مقالات سياسية

هنا مقبرة الشرطة

إسماعيل البشارى زين العابدين حسين

فى مقال له بصحيفة الراكوبه قال الأخ العقيد شرطة (م) عباس فوراوى بأن وزارة الداخليه ثمرة محرمة على رجال الشرطه وليس ردا عليه ولكن رأيا أراه قد يكون صوابا وهو يحتمل الخطأ رأيت بدلا من التعليق على مقاله كتابة هذا الرأى ليشاركنا القارئ الكريم فى التصويب.

ماأورده كاتب المقال عن مقولة المرحوم الزبير محمد صالح هو حقيقه فمن تلك الفتره لم تبدأ الشرطه أو الجيش أو الخدمه المدنيه بل بدأت كتابة تاريخ وفاة تلك المؤسسات جميعا !!ولأننا بطبعنا عنصريون !!

عنصريون لمهنتنا ينسينا هذا أن نتبين(أحيانا) مواقع الصواب والخطأ . فالشرطه كجهاز خدمه مدنيه يتعامل مع أرفع وأرقى المؤسسات العدليه والقانونيه فى العالم ويضم كوادر تفهم فى القانون وأقلها الإجراءات القانونيه , كان حريا بأى نظام أن ينأى بها بعيدا عن مستنقع العمل السياسى ولكن النظام كما أسلفنا دفع بكل مؤسسات الدوله لهذا المستنقع الآسن ,ليس حبا فى الدوله ولا فى تلك المؤسسات ولكن لتبقى تدين له بالولاء والطاعه والتبعية العمياء بعيدا عن المهنيه المطلوبه عالميا !!

وهذا مايسمونه فى قاموسهم بفقه التمكين وهو تمكينا لجماعة من مفاصل السلطه فى الدوله!! وقد قام دهاقنة القوم فى سنى نظامهم الأولى وجعلوا لكل مؤسسة عسكريه وشبه عسكريه صنوا فالدفاع الشعبى هو جيشهم البديل ولولا وجود الجيش الشعبى آنذاك لجلعوه (الجيش الشعبى ) وجعلوا الشرطه الشعبيه حتى جهاز الأمن العام جعلوا له صنوا وهو الأمن الشعبى ممايؤكد عدم ثقتهم بعناصرهم داخل تلك المؤسسات . وقد إستغلوا ضعاف النفوس فى هذه المؤسسات أو الذين قام التنظيم السياسى بتجنيدهم سابقا وصاروا معاول هدم وساعدوا فى عملية إختراق كل المؤسسات بتعيين تابعيهم ومن تبعهم بسؤ !!

ولا أنسى ذلك المدير العام لشرطة السودان فى بداية العام 1992 ونحن على أعتاب التخرج من كلية القاده والأركان وقد جاءنا الرجل محاضرا وفى ختام محاضرته قال (أنا فى إدارة الشرطه لى بغل ) وأردف القول (مابغل عديل صبركم على البغل دا الإحتياطى المركزى)أبوطيره اليوم فقد قال إنه ليس بشرطى كامل الدسم ولا بعسكرى جيش مدرب !! وقد أدركنا أن الرجل يعلم حقا واجباته الشرطيه ولكنه كان لماحا فقد أدرك بأنه ليس رجل المرحله !!

رجل الشرطه فى كل العالم حتى ملابسه أو (الزى) الذى يؤدى به واجباته يكون مألوفا ولا يشعرك بالضيق بل جاذبا إلا فى السودان فهو والجيش سوا فى الملابس وانظر لجارتنا مصر وهذا الأبيض الناصع وفى بريطانيا والعديد من دول العالم ملابس رجال الشرطه غير منفره بل تبعث فى النفس الأمن والطمأنينه ولكنا نرى الشرطه تتحرك مدججه بالسلاح ولديها المجنزرات ولا أنسى ذلك الوزير الزبير بشير طه الذى قال إنه سيجلب طائرات مقالته للشرطه !!ورددت عليه بمقال فى جريدة رأى الشعب !!طائرات مقاتله وليست إعتراضيه وبالمناسبة قوات الدفاع الجوى فى العالم لاتملك مقاتلات بل تملك إعتراضيه فانظر حفظك الله فى وزير الغفله الذى يستورد مقاتلات للشرطه ولاضابط شرطه يقول له كلا ياسيادة الوزير وهذا كان عنوان مقالى!!وأعلم أنه لايمكن لضابط أن يقول له ذلك فمامن علاقه تجمعه بالضباط أو الجنود من الشرطه والذين حوله هم من كان سببا فى الهم الذى ألم بالأمه بأسرها. رجل الشرطه رجل قانون وليس مقاتلا إلا عند الضروره القصوى وحسب مقتضيات الأمن وظروف البلاد ووفق قانون ودستور ينص على ذلك وليس نفيرا !!

لإفراغ الشرطه من مضمونها قاموا بتطبيق بعض اللوائح والقوانين العسكريه البحته على الشرطه وأوهموا الشرطه بأن تلك مكاسب وهى خسران مبين وعلى سبيل المثال خلقوا جسما شبيها بالإستخبارات العسكريه وأسموه (الأمنيه) ولو تمعن القوم وتدبروا أمرهم بقليل من التفكير لعلموا بأن كل رجل شرطه فى حنيايا صدره يعيش رجل أمن وأقلهم خبره وتجبربه يكون قد نال تطعيما أمنيا فهو يرصد كل ظاهرة شاذه ويضع بين جنبيه أجابات لإسئله مثل (من) و(متى)و(أين)و(كيف) و(لماذا)وهذا تشكيك سلامة جهاز الشرطه!!

أما أمر الوزارة فأقول كنا ضباطا برتب صغيره نستمع لأقوال قادتنا بإهتمام بالغ وكأنها كتب منزله وقد كان جلها حقا وحقيقه !! فقد قال العقيد أ.ح محمد العباس الأمين اللواء دكتور الآن وأقسم بالله لم ألتق به منذ العام 1986 ولم أهاتفه فهو لايعرفنى معرفة مباشرة فقط كتائب متجاورة !!قال لنا إن قدامى قادتهم قالوا لهم ياأبناء إن أجمل الفترات التى مرت بها القوات المسلحه كانت فترة تولى (المدنيين) لهذه الوزارة !!!

فالسيد الوزير المدنى لايتدخل فى الأمور العسكريه البحته ومن مكتبة بالوزارة لايكثر التجوال فقط مروره (بالقرقول) الحرس عند الصباح ولكنه عندما يجتمع بالقائد العام وهيئته ويتسلم الميزانيه أو أى طارئ يقدمونه له سرعان ماتتم الإستجابه له !! فالوزير هو سياسى فى المقام الأول ولكنه عندما يكون عسكريا فهو يتعامل مع هيئة القياده بتلك الأقدميه العسكريه وقد يقوم بتغيير كل مايطلبون حسب رؤيته ولو كانت مخالفه لما تم الإتفاق عليه ولو كان فيها خروجا عن الهدف الرئيس الذى تم طلبه بواسطة الهيئة !! ومادام عسكرى بماكينة سياسى فقد يؤلبه زملاؤه من الساسه عليكم فينقلب عليكم مستخدما سلطاته العسكريه والسياسيه فيعيث فى الوزارة فسادا !! وللسيد كاتب المقال والقارئ نقول انظروا حولكم وسنكتب لاحقا بإذن الله عن سياسة وزارة الدفاع تحت وزير من العسكريين وتحت حكم العسكريين (المزعوم)!!!

لهذا فضابط الشرطه المتمرس يكون جل همه تلك الإدارات وليس الإدارات والهيئات على النمط العسكرى التى جئ بها بدعا وضلاله لجسم الشرطه !!ضابط الشرطه ومديرها المدرك لواجباته يتركز همه فى الإدارات والأقسام ويقرأ خارطة الجريمه فى كل أقاليم البلاد ونوع تلك الجرائم ووسائل مكافحتها وينقب ويبحث ويصل للضباط والأفراد من ذوى الخبره والتجربه الذين يمكن أن يدفع بهم لتلك المواقع حدا لتلك الجرائم !!

فلا دخل له بالمجنزرات والدوشكات والراجمات إلا فى حدود نص عليها قانون ودستور البلاد !!

ولو تمت الإستجابه لندائك عزيزى فوراوى فلاتظنن أنهم سيأتوك برجل شرطه من الرعيل الأول الذى كان محط أنظار رجال الشرطه !!كلا سيأتوك بصنيعة من صنايعهم وعلى قول المثل (المتعوس وخايب الرجاء) ولست بشرطى ولكنى أقسم بأن الشرطى المحترف لن يرضى بأن يكون وزير (ماسوره) تملى عليه قرارات وزارته والراحل محمود شريف جمعتنى به صدفه مواقع العمليات ولحسين خوجلى حديث عنه ومعه ولا أدعى علما أو علاقه به قبل ذلك ولكنه ترك الكهرباء للتدخل فى شئون إدارته لها وهو من بنى جلدة القوم فكيف بعسكرى حسب مفهوم القوم علما بأن الشرطه ليست بعمل عسكرى وإلا لما تم إطلاق إسم الشرطه العسكريه على شرطة الجيش وهذا عالميا لأنها تقوم بمهام شبه قانونيه وتتعامل فى شأن المرور للمركبات فى الميدان وتقوم على حراسة معسكرات الأسرى وتقديم الجناة للمحاكم العسكريه والمدنيه !!!

أقول هذا وصدى حديث مدير عام شرطة السودان المحاضر بكلية القادة والأركان يتردد صداه فقد كان شرطيا بأمتياز !!!أحييه حيا وميتا ومد الله فى عمره !!!!

لهذا يظل تولى ضباط الجيش أو الشرطه لتلك الوزارات التى ينتمون إليها بدعه وضلاله ورشوه وأنت أيها السيد فوراوى أعلم بمضار الرشوه فكيف بنظام يرشو ويعلم الرشوه ؟؟ هو فاسد لنفسه ومفسد لغيره لامحاله !!

نحن بحاجه لإعادة الشرطه وكافة مؤسسات الدوله لسيرتها الأولى بمهنية عاليه وإحتراف بعيدا عن هوى الساسه وسوق النخاسه التى ساقنا ويسوقنا إليها القوم !!!!

أما حديثك عن إسم الوزير وكونه لاشبيه له بالوزاره فتلك رشوة أخرى !!!

أتمنى ألا تكون وألايكون حديثك صحيحا أتمنى ذلك فقط !!!وأختم بحديث نائب الرئيس الزبير من هنا تبدأ أو بدأت الشرطه وأقول كان الرجل صادقا فقد تم تشييع الشرطه الحقيقيه وقبرها ومنها بدأت شرطة النظام وتفرعت حتى صارت النظام العام وتلك كانت( مقبرة الشرطه)حيث ووري جثمانها الثرى !!!

لا للترضيات ولا لعسكرة الوزارات وليلج كل شخص ميدان السياسه بفهمه وليس من موقع عمله أو قبيلته بفهمه وعطائه فقط .فتلك الثمرة أخرجت آدم وحواء من الجنة وثمرة الوزارة أخرجتنا من الدول الفاشله للدول الأكثر فشلا وفيها أصبحنا الرقم (1).

[email protected]

تعليق واحد

  1. سعادة:العقيد إسماعيل البشارى…التحية لك وأنت تكتب.. بلسان صدق رصين..

    الشرطة تنمو وتتطور مهنياً..تدريباً وتثقيفاً.. في العهود الديمقراطية
    و وتضمحل وتقل مهنيتها.. وتزبل في عهود العسكرة..الإنقلابات العسكرية

    في الديمقراطيات يكون الوزير مدني وسياسي ومرافب حزبياً وشعبياً وبرلمانياً.. عارفاً حدوده… ولا يتدخل في العمل الفني..
    لكن في الإنقلابات العسكرية.. عندما يكون الوزير عسكري.. لا يمكن أن تخرج منه.. روح الإستعلاء.. والصلف .. المستمدة مِن مَن يحكم.. بداخل القصر القادم… من علي صهوة دبابته… وبالتالي يرمينا بوزير..متجبر متعسكر..كما علمتنا التجارب..وأورثتنا الحقب العسكرية..

    فيضر بالشرطة..ويتجاوز القانون…وينعكس ذلك.. على الداخلية..وعلي المواطنيين سواء.. فتضيع الحقوق.. ويتفشى الظلم.. كما هو ماثل..جهارا نهارا

    المفاهيم العدلية تسطع في العهد الديمقراطي.. وتبسط الحريات.. و تؤول مهام الأمن العام، إضافة الجنائي، للبوليس.. تحت إشراف لسلطه القضائية.. وتحت بصرها..أو سلطات تطبيق القانون النيابات..

    من فتح البلاغات وأوامر القبض.. والحراسات حتي وصول البلاغ أمام القاضي ..
    الإجراءات.. القانونية واضحة و معروفة و يتاح للمتهم مقابلة محاميه.. و ذويه..و تخضع الحراسات الشرطية.. لتفتيش القضاء والنيابات.. للتأكد من عدم إسنغلال السلطة.. والحجز غير المشروع.. ولمرور.. القضاة.. و وكلاء النيابات.. وكبار الضباط المناوبين.. مما يجعل معاملة المتهم حسنة وقانونية.. تحفظ كرامته الانسانية وتراعي.. حقوقه الاساسية كإنسان.. وتحميه..كمتهم لم يدان …

    أما في الأنظمة العسكريه..يكون الإنقلابيون.. حديثي التجربة في الادارة المدنية.. فيشرعوا في تكوين الاجسام الأمنية المنحازة.. خوفاً علي عروشهم.. وبإستمالة العناصر الرخوة..من الأجهزة الأمنية برشوة الترفيع وقوة التمكين .. فتضيع حقوق المواطن.. ويتفشى الظلم.. وتنطلق ويلات القبض العشوائي و الحجز الجائر غير القانوني… و تنشر بيوت الأشباح..و تتحمل الشرطة عبء الظلم الذي وقع..

    لاحظ الفرق بين الوزراء المدنيين في العهود الديمقراطية .. مثل الأمير عبدالله عبدالرحمن نقدالله (الكبير).. طيب الله ثراه.. وسيد أحمد الحسين.. أنعم الله عليه بالصحة والعافية…الخ

    وبين الظلم الذي وقع علي الشرطة نفسها والمواطنيين.. سواء.. بإستخدام السلطة..وإستخدام القوة الباطشة..حد الموت ضد المواطنيين العزل.. حجم إنتهاكات حقوق الإنسان والفساد..في عهود هؤلاء.. لدرجة أن قدم (فيصل ابوصالح) إستقالته…

    العقيد: فيصل أبوصالح
    اللواء: الزبير محمد صالح
    اللواء:عبدالرحيم محمد حسين
    العقيد:بكري حسن صالح
    اللواء:الطيب سيخة
    الدبّاب: بروفسير الزبير بشير طه

    ___________

    * علي فكرة الشرطة حظيت بمنصب وزير للداخلية..خلال فترة الحكومة المدنية الإنتقالية “حكومة الجزولي دفع الله”.. وهو سعادة الفريق شرطة عباس مدني.
    *واللواء عبدالوهاب إبراهيم( في عهد الطاغية نميري)

  2. والله احييك تحية خالصة لوجه الله ياساعتو اسماعيل علي هذه المحاضرة القيمة الرفيعة .. يااخي دى فعلا محاضرة .. يااخي انتوا كنتو وين في الليلة ديك .. وفكيتو لينا الديك ده ..الله لاكسبو في الدنيا والاخرة ..

  3. أعجبنى عنوانك وتمنيت القبر لهذة البؤرة الإستثماريةالفاسدة التى تنبت قمعا.وذلا وجريمة. فى حق رب نعمتهاالمستنكحة من ضرائبه..وفق صاحب المقال فى جوهره عندما أورد.*(.فالشرطه كجهاز خدمه مدنيه يتعامل مع أرفع وأرقى المؤسسات العدليه والقانونيه فى العالم ويضم كوادر تفهم فى القانون وأقلها الإجراءات القانونيه , كان حريا بأى نظام أن ينأى بها بعيدا عن مستنقع العمل السياسى)..*(رجل الشرطه فى كل العالم حتى ملابسه أو(الزى) الذى يؤدى به واجباته يكون مألوفا ولا يشعرك بالضيق بل جاذبا إلا فى السودان فهو والجيش سوا فى الملابس)…نعم صدقت فالشرطة جهاز مدنى ينبغى إعادة تأهيله وستراتجية تدريبه.وإختصاره على مهامه القانونية..لمكافحة الجريمة( فقط) نحو مجتمع آمن .. والغاء (الرتب والألقاب) الموازيه (للعسكر) وقد تكون أسوة بمنسوبى الحكومة (المحلية) سابقا أو الطيارين وبألقاب ..(مفوض ..مفتش.. الخ)..وتتبع الشرطه للولايات وبجهاز (تنسيق) أتحادى..ويشرف عليها القضاء المستقل.وتذهب المهام المثقلة بهاالى جهات مدنية أخرى… بدء بالجمارك(المالية) ..والرقم الوطنى (الإحصاء).. والجوازات(الخارجية)..والسجون (القضائية)..والمطافى(البلديات ).والمرور (المحليات)وتلغى وتحاسب أفرع القمع والذل من مجتمعية. وأمنية. واللكترونية. والى أخر الأدران.وعندها نعود للحياة المدنية.بمظلة الإمان والقانون وأرادة الأنسان الحر..وحتى لانفاجأ..(بالبيان الأول) من رتبة شرطية..تترقى إلى ( رتبةحقير)آخر…وثورة حتى الكنس والنصر ..نحن رفاق الشهداء ..الصابرون نحن..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..