عبود الزمر : لا خوف من عودة الظواهري لمصر لكن أميركا لن توافق على رجوعه

محمد عبده حسنين

قال عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، مؤسس حزب البناء والتنمية، الجناح السياسي للجماعة، والذي حصل على 16 مقعدا في البرلمان المصري الجديد، إنه يرحب بعودة أيمن الظواهري قائد تنظيم القاعدة إلى مصر مرفوع الرأس وبأمان، مؤكدا أنه ليس خطرا على البلاد، لكن أميركا ستعارض ذلك.

وروى الزمر في حوار مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف هواجسه وذكرياته حول ثورة يناير التي يرجع إليها الفضل في إطلاق سراحه، بعد 30 عاما قضاها في السجن عقب مقتل الرئيس المصري أنور السادات. وقال الزمر: «كنت أدرك أن نظام مبارك سوف يسقط لا محالة.. لأنني أعرف أن مبارك لديه غباء سياسي غير معقول، وكنت أعلم جيدا أنه لن يفهم شيئا».

وكشف الزمر عن أنه تم الإفراج عنه هو وشقيقه طارق الزمر دون أي مفاوضات أو شروط؛ عكس ما كان قبل الثورة، حين عرض عليه الخروج مقابل عدة شروط أبرزها «الموافقة على توريث السلطة لجمال مبارك».. وتطرق الحوار إلى رؤيته للأوضاع في مصر خاصة على الساحة السياسية، وعلاقات مصر مع أميركا وإيران والموقف مع إسرائيل، ومخاوف البعض من «فزاعة» التيارات الإسلامية، خاصة بعد اكتساحهم الانتخابات البرلمانية.. وفيما يلي نص الحوار:

* بمناسبة مرور عام على الثورة.. حدثنا عن ذكرياتك عنها وكيف كنت تتابعها من السجن؟

– في الحقيقة الثورة بدأت كحركة احتجاجية، وكنا نرصدها قبل اشتعالها بأيام من خلال الـ«فيس بوك»، وعلمنا أن هناك حالة قلق شديد لدى قوات الأمن في تقديرها للموقف. وحينها كنا نُحضر وصلات الإنترنت عبر الموبايل ونشغل القنوات الفضائيات التي نقوم بتجميعها مساء سرا ونتابع من خلالها كل الأحداث.

* وهل طالبت أنصاركم بالجماعة الإسلامية بالمشاركة في المظاهرات؟

– لا لا.. أدركنا أن مجموعة الشباب هؤلاء سيقومون بهذا الدور، ونحن دعمناهم فقط معنويا، وأصدرت بيانين: الأول: طلبت فيه مناصرة الشعب والوقوف بجانب هذه الحركة الاحتجاجية باعتبار أن مطالبهم عادلة، والثاني: كان نداء للقوات المسلحة وزملائي العسكريين، وحذرت فيه القوات المسلحة من الاشتباك مع الشعب.

* هل توقعت نجاح الثورة ومن ثم الإفراج عنك؟

– في البداية قلت إنها حركة احتجاجية فقط، لكن بعدما وقع قتلى وإصابات في عدة أيام، توقعت أن يتصاعد الأمر وأن يصل إلى المرحلة الخطيرة وأن يحدث التغيير الشامل، لأنه معروف لدى الشعوب أنه بمجرد أن يسقط قتلى تخرج الحشود.. وخلال الثورة سألني بعض الأشخاص هل ننسحب من ميدان التحرير؟ قلت لهم بوضوح: إذا انسحبتم من الميدان ستقفون بجانبي في ليمان طرة (أي السجن الذي كنت مسجونا فيه)، ولا بد من الصمود في وجه النظام السابق.

* متى أدركت أن نظام مبارك سيسقط لا محالة؟

– حين بدأ مبارك يتنازل.. لأنني أعرف أن مبارك لديه غباء سياسي غير معقول، وكنت أعلم جيدا أنه لن يفهم شيئا. وكنت أقول للإخوة دائما إن مبارك ستكون عيناه على باب القصر والعين الأخرى على باب الطائرة.

* وهل بدأت حينها الاستعداد للخروج من السجن؟

– كنا ندرك أنه عندما يتغير هذا النظام ويسقط، سيكون لنا فرصة جيدة للخروج من السجن باعتبار أن أي نظام جديد سوف ينصفنا، خاصة أننا أنهينا أحكامنا القضائية طبقا للقانون. لأن أي نظام يأتي بعد عملية التغيير سوف يحاول كسب ود أعداء النظام السابق.

* هل اشترطت السلطات شروطا معينة مقابل الإفراج عنك؟

– نهائيا.. خرجت دون أي مفاوضات أو شروط؛ لكن كانت هناك شروط للإفراج عني قبل الثورة، بشكل غير مباشر. فمنذ الثمانينات عرض علينا النظام السابق عددا من الأمور من أجل خروجنا، فقيل لنا لو أنكما انضممتما للحزب الوطني (الحاكم سابقا المنحل حاليا) يمكن الإفراج عنكما.. وفي مرحلة أخرى طلب منا ألا نتكلم في السياسة، وأخيرا وقبل الثورة بشهور كان أخطر شيء، حين قيل لنا: «لو أن عبود وطارق الزمر وافقا على توريث السلطة لجمال مبارك، يمكن أن يفرج عنهما»، وحينها رفضنا وقلنا: «لن نقبل أن يأتي واحد مثل جمال يتولى مسؤولية مصر.. ولو حصل شيء مثل هذا (بأن نقدم شخصا بعقلية جمال حينها) سنصبح خائنين لله ورسوله وجماعة المسلمين».

* وهل تعرضت لأي مضايقات أمنية بعد الإفراج عنك؟

– إطلاقا.. أمارس حياتي الآن بشكل طبيعي بكل حرية، ولم يعترضني فرد أمن أو ضابط شرطة، وأقول ما أريد قوله في أي مؤتمر دون قيود.. وأنا شخصيا متعجب من ذلك!

* انخراط الجماعة الإسلامية في العمل السياسي قوبل باستنكار شديد من جانب بعض الأطراف.. بماذا تفسر ذلك؟

– لأن الجماعة الإسلامية اشتغلت أكثر في المرحلة الماضية بمجال الدعوة؛ لكننا الآن لدينا تطلعات ونتابع جميع الأحوال السياسية ونعمل على تأهيل سريع لقيادتنا على العمل السياسي؛ لكي نستطيع أن نستعيد أوضاعنا على المستوى السياسي ونستطيع استعادة قادتنا السياسيين. ويكفي أن تعلم أن عدد أعضائنا في البرلمان 16 عضوا، دخلوا من أصل 28 مرشحا للجماعة، أي نجحنا بنسبة 60 في المائة، وبالتالي فإن اختيار الناس لنا، يؤكد أن لدينا استعدادا لدخول معترك السياسة.

* يشعر شباب الثورة الآن أنهم لم يحققوا شيئا.. وأن الإسلاميين أكثر استفادة رغم عدم مشاركتهم.. كيف ترى ذلك؟

– هذا كلام غير صحيح، هذه الثورة نتيجة عمل تراكمي ونتيجة جهد طويل وكفاح لا يمكن استبعاد أعمال الجيل السابق وشطبها، وأقول: إن الثورة قام بها 50 ألف شخص هم المجموعة الأولى التي نزلت للميدان. وكثير من الأشياء شاركت في الثورة، مثل نشاط الإخوان المسلمين السابق والحشد الذي قامت به المعارضة الشريفة والصحف والإعلام وجماعات حقوق الإنسان.. والأهم والأخطر هو مبارك نفسه، الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية في هذه الثورة، فشباب الثورة بدأوا، أعقبها نزول الإخوان والسلفيين وكل الجماعات الإسلامية لمساندتهم في مراحل الصمود.

* لكن حتى وإن كان الكل شارك في المراحل التالية.. فإن الإسلاميين أكثر من حصلوا على مكاسب؟

– هذا حقهم، لأن الاستفادة جاءت عن طريق الديمقراطية، فالثورة فتحت المجال أمام حرية التعبير عن الرأي، فاختار الشعب من أراد أن يختار. فلما اختار التيار الإسلامي قيل إنكم استفدتم أكثر.. لا أحد خطف شيئا.. الشعب هو من اختار، وقال هم من يمثلونني.

* هناك فزاعة لدى البعض من وصول الإسلاميين للسلطة.. كيف ترى ذلك؟

– هذه أوهام. من يشعر أن التيار الإسلامي سيفعل كذا وكذا.. كلها أحاسيس ناتجة عن بقايا سيطرة إعلام مبارك.. لا بد أن نعلم أن الإسلاميين لم يصلوا وحدهم للسلطة وهناك قوى أخرى ممثلة في البرلمان معنا، ونتحرك بالوفاق ونسمع الجميع، ولا يوجد أي خوف.. وأقول إن «الراجل اللي عنده دين لا يخاف منه.. لأنه يتقي الله».

* قيل إن نواب الجماعة الإسلامية سيسعون لتطبيق الشريعة فورا.. ما حقيقة ذلك؟

– كل من انتخب التيار الإسلامي انتخبه من هذا الباب وهو أن يطبق شرع الله، وقضية الشريعة لا يجب أن نخاف منها لأنها تحمي حقوق الناس.. وسنسعى لتطبيق ذلك لأنها مرجعيته التي بنى عليها نائب البرلمان ترشيحه، والقوى الشعبية تقف وراءه، وقالت له: «اخترتك لتطبيق شرع الله. وليس معنى هذا قتل المسيحيين أو الخصوم أو المعارضين». لكن الشريعة الإسلامية ليست في المقام الأول للتطبيق حاليا، لأن الذي نسعى إليه يتعلق بقضايا الإصلاح وإتمام محاكمة المسؤولين في النظام السابق وحل المشكلات الاقتصادية والصحية التي يعاني منها المجتمع.

* ستطرح الجماعة الإسلامية في البرلمان مشروع قانون للعفو عن السجناء السياسيين، ما هي رؤيتك للتعامل معهم؟

– هذا مهم جدا، هناك أشخاص ظلموا في عهد مبارك تابعون للجماعة والجهاد، ولم يقتلوا أحدا، وكل ما في الأمر أنهم اختلفوا معه وكانوا يريدون إقامة الشريعة الإسلامية، وليس معقولا أن يظل الوضع كذلك فلا بد أن يعفى عنهم، بالإضافة إلى المطالبة بعودة الدكتور عمر عبد الرحمن من سجون الولايات المتحدة وكل الطيور الموجودة في الخارج.

* وهل في حال أراد زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري العودة لمصر.. يسمح له بذلك؟

– لا أظن أنه سيأتي.. لكن لا أمانع أن يعود كل هؤلاء لبلادهم بشرط توفر الأمان لهم، فلا مانع من عودة الظواهري لوطنه سالما معززا مكرما. ونرحب بعودته مرفوع الرأس، بعد انتهاء المعركة مع نظام مبارك؛ هناك مشكلة في أن الولايات المتحدة لن توافق على رجوعه وستمارس ضغوطا حتى لا تقبله مصر.

* ألا ترى في عودته خطرا؟

– وجوده ليس خطرا على مصر، فأمثال الظواهري كانوا مختلفين مع النظام السابق وخطورتهم فقط كانت على هذا النظام وليس على مصر، وهو يقوم الآن بتحرير أفغانستان والعراق.. وأعتقد أنه لن يأتي.

* هل هناك أي اتصالات بينك وبين أعضاء تنظيم الجهاد في الخارج؟

– لا يوجد، أبعد نفسي حاليا عن ذلك لأني أخذت الخط السياسي، وأغلقت صفحة الماضي، نتيجة أنه فتحت لنا أبواب العمل السلمي.

* كيف ترى العلاقات مع أميركا وإسرائيل في الفترة المقبلة.. بعد صعود الإسلاميين؟

– يجب أن تكون العلاقات مع الولايات المتحدة علاقات موازنة في إطار المصلحة العامة، وطالما أنها تقف مع الإرادة الشعبية، فأظن أنه ستكون هناك علاقات طيبة نحو التعامل معها، إنما لو أصبح هناك تآمر من بعض الدول لتعكير صفو البرلمان أو تسليم السلطة، سيكون له تأثير على العلاقة بأي دولة. وبخصوص إسرائيل، هناك معاهدة سلام ثابتة موجودة، لا أحد يتحدث عنها؛ لكن نرى أنه يجب تطويرها بما يحقق مصلحة مصر وبالاتفاق بين الطرفين.

* ماذا عن العلاقات مع إيران.. وهل ترى أن إصرار مصر على إزالة الجدارية التي تضم اسم وصورة خالد الإسلامبولي قاتل السادات.. شيء منطقي أم لا؟

– كان هناك موقف غير منطقي من النظام السابق ضد إيران، فمن الغباء السياسي أن نأخذ موقفا معاديا لإيران، وكان من الممكن أن نتعامل معها بشكل أفضل لصالح المنطقة. لا ينبغي أن تقطع العلاقات مع إيران من أجل وجود شارع باسم خالد الإسلامبولي، وفي الوقت نفسه مصر صامتة على لوحة كبيرة مرسومة على بوابة الكنيست الإسرائيلي تشير إلى أن إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات. أرى أن هذه أشياء تاريخية لا يجب على مصر أن تجعلها أزمة ومعركة دون داع. لا يجب أن تطالب مصر بإزالتها.. لماذا يغضب مصر تمجيد خالد في إيران؟ ونفترض أن دولة تطلق اسم مبارك على أحد شوارعها أو بها مقر باسمه، هل ستأخذ الثورة منها موقفا وتقطع علاقاتها؟ أنا لست ضد خالد وكان له موقف صنعه بعد استشارة بعض أهل العلم.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..