمامه بالسياسة، قال: إنه ليس سياسياً ولم يمارس السياسة.
ورغم أن ربيكا ما زالت «كوماندور» في الجيش الشعبي، وعضواً في المكتب السياسي للحركة، ومستشاراً لرئيس حكومة الجنوب. إلا أن الناظر لقلة حراكها السياسي، يلحظ تراجعها إلى الصفوف الخلفية، ويمكنه الزعم بخروجها من دائرة الفعل السياسي.
وفي السياق ذاته، وعدت ربيكا بالعودة ومواصلة المسيرة في العام 2012م. وفي سؤال ذكي من شوقي عن لماذا العام 2012م؟ قالت: «إن السياسة تحتاج أساساً قوياً في المستقبل، وحتى يدخل أبناء الدكتور في السياسة بطريقة صحيحة لازم يتعلموا كويس، ويدرسوا في جامعات مميزة، والأهم من ذلك يتوافر لهم مال وثروة، فالسياسي يحتاج أن يكون له ماله الخاص حتى لا يتعدى على أموال الناس.. وفي سنة 2012م، أعتقد أننا يمكن أن نكون حققنا كثيراً من هذه الأشياء حسب تخطيطنا».
ومهما يكن من أمر، فإن أسرة قرنق الصغيرة، ولحين الفراغ من تخطيطها، ومن ثم الولوج إلى العمل السياسي بتلك الطريقة ـ التي، إن عُممت سيلجأ الناس إلى الاستعانة بسياسيين من الخارج. تبدو بعيدةً عن ميدان الفعل السياسي في البلاد رغم حضورها الماضوي فيه ..

فتح الرحمن شبارقة
الرأي العام

تعليق واحد

  1. هل تعلمون أن أمير المؤمنين عمر البشير ..

    لم يقابل أو يهاتف زوجة الشهيد قرنق منذ وفاته حتى اليوم ؟

    تلك شكوى قرأتها للسيدة ربيكا قرنق في احد اللقاءات الصحفية

    هسه لو كانت زوجة (شهيد) جميلة وعلى السكين ..
    كان (خطب) ودها واتزوجها ..

  2. كان كلامو حلو خالص لما القى خطابه يوم دفن قرن بجوبا وعمك انتكس لانه بيطارد في همومه الخاصه ومشاكل السودان الكثيرة ومن حقه يتجاهل كل شيء لان الزول ده لو كان شخص ثاني كان انتحر من المشاكل

  3. موت قرنق كان آية من آيات الله الداعية للتفكر:
    الرجل حارب ربع قرن من الزمان و عندما أحس بالأمن جآءه الموت.
    كما كان سببا لموت الملايين و هو حي كان موته سببا لموت المئات فالرجل شؤمه لا يرضى أن يفارقه حتى بعد موته.
    كذا الحال هو حال الرؤساء الجائريين و أباطرة الحرب يخلفون وراءعم الدمار الشامل الذي تبقى آثاره لأجيال و يحرصون على تربية و تعليم أولادهم علي أحسن وضع و من مال الذين سكبوا دمائهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..