الرئيس السودانى وباقى المتهمين فى ورطة

المادة (12 إلى 15) من النظام الأساسى جاء فى فحواها مايفيد أن سلطة المدعى العام مقيدة لدى الدائرة التمهيدية وبالتالى اذا نظرنا الى حالة دارفور فى السودان ( تنفيذ أوامر القبض ضد الرئيس البشير وآخرين ) هى صادرة من الدائرة التمهيدية وأن المدعى العام لايملك سلطة إلغاءها أو حفظ القضية كما يظن البعض الآن فى السودان واتمنى من كل الذين يهتمون بالقانون من رجال القانون أن يستندوا الى ماجاء بنصوص النظام الاساسى للمحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بسلطات المدعى العام لدى المحكمة
( لا تنفذ قرارات المدعي بتحريك الـدعوى من تلقاء نفسه ومباشرة التحقيق إلا بموافقة الدائرة التمهيدية، وكذلك الحال بالنسبة لأوامـر القـبض والتوقيف ) (راجع النظام الاساسى)
فيتضح لنا أن المدعي العام وإن كان يختص بالادعاء أو الاتهام أو الملاحق فهي مقيدة بأخـذ الاذن من الدائرة التمهيدية المختصه بأمر الحضور أو القبض أو الحبس الاحتياطى .
دور مجلس الامن ؟
أعطى النظام الأساسي الحق لمجلس الأمن وبموجب الصلاحية المعطاة له في الفـصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في تحريك الدعوى الجنائية بالإحالة للمدعي العام في الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية فالسلطة المعطاة لمجلس الأمـن بموجـب المـادة (13/ب) لا يشترط فيها أن تكون الإحالة من دولة طرف أو غير طرف .
أما المادة (16) من النظام الأساسي التي نصت على
(لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسـي لمـدة اثني عشر شهراً بناءاً على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنـى يتـضمنه قـرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها)
فهذه المادة أعطت مجلس الأمن سلطة خطيرة يعطل بمقتضاها نشاط المحكمة، فلـه أن يمنع البدء في التحقيق أو يوقف الاستمرار فيه أو يمنع البدء في المحاكمة أو يوقف الاسـتمرار فيها لمدة سنة كاملة
وهذه كانت من أفضل الفرص بالنسبة النظام فى السودان والذى فشل فى الاستفادة من مبدأ التكاملية وإعمال سلطة القضاء الوطنى فى القيام بدوره بنزاهه واستقلالية وكان يمكن للنظام أن يجرى تعديلات جوهرية فى القانون الجنائى الوطنى حتى يتمكن من إنشاء محاكم وطنية تختص بنظر مثل هذه الجرائم محل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ؟ ولكن للاسف انتهت المهلة وتمت إحالة الدعوى من مجلس الامن الى مكتب المدعى العام والذى بدوره قام باقناع الدائرة التمهيدية بالدليل الكافى لمعقولية الدعوى وهى بدورها اصدرت أوامر القبض ؟
حالة دارفور تختلف عن بقية الحالات الاخرى امام المحكمة الجنائية الدولية وبالتالى لايمكن لبعض الاخوة والزملاء القانونيين والمتابعين للشان بحالة دارفور أن يظنوا أن من حق المدعى العام حفظ أوراق القضية أو أن من حق مجلس الامن فعل ذلك أو القيام بتعطيل سير العدالة الدولية ( راجع فى ذلك كل المحاكمات الممائله السابقة مابين الحربين العالميتين وحروب يوغسلافيا وحرب رواندا والمحكمة الخاصة بلبنان )
جل خبراء القانون الجنائى الدولى كان لهم أنتقاد واضح بالنسبة للعلاقة الغير واضحة مابين المحكمة ومجلس الامن والتى قد تطعن فى إستقلالية المحكمة باعتبارها هيئة قضائية مستقلة وليست جهة أو منظمة سياسية تتبع لمجلس الامن ولكن يتضاءل الانتقاد امام بصيص الامل والنور الذى إنبثق من فكرة قيام محكمة جنائية دولية فى مواجهة الذين يتحصنون بالسيادة والحصانات الوطنية عند إرتكابهم لجرائم جد خطيرة وجسيمة تهدد الامن والسلم الدوليين سواء كان هؤلاء رؤوساء ومسئولين كبار أو موظفين حكوميون أو مواطنيين فالجميع سواسيه أمام العدالة الدولية ؟
الخلاصة ليس من حق المدعى العام حفظ القضية أو شطبها أو اجراء تسوية بشأنها كما ليس من حق مجلس الامن تعطيل عمل المدعى العام ولايجوز لمجلس الامن بعد ما أحال الدعوى الى المدعى العام بعد مرور 12 شهرا أن يسحب الدعوى مرة اخرى ؟ مع العلم أن حالة دارفور خرجت من مكتب المدعى العام الى الدائرة التمهيدية التى من المفترض أن يمثل الرئيس السودانى امامها مخفوراً مقبوضاً ؟ ماقامت به بنسودا هو عين الصواب وإختبار حقيقى لارادة المجتمع الدولى نحو حفظ الامن والسلم الدوليين ؟ ولازال نكرر بأن حالة دارفور تواجه مشكلة المصالح الكبرى لدول مجلس الامن (الصين وروسيا وأمريكا)
على الجميع أن يعلموا ماهو الفرق بين سلطات التحقيق لدى المدعى العام وحفظ الدعوى (القضية ) والتى هى الان معروضة امام الدائرة التمهيدية فى انتظار احضار المتهم مخفوراً مقبوضاً ؟
ملاحظة أخيرة ( يحق للمدعى العام اذا حصل على معلومات جديدة تفيد فى براءة المتهم عليه أن يقدمها فوراً ويقنع الدائرة التمهيدية بذلك وفى هذه الحالة اذا قبلت الدائرة التمهيدية بمعقولية هذه المعلومات وانها تصب فى مصلحة المتهم محل القبض تقوم باصدار قرار البراءة ؟
الرئيس السودانى وباقى المتهمين فى ورطة
مجلس الامن الدولى هو الاخر فى ورطة
جمعية الدول الاطراف فى نظام روما جميعهم فى ورطة
القانون الدولى الانسانى وتهديد الامن والسلم الدوليين امام كل هذه الامور هو الاخر فى مهب الريح ؟

المحامى إسماعيل أحمد رحمة رسالة دكتورة فى القانون الجنائى الدولى (إجراءات القبض والتقديم أمام المحكمة الجنائية الدولية والمسؤولية الجنائية لرئيس الدولة عن الجريمة الدولية ومشكلة الحصانات في القانون الدولي)
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا دكتور كيف تقول (الخلاصة ليس من حق المدعى العام حفظ القضية أو شطبها أو اجراء تسوية بشأنها كما ليس من حق مجلس الامن تعطيل عمل المدعى العام ولايجوز لمجلس الامن بعد ما أحال الدعوى الى المدعى العام بعد مرور 12 شهرا أن يسحب الدعوى مرة اخرى)؟
    ثم تقول (ماقامت به بنسودا هو عين الصواب )! إذا كانت لا تملك حق الحفظ (علماً بأن حفظ القضية أو الدعوى في طور التحري شيء مختلف عن حفظ القضية وهي في مرحلة المحاكمة حيث يكون التصرف فيها للمحكمة وليس الإدعاء – كمازدت الأمر غموضاً بقولك (مع العلم أن حالة دارفور خرجت من مكتب المدعى العام الى الدائرة التمهيدية)، فهل تعتقد أن تقديم البينة الأولية وطلب القبض على المتهمين الذي قدمه المدعي العام السابق أوكامبو يعني أن القضية وصلت طور المحاكمة ولا شنو – إن ذلك لم يخرج القضية من يدي الإدعاء بعد لأنه لم يطلب القبض على المتهمين إلا لكي يكمل تحرياته ومن ثم يطلب من المحكمة لاحقاً قبول توجيه تهمة معينة ومن ثم المحاكمة وإلا طلب شطب القضية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..