الصدقات الضالة .. !!

سفينة بَوْح

الصدقات الضالة .. !! –

من الأشياء الغريبة و المريبة ، هذا الخضم العارم من المتسولين الذي ينشط في شهر رمضان دون غيره من الشهور ، ومن المعلوم أن السِمة المميّزة لشهر رمضان الكريم هو أن تنشط حالة الجود والكرم والصدقات ، لا أن تنشط آفة التسوُّل والخداع الذي إبتلى الله به بعض ضعاف النفوس بما يشبه المرض النفسي ، فبعض هؤلاء يعرفهم أُناس ويعرفون حالتهم المادية ويؤكدون أنهم ليسوا بمحتاجين وأن ما تعتريهم من حالة الخداع والكذب بإسم المرض والغرم وأعذار أخرى تدفعهم للتسوُّل هي في الحقيقة موسمية ولا تواتيهم إلا في شهر رمضان لما فيه من ميل طبيعي لدى الصائمين من رغبة في فعل الخير والرفع من درجات الرضا الرباني بالحسنات المضاعفة عبر المزيد من الجود والعطاء والكرم والصدقة ، لكن أن يصبح هذا الشهر العظيم المبارك موسماً لإزدهار أعمال المخادعين والمدعين من المتسولين من كافة الفئات والأعمار والجنسيات فهو في حد ذاته منكر و يجب أن يُنهى عنه ويُحارب لأسباب عُدة أهمها أن هذه الصدقات في حالة الوقوع في شرك تلك العصابات الفردية أو المنظمة التي تؤم الصرافات الآلية والإشارات وتخوم المساجد وأبوابها إنما يحجبون الحق عن المحتاجين الحقيقيين والذين أغلبهم من أولئك الفئة المتعفِفة والتي إن أمعنت النظر في ظواهرهم وجدتهم من المعتدلين في أمرهم ولا يسألون الناس إلحافا أما حالهم الحقيقي فيغني عن السؤال، أولئك هم من تجوز فيهم الصدقة الرمضانية ومن يستحقونها خصوصاً إذا كانوا من ذوي القربى أو اليتامى أو الطلاب أو الجيران الذين عُرف عنهم حال المسغبة أو المرض والعجز ، ما لا يعرفه المتصدقين وأولي الإحسان أن من واجبهم التدقيق والإجتهاد في تقصي مسارات صدقاتهم وما إذا كانت هي ذاهبة في طريقها الصحيح الذي حضَّ الله عليه ورسوله ، وهذا الإجتهاد فيه دلائل على تقديس هذه الشريعة والرغبة الحقيقية المدعومة بالإيمان في أن تؤدي دورها في المجتمع بالقدر الذي يسهم في بناء مجتمع إسلامي التعاضد والتكافل كما وصفه رسولنا الكريم بأنه كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمى ، أما أن يُخرج المسلم صدقاته وأمواله مستقصداً سبيل الله ورضوانه من باب أداء الشيء على علاته دون تقصي ولا إجتهاد في معرفة الأصلح والأدنى مصلحة ففي ذلك والعياذ بالله شيء من العجلة المشوبة بالإخلال من الحكمة التي بموجبها كان الحض على السخاء والعطاء في رمضان ، فيبدو الأمر حين يتصدق المرء بلا تحري وكأن الصدقة حِملٌ ثقيل يود لو تخلص منه بأسرع وقت أقل زمنٍ و جُهد فيصبح الأمر كأنه واجبٌ إجباري يُؤدى كيفما كان وكيفما إتفق ، على كل فرد منا في رمضان أن يتأمل حوله من أولي القربى من الأهل و الأصدقاء و الجيران من اليتامى و الغارمين والمرضى والعاجزين وأن يعطيهم الأولوية في صدقاته و زكاته ، فإن فعل كل منا ذلك في محيطه الأسري والإجتماعي لإستطعنا أن نغطي أكبر فئة من أصحاب الحاجة الحقيقيين ليستفيدوا من نفحات هذا الشهر المبارك ، أما ما زاد عن ذلك فلا بأس أن نهبه للجمعيات والمنظمات التي تعمل في مجالات معروفة أهمها إغاثة المحتاجين في هذا الشهر الفضيل أو تلك التي تعمل على إدخال السرور في قلوب اليتامى والمحتاجين و المحتاجات من الآباء و الأمهات الذين أعجزتهم ظروف الحياة و صروفها و كذلك المرض عن الحصول على أبسط أشكال العيش الكريم ، تقبل الله منا جميعاً صالح الأعمال وهدانا إلى ما فيه سواء السبيل.

هيثم الفضل
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..