حينما يتداعي الشرق ..وتسقط الانسانية (2)

“تجار البشر” ينعشون تجارتهم باطفال المدارس
الشرطة تعثر علي “جثة” شاب منزوعة القلب والجهاز التناسلي

تظل البوابة الشرقية لبلادنا هي مبعث الريح العواصف الهوجاء والثغر الذي تلج الينا عبره كل جرائم الاخرين من محيطنا القريب والبعيد ..وتظل كذلك مكونات هذا الشرق السوداني كتلة من القضايا والتحديات والتداعيات الجسام التي تثير الهواجس لدي الحاكم والمحكومين .
فهناك في شرق السودان وبالاخص في حدود كسلا شرقا تتنامي ظاهرة الاتجار بالبشر تلك الجريمة النكراء التي تتجاوز في غير انسانية قوانين الدول واعرافها قبل ان تكون جريمة مكتملة الاركان في حق الانسان الذي كره الله واحسن خلقه ..فهي اذن جريمة مستوردة تديرها شبكات المافية العالمية التي تتحرك في فضاءات الحدود والصحاري الممتدة لمئات الاميال وبلا رقيب بين دول الجوار الافريقي ولكنها اقتحمت حدودنا .
المعسكرات .. بوابة التجارة
وقد صعدت ظاهرة الاتجار بالبشر كثقافة اقتصادية وتجارية رابحة تنشط وبشكل يثير الدهشة والاسي وتستوجب التدبر والتامل وهي جريمة لا تهتدي الي دين او قانون او اخلاق او حتي اعراف .
يقول الاستاذ محمد طاهر اوشام نائب دائرة همشكوريب الغربية بولاية كسلا ان ظاهرة تجارة البشر في شرق السودان ظهرت متزامنة مع ظاهرة تهريب السلع في ظل ظروف امنية واقتصادية مشجعة علي التهريب مع تزايد معدلات التسلل من اريتريا الي داخل حدود السودان واصبحت هناك معسكرات للاجئين الاريتريين موجودة وبشكل كبير في ولاية كسلا وفي ظل هذه الاوضاع برزت شبكات منظمة من المهربين في تجارة البشر والذين يعملون في مجال تهريب السلع هم الذين يمولون نشاط تجارة البشر وللاسف الشديد فان تجارة البشر انتشرت بشكل كثيف داخل معسكرات اللجؤ بولاية كسلا وهي معسكرات غير مهيأة وتعاني من النقص الحاد في الصحة والخدمات والمياه مما جعل هؤلاء اللاجئين يزحفون ناحية المدن الكبيرة بحثا عن معايشهم وخدماتهم وهنا لابد من مناشدة الامم المتحدة ومفوضية اللاجئين لتامين هذه المعسكرات وتوفرلهم حاجتهم من الغذاء والكساء استجابة للاتفاقيات الدولية .
ثقافة تجارية جديدة ..!
وذاد اوشام قائلا : نحن نعتقد ان هذا النوع من التجارة فيه انتهاك واضح لكرامة البشر ولحقوق الانسان وقد اصبحت تجارة البشر ثقافة اقتصادية و تجارة مربحة للمهربين واصبحت هناك شبكات في مصر والسودان وتتم عمليات التهريب عبر البحر الاحمر وعبر سيناء وهناك مراكز خاصة يتم فيها حبس الضحايا من المختطفين وتمارس فيها كافة اشكال الابتزاز مع ذوي الضحايا ويطلبون منهم الاف الدولارات نظير اطلاق سراح أي مختطف.
حراك برلماني ..!
واشار اوشام الي انهم كبرلمانيين من اهل الشرق سعوا الي معالجة هذه الظاهرة والدفع بها اعلي قمة في الدولة وفي المجلس الوطني كمسألة مستعجلة وذلك منذ اكثر من عام وكنا نريد ايضا تطوير القانون الجنائي لان عقوبة العشر سنوات ليست كافية في مثل هذه الجريمة ولابد ان يكون هناك تنسيق او تفاهمات بين السودان واريتريا واثيوبيا للحد من تنامي ظاهرة الاتحار بالبشر عبر شرطة موحدة وحدود امنة .
وعبر الاستاذ اوشام عن بالغ اسفه بان كل هذه الجرائم تتم داخل الاراضي السودانية واضاف :ولكن اعتقد ان الاخوة في ولاية كسلا بداؤا في التحرك فاصدر المجلس التشريعي هناك قانونا خاصا للحد من ذات الظاهرة كما ان البرلمان القومي صادق مؤخرا علي قانون مكافحة تجارة البشر ونعتقد انه قانون رادع تصل عقوبته حد الاعدام خصوصا ان القانون الجديد نص علي تشكيل لجنة عليا لمكافحة التهريب ونص ايضا علي انشاء محكمة خاصة ونيابة خاصة .
وما نرجوه نحن كنواب ان يشرع مجلس الوزراء فورا في انزال القانون علي ارض الواقع وتكوين الشرطة الخاصة والنيابة الخاصة والمحكمة الخاصة علما باننا نلحظ ان هذه الظاهرة خفت حدتها الان بعد اجازة هذا القانون من البرلمان.
تهتك النسيج الاجتماعي ..!
ومن اكبرالمخاطر التي ورثتها مجتمعات شرق السودان جراء هذه الظاهرة ان النسيج الاجتماعي بهذه المجتمعات تاثر سلبا بهذه الظاهرة وبالاخص المجتمعات القبلية التي كانت هي في اشد التماسك ولكنها الان اصبحت مهددة بعدم الاستقرار وعدم التعايش ولهذا فان تجارة البشر تشكل خطرا كبيرا علي مكونات شرق السودان بعد ان اصبح الانسان هناك يباع ويشتري في اعضائه لبعض شبكات الاجرام المنظمة في كل من مصر والسودان وهذا يستوجب تكامل الجهود بين مصر والسودان من اجل مكافحة هذه الظاهرة .
وفي تعليقة علي ظاهرة اختطاف الطفل حافظ عبدالله الذي نشرنا حكايته الايام الفائتة اوضح اوشام ان اسرة هذا الطفل عانت كثيرا في سبيل عودة ابنها من اسواق التجارة العالمية خصوصا انه تعرض الي ضغوط نفسية كبيرة وتعزيب قاس في رحلة اختطافه التي امتدت لاكثر من عام ونصف العام وهو يحتاج الان الي ادماجه في المجتمع والحاقه بالمدارس .وقال اوشام ان هذا الطفل ادلي بمعلومات هامة وخطيرة ذكر فيها مجموعة من الاشخاص باسمائهم يجب ملاحقتهم ومحاسبتهم ومحاكمتهم علنا بالقانون ولكن اذا لم يطبق هذا القانون فان شرق السودان سيصبح مسرحا كبيرا للتنازع الاجتماعي .
وتحاشي الاخ اوشام ان يذكر جهة محددة تمارس هذا النوع من الجرائم ولكنه اشار الي ان هناك عدة عناصر معلومة لدي المواطنين ولدي الشرطة فلابد ان ياخذ القانون مجراه
التجارة داخل الخرطوم ..
وطبقا لافادات الاخ اوشام فان الظاهرة يتسع مداها وتقتحم المدن الكبري وبالاخص الخرطوم لتصبح سوقا اخر لبيع اللاجئين الاثيوبيين والاريتريين حيث يتم القبض عليهم في مناطق تواجدهم وتحديدا في منطقة الديم جنوب الخرطوم وعبر سماسرة محددين ليتم بيعهم الي شبكات اجرامية عالمية وحزر اوشام من الوجود الاجنبي الكثيف داخل المدن السودانية بدون اوراق ثبوتية ويجب طردهم فورا لان وجودهم هذا يعتبر خصما علي المواطن السوداني في معاشه وخدماته وقال نحن كنواب سنقدم مسألة مستعجلة في هذه القضية للسيد وزير الداخلية فنحن مثلا في كسلا نعاني من شح في الوقود والغاز والخدمات والغذاء بسبب ضغط اللاجئين والتهريب فهناك معسكرات للاجئين موجودة في كسلا منذ اكثر من 30 عاما وبالتالي اصبحت مدن سودانية ويجب علي الحكومة مراجعة هذه المعسكرات ..لمعرفة هل فعلا تنطبق عليها الشروط والاتفاقيات الدولية وعلي معتمدية اللاجئين القيام بكل واجباتها لحماية هؤلاء اللاجئين حتي لا يتعرضوا للاختطاف من قبل شبكات الاتجار بالبشر .
تعاقدات سرية للتهريب ..!

وفي مدينة كسلا تتحدث تقارير خاصة عن انتعاش هذه ظاهرة الاتجاء بالبشر حتي ما عاد هناك حياء او تحفظ في ان تناقش هذه الظاهرة كثقافة جديدة علي المستوي العام كما ليست هناك اي جريرة في ان تنشاء شركات خاصة وافدة من اريتريا من بعض دول الجوار مثل اريتريا للممارسة هذا النوع من النشاط التجاري وبعض المصادر الخاصة ابلعت “الانتباهة” بان هناك هذه الشركات المهربة للبشر ربما وجدت السند والرعاية والغطاء حتي تتحرك في امن وامان باعتبار ان تجارة البشر تدر علي اصحابها وحتي المتحالفين معها اموالا كثيرة خاصة ان بعض التسريبات اشارت الي ان الاسابيع الماضية شهدت تحالفات وتعاقدات سرية داخل كسلا بين اطراف سودانية واخري اريترية للممارسة التهريب عبر الحدود .
لجنة خاصة لتقصي الحقائق ..!
ويبدو ان الاخوة في مجلس الولايات انتبهوا مؤخرا لخطورة تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر حيث ابلغ “الانتباهة” المهندس محمود محمد مجمود رئيس لجنة التشريع والشوؤن القانونية بمجلس الولايات انهم شكلوا لجنة خاصة الايام الفائتة لزيارة ولايات الشرق الثلاثة (كسلا والبحر الاحمر والقضارف) السبت المقبل لمناقشة ثلاثة ملفات رئيسة اولها ملف الاتجار بالبشر في الشرق وملف صندوق اعمار الشرق والملف الثالث خاص بالحكم المحلي وبحسب افادات المهندس محمود فان الزيارة يقوم بها وفد رفيع من المجلس للوقوف ميدانيا علي هذه القضايا .
اختفاء 8 من طلاب المدارس ..!
وكشف محمود ان هناك تقارير مخيفة ظلت تصلهم من الشرق اخرها ما حدث الاسبوع الماضي حيث اختفي ثمانية اطفال بريفي كسلا عندما كانوا في طريقهم من المدرسة الي بيوتهم ولم يتم العثور عليهم حتي الان ورجح الاخ محمود ان يكون هؤلاء الاطفال قد وقعوا في شباك تجار البشر علما بان منطقة ريفي كسلا تعتبر من اكثر مناطق شرق السودان تنشط فيها عمليات الاختطاف .
ولكن اخطر ما قاله الاخ محمود “للانتباهة” ان الاسبوع الماضي عثرت شرطة البحر الاحمر علي جثة شاب في احدي الاحياء الطرفية لمدينة بورتسودان وعندما تم تشريح الجثة بالمشرحة اكتشف الطبيب ان الجثة منزوعة القلب والجهاز التناسلي
وعلي صعيد ثان عزا الناشط اوهاج ايماني ومنسق برامج المنظمات الوطنية في حديثه “للانتباهة” اتساع نطاف ظاهرة الاتجار بالبشر الي تزايد معدلات تسلل وهروب الاريتريين الي داخل الحدود السودانية مما جعلهم عرضة امام شبكات الاجرام مشيرا الي ان هذا هؤلاء الاريتريين يفرون من الخدمة الوطنية الي السودان والذي يعتبرونه معبرا لطلب اللجؤ في بلدان اخري .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..