الإرهاب سيستمر ما لم تحدث معجزة!

نحن ربما مبشرين بالمزيد من العسف والإرهاب فجهزو حالكم (إرهاب المذاهب الدينية والدولة)!

العقود المقبلة ستكون الاسوأ في تاريخ المنطقة وربما على وجه الإطلاق.

الواضح أن تجارب الآخرين لا تغني عن المرور بالتجربة ذاتها مهما كانت سيئة!.

فالصراع الديني الدامي الذي مر به الغرب الاوروبي قبل 400 سنة نحن نعيش بدايته الآن في تصاعد الصراعات المذهبية المسلحة سنة/شيعة، سنة/سنة وشيعة/شيعة (تناطح التيارات المختلفة).

هذه الصراعات بداية لمخاض سيكون عسيرا، صراع دامي سيحصد ارواح الملايين وسينتهي بعد أن يكمل دورته الحتمية والتي أستطيع أن اقدرها ب 50 سنة، سينتهي إلى ذات النتيجة التي انتهى اليها الغرب في الختام وهي فصل الدين عن الدولة كما أيضا فصل العرق والتاريخ عن الدولة.

وليس بالضرورة أن الدولة ستكون بذات الشكل ولا ذات الحدود. وستحدث إصلاحات جذرية في محتوى وشكل الدين تؤدي إلى تلطيفه لكنه لن يختفي من حياة الناس بشكل كلي (ستظل دائما هناك حاجة للدين لملأ فراغ العلم) كما يخبرنا واقع تطور الاديان الاخرى من حولنا.

ففي الغرب الان ومع مرور الوقت أصبح الدين أشبه بحالة فلكلورية بما يعادل عندنا التراث الشعبي من قبيل الأحاجي والحكاوي والأساطير والأشعار الشعبية.

في المقابل فإن الدين مازال يسيطر على خيال الناس في الشرق كواقعة حياتية شديدة الكثافة على المستوى الإجتماعي والسياسي. وهذا الواقع المكلل بالمقدس يثير عدداً من الأزمات الذاتية وفي مواجهة الحداثة والعولمة.

وعندي أن المسيحية كعقيدة مقابلة للإسلام كي ترسو إلى برها الحالي مرت بعدة مراحل كللتها الدماء بما يشبه وربما يفوق حالتنا الداعشية الحالية عدة مرات إذ في حرب الثلاثين عاماً 1618-1648 إنقرض أكثر من ثلث سكان أوروبا الغربية وهي حرب طائفية بجدارة كانت في الأساس بين الكاثوليك والبروتستانت.

تلك الحرب أنتجت رويداً رويداً الرؤى العلمانية الحالية إذ تكشفت عبرها معضلة دمج الدين والسياسة وتسببت تلك الحرب في بذرة وعي إنساني جديد توج بعد عدة حروب وكوراث أخرى فيما هو عندي ما يمكن إعتباره أعظم منتوج على مر تاريخ البشرية وهو: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948. وهذا الإعلان العظيم هو الدين البديل للإنسان الغربي ولعدد من البشر الآخرين فوق كوكب الأرض وهو دين على عظمته له مثل كل الأديان السابقة عليه جوانب سلبية إذ يستطيع أن يستغله البعض في البيزنس الخاص بهم كلما حانت الفرص!.

كما هو مثل كل الأديان السابقة عليه من المحتمل أن يركب سفينته أرهابيون!.

غير أن هناك شي مختلف هذه المرة ذلك أن إرهاب الدين الجديد تقوم به الدول المسيطرة على تلابيب الكوكب لا الأفراد أو الجماعات غير الشرعية بل الدول ذاتها ولكن ليست أي دول الدول التي أنتجت العقيدة الجديدة “حقوق الإنسان ” وهي طبعاً عقيدة غربية ولكن العقائد العظيمة “المقدسة” صالحة لكل مكان وزمان، كما يقولون!.

وعندي إعتقاد آخر متعلق بالأمر ذلك أن الحماس الديني الصاخب في الشرق له علاقة بعاملين جوهريين 1- أن عمر الدين الإسلامي أصغر من المسيحية بستة قرون “عامل الزمن مهم في تراكم التجربة. فالإسلام مازال في مرحلة الشباب وفي قمة عنفوانه.. لذا فهو ساخن!. وهذا خطر لكنه واقع معاش كون الأديان كما يقول لنا التاريخ والواقع المعاش لا تمضي إلى الأمام إلا بالدم.

2- التخلف التقني والتكنلوجي لمعظم مجتمعات الشرق هو نتيجة وسبب للأمية الصريحة والأخرى المستترة و سيادة الخرافة على العقل الجماعي كما هو نتيجة وسبب بذات القدر في التبعية واللا إستقلالية. وتلك هي الدائرة الشريرة التي تعيد كل مرة إنتاج التخلف.

لكن هل من المحتمل ان تحدث معجزة ويسير التاريخ في وجهة ألطف من هذا التصور الذي قد يبدو متشائما في واقعيته؟!. ليس مستحيلا!. فقط سنحتاج إلى أنبياء جدد، بشر يستطيعون حمل مشاعل الضوء ويستطيعون أعظم من ذلك في ذات الوقت: التضحية!.

محمد جمال الدين
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الميثاق العالمي لحقوق الانسان هو تتويج لفلسفة ايمانويل كانط في فكرة الحكومة العالميةأي الفكرة التي ستكون نواة لحكم العالم. وفلسفةكانط في نقد العقل المحض وكتابه الدين في حدود مجرد العقل تضع الدين وهو يبدأء بعد حدود العقل وهذه الفكرة قد وصل لها العقل الاوروربي ومن حقه أن يفتخر على بقية الحضارات التقليدية التي قد ضربت الحداثة صميم بناءها واصبحت حضارة بلا لسان كحال الحضارة العربية الاسلامية التي أصبحت أكبر وأشرس مقاوم للحداثة.
    الحضارة الاسلامية التقليدية اليوم محتاجة الى قطيعة مع تراثها الذي قد وضع نزعتها الانسانية تحت الردم وهذه القطيعة مع تراث الحضارة الاسلامية التقليدية يجب أن يدفع باتجاه مجد العقلانية وابداع العقل البشري كما حدث في تاريخ بقية الشعوب المتحضرة. وحينها يصبح الدين على مقدرة تجعله يستوعب حتى التناقض في فضاءه كما يقول فيلسوف مصر عبد الرحمن بدوي وبالتالي يصبح الدين الاسلامي خاضع للعقل وليس خارخ العقل ليحكم على العقل بفكرة القداسة والتبجيل والايمان.
    وحينما يصبح الاسلام خاضع للعقل وليس خارج العقل ليحكم عليه يمكن أن يصبح الدين مقبول بعد حدود العقل وهذا مكانه الطبيعي ويصبح من الروحانيات التي تقبل في حيزها حتى الذين قد نفد رصيدهم من الايمان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..